استقالة وزير المالية
× أفضل لوزير المالية د. إبراهيم البدوي تقديم استقالته والعودة مرة أخرى لصندوق النقد الدولي بعد أن عجز عن تمرير “الوصفة” التي قدمها إليه خبراء الصندوق والدول الغربية التي ترعى السودان حالياً وتصادمت قناعات الرجل “الليبرالي” بمعسكر اشتراكي لا يزال يؤمن باقتصاد الدعم ودولة الرعاية الاجتماعية.. وتعشعش في مخيلته أوهام الاشتراكية القديمة التي أوردت الاتحاد السوفيتي الفشل وأخيراً التبعية الناعمة للمعسكر “الليبرالي” الغربي..
وزير المالية بعد أن عزم على رفع جزئي لدعم الوقود تمهيداً للرفع الكلي خلال عام واحد تفاجأ بغضبة حكومة “قحت” وتفاجأ أكثر بأن الرجل الذي اعتمد عليه لإسناده قد تنازل هو الآخر عن مواقفه وأذعن لشروط الحاضنة السياسية قوى الحرية والتغيير التي بعد أن هتف بعض منسوبيها مطالبين رئيس الحكومة حمدوك برفع الدعم أثناء خطابه بمناسبة أعياد الكريسماس.. عادت ورفضت إجازة الدعم واختار حمدوك مهادنة حاضنته السياسية وجاء بسابقة مهلة الشهور الثلاثة حتى عقد المؤتمر الاقتصادي ليقرر في شأن الدعم السلعي أو عدمه.. وتمت إجازة الموازنة العامة لمدة ثلاثة أشهر فقط..
وزير المالية إبراهيم البدوي بعد قضية شركة الفاخر التي فاحت روائحها النتنة.. وبعد أن أثبتت الأيام أن الرجل بلا سند حقيقي وتخلى حزب الأمة عن إسناده وهو الذي فضله على خبراء آخرين التجاني الطيب وبشير عمر فضل الله، فإن البدوي بات في وضع صعب جداً.. العملة الوطنية تدهورت وتجاوز الدولار حسب معاملات الثلاثاء التسعين جنيهاً وأسعار السوق تضاعفت عشرات المرات عما كانت عليه في أبريل الماضي لحظة سقوط النظام السابق.. وصادرات السودان من اللحوم توقفت بسبب قرار من وزير الصحة.. وأوقف وزير الصناعة صادر الفول لصالح حفنة من المصدرين وعاد الوزير وأمر بإطلاق سراح صادر الفول السوداني بعد أن “باع” المنتجون إنتاجهم بأسعار زهيدة.. واستفادت مصانع الزيوت من تدني أسعار الفول وضاعفت أسعار الزيوت.. وانشغلت الدولة عن الإنتاج بالمعارك السياسية.. وظل الوزير أي وزير المالية يضع كل رهانه على العالم الخارجي مثله ورئيس الوزراء، ولا يبدي إبراهيم البدوي اهتماماً بالزراعة ولا الإنتاج الحيواني وينتظر سراب المساعدات من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.. ويتمسك بوعود رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية.. ظناً منه أن تلك الخطوة من شأنها أن تنقل السودان إلى جنات النعيم.. وأثبتت الأيام أن هذه الوعود لا طائل من ورائها وحتى الرعاية الخليجية للسودان هي رعاية مذلة وتنتقص من سيادة البلاد وحرية قرارها وعزتها وكرامتها ودعم البلدان الخليجية للسودان مشروط بمطلوبات عديدة مهما اجتهدت الحكومة في الوفاء بها.. فإن هناك مطلوبات أخرى في الطريق.. ولا يتعدى الدعم الخليجي توفير البترول وقليل من القمح الأمريكي والأسترالي!! وحتى هذا الدعم رهين بالأوضاع السياسية المستقرة في المنطقة وأي تطورات على صعيد المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الخليج، فإن الأولوية الخليجية للصراع مع إيران.. والعامل الليبي ودخول تركيا بثقلها وسيطرتها على المياه في المتوسط يجعل الشأن الليبي أولوية للدول الخليجية وبالتالي السودان مطالب بالاعتماد على نفسه والإيمان بقدراته الذاتية وهذا ما لا يؤمن به السيد وزير المالية إبراهيم البدوي مما يجعل استمراره في منصبه الحالي وهو مرفوض من قبل حاضنته السياسية ويحاصره فشل سياساته الاقتصادية وارتفاع الأسعار وقد هزم الرغيف حكومة البدوي 3/صفر.. ولا يزال الشتاء في بداياته ولم يحل علينا الصيف وقطوعات الكهرباء.. وبقية تحديات الواقع الاقتصادي الذي لن “تعالج” أمراضه ملهاة ما يحدث في المسرح السياسي من عبث!!