ترجمة: إنصاف العوض
طالبت لجنة حماية الصحفيين الدولية حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إنهاء تعليق صحيفتي السوداني والرأي العام، وقناتي الشروق وطيبة فوراً. وقالت اللجنة: يجب على السلطات السودانية إنهاء تعليق هذه الصحف والمحطات التلفزيونية، والتأكد من أن حرية الصحافة لن تصاب بأضرار جانبية في هذه اللحظة الحساسة التي تمر بها البلاد، فيما انتقد الباحث الأول في لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جوستين شيلاد قرار الحكومة قائلاً إن هناك مفارقة في محاولة الحكومة السودانية الانتقالية قلب الصفحة على نظام قمعي سابق من خلال تقليد تكتيكاته.
وأضاف: يجب على السلطات السودانية إنهاء تعليق هذه الصحف والمحطات التلفزيونية فوراً، والتأكد من أن حرية الصحافة في السودان لن يتم انتهاكها في وقت يصبح الإعلام أهم ادوات التغيير في المرحلة المقبلة.
إدانات دولية
ووفقاً لصحيفة ديلي ميل البريطانية، فان لجنة حماية الصحفيين قالت في صفحتها الرسمية إن على السلطات السودانية إنهاء تعليق صحيفتي الرأي العام والسوداني والقنوات التلفزيونية الشروق وطيبة، والعمل على إضفاء الطابع المؤسسي على حرية الصحافة، وقالت الصحيفة إن السلطات السودانية أوقفت المنافذ الإخبارية الأربعة كجزء من جهد أوسع للاستيلاء على أصول من الحزب الحاكم السابق للرئيس السابق عمر البشير.
وكانت لجنة مكافحة الفساد السودانية أعلنت خلال مؤتمر صحفي عقد في 7 يناير أنه سيتم تعليق المنافذ الأربعة في وقت جاء فيه رجال يرتدون الزي العسكري إلى مقر المؤسسات وأخبروا الموظفين أن أمامهم 30 دقيقة لأخذ متعلقاتهم الشخصية والمغادرة.
في 12 يناير، تم الاستشهاد بنائب وزير الإعلام رشيد سعيد في التقارير قوله إن الحكومة الانتقالية كانت تعلق المنافذ بموجب قانون يجيز للسلطات الاستيلاء على أصول وأموال النظام السابق، وليس بسبب خطها التحريري
مضيفاً بأن التعليق سيستمر حتى يتم الانتهاء من تحقيق اللجنة.
في الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الانتقالية أنها ستغلق اتحاد الصحفيين السودانيين بموجب القانون نفسه، وأثارت هذه الخطوة إدانة الاتحاد الدولي للصحفيين، وهو المنظمة النقابية الجامعة.
ضعف إعلامي
شكل السودان حكومة جديدة في سبتمبر شملت الصحفي فيصل صالح وزيراً للثقافة والإعلام كجزء من اتفاق لتقاسم السلطة بين السلطات المدنية والعسكرية بعد احتجاجات جماهيرية أدت إلى الإطاحة ببشير، وحسبما ذكرت وكالة أسوشيتيد برس، أكد صالح الذي احتجزته السلطات السودانية قبل توليه منصبه، التزام حكومته بحرية الصحافة في بيان صدر في نوفمبر 2019.
وقالت الصحيفة إن الذكرى الأولى للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير تميزت بالعديد من التحديات التي تواجه السلام والاقتصاد
وسط انتقادات متزايدة لدور وسائل الإعلام، حيث يعتقد الكثيرون أن وزارة الثقافة والإعلام كانت تعمل دون أي رغبة في التحسن، فيما اعترف وكيل الوزارة الأول، رشيد سعيد يعقوب، بالضعف في وزارته، لكنه كشف أن فريقه كان يعمل على استعادة صلاحياته، التي استولت عليها أجهزة الأمن التابعة للنظام السابق في مقابلة مع الشرق الأوسط، أشار يعقوب إلى أن الجهود جارية لتفكيك المؤسسات التابعة للجهاز الأمني من خلال المناقشات المباشرة والاتصالات مع قيادة الجهاز الأمني قائلاً أعدت الوزارة هيكلاً جديداً، ستتم إحالته إلى وزارة العمل والمالية ومجلس الوزراء، لبدء العمل في عام 2020 مرشحاً بأن الهيكل الجديد يشمل توحيد إدارات الوزارة التي تم تقسيمها إلى ثلاث وزارات، هي الإعلام والثقافة والسياحة والآثار، وإجراء تغييرات في قيادة أجهزة الوزارة.
إطلاق مشروط
وأشار وكيل وزارة الإعلام إلى الظروف المعيشية الصعبة وتحديات السلام التي يواجهها الشعب السوداني، قائلاً: يواجه الناس ظروفًا معيشية صعبة وأسعار السلع والخدمات في ازدياد مستمر، إلى جانب الندرة في بعض السلع الأساسية، على الرغم من استقرار أسعارها، مثل الوقود والخبز، وكذلك الصعوبات في قطاعي الصحة والتعليم الناتجة عن سياسات النظام السابق
وتوقع يعقوب أن تسهم الميزانية الجديدة في مواجهة هذه التحديات، من خلال تخصيص أكثر من 50 في المائة من الإيرادات لقطاعي التعليم والصحة، وخفض الإنفاق على الأمن والدفاع من 70 إلى 20 في المائة.
اما فيما يخص وسائل الإعلام، استبعد وكيل الوزارة أي تدخل في حريات الصحافة، رغم أن معظم الصحف كانت ضد الثورة وتملكها أو ترتبط بشخصيات النظام السابق، قائلاً: في تعاملنا مع هذه الصحف نعتمد على مبدأ الحرية، الذي يحتل موقع الصدارة في شعارات الثورة. لن نتدخل من خلال الإجراءات الأمنية أو الإدارية ضد تلك الصحف، ما لم تهدد مسيرة التغيير الديمقراطي.
وتعهد يعقوب بإعطاء الشباب السوداني فرصًا داخل وزارته معللاً ذلك لأنهم الوقود الذي ساهم في انتصار الثورة سنعمل على إشراك 250 شابًا في الميزانية الجديدة للوزارة، وسنفتح الباب لتمويل مبادرات الشباب في الفنون والسينما والمسرح والموسيقى.
تفكيك التمكين
وأعلنت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الإخوان بالسودان رسميًا حل وإغلاق ومراجعة جمعيات وكيانات وشركات تابعة للتنظيم الإرهابي ومصادرة أموالها.
وقال نائب رئيس لجنة التمكين عضو المجلس السيادي محمد الفكي سليمان، في حديث صحفي، “إن القرارات شملت حل النقابات واتحاد أصحاب العمل، وإحدى الجمعيات ومصادرة أصولها، فضلاً عن مراجعة جامعة أفريقيا العالمية، واستلام دار حزب المؤتمر الوطني لنظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وأضاف الفكي: تم الحجز على حسابات وأصول قناة الشروق، وقناة طيبة، وحجز أصول صحيفتي الرأي العام والسوداني”، موضحًا أن العاملين بهذه المؤسسات لن يتضرروا.
وقالت مصادر بحسب الصحيفة إن قوة من الأجهزة الأمنية توجهت إلى مقر صحيفتي السوداني والرأي العام، بالإضافة إلى قناة الشروق وطيبة، واستلمت مقارها.
وأقر مجلسا السيادة والوزراء في السودان، قانوناً جديدًا يهدف إلى تفكيك نظام الإخوان وإنهاء سيطرته على مفاصل الدولة، الذي استمر 30 عاماً قضاها في سدة الحكم.
وأجاز المجلسان هذا القانون بحكم أنهما يتوليان – بنص الوثيقة الدستورية- مهمة تشريع القوانين إلى حين تشكيل البرلمان، وهو المستوى المكمل لهياكل السلطة الانتقالية في السودان، والذي لم يشكل حتى الآن بسبب اتفاق مع الحركات المتمردة يقضي بتأجيله لحين تحقيق السلام في البلاد.
وقضى القانون الذي جاء تحت مسمى “تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م وإزالة التمكين” بحل حزب “المؤتمر الوطني”، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان بقيادة الرئيس المخلوع عمر البشير، ومصادرة ممتلكاته لصالح الخزينة العامة، مع حل الواجهات النقابية والمهنية التابعة له.
قصة الأمس
وكانت منظمة العفو الدولية “أمنستي” انتقدت النظام السابق بسبب قمعه للحريات الإعلامية وقالت في تقرير لها آنذاك إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني يشن حملة قمعية غير مسبوقة على وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة، وأحصى تقرير للمنظمة عشرات المصادرات التي طالت الصحف إلى جانب إغلاق عدد من المنظمات، وأكد تقرير “أمنستي” أنه منذ يناير 2015، صودرت أعداد ما لا يقل عن 16 صحيفة، في 42 مناسبة مختلفة، من قبل جهاز الأمن، وخضع نحو 21 صحفياً للاستجواب من قبل الشرطة وجهاز الأمن.
وأشار التقرير إلى الحادثة النادرة بمصادرة عملاء جهاز الأمن لنسخ 14 صحيفة في يوم واحد في 16 فبراير، دون أي مبرر قانوني، وأفاد أن ما لا يقل عن 18 صحيفة تعرضت للمصادرة التعسفية في 52 مناسبة خلال العام 2014.
وقالت نائب مدير البرنامج الإقليمي لشرق أفريقيا ميشيل كاغاري، إنه “بينما يدخل السودان المرحلة التحضيرية للانتخابات، تثير سيطرة جهاز الأمن والمخابرات على ما ينبغي لوسائل الإعلام أن تقول، وما يجوز للمجتمع المدني الإدلاء به من تعليقات أو تصرفات، بواعث قلق عميقة.
وانتقدت منظمة العفو الدولية تبرير المسؤولين السودانيين تصرفات جهاز الأمن، مشيرة إلى دفاع وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال، في 17 فبراير الماضي، عن مصادرة 14 صحيفة خلال يوم 16 فبراير قائلاً إن أي صحيفة تهدد الأمن القومي ستصادر.