التعايش مع الآخر
* هناك فرق بين كلمتي يعيش ويتعايش، فالأولى تعني بأن يمارس الشخص حياته حسب فكره وسلوكه وأخلاقه وطبيعته واختياره وحريته، وتوظيف كل ذلك تجاه حياته، أما الثانية فهي أن يحاول الشخص تقريب المسافات بينه وبين الآخر لاختلاف في الدين أو الثقافة أو الفكر والسلوك، وفي هذه الحالة قد يؤثر هذا الاختلاف لإحداث انفصام في المجتمع وتباعد وجهات النظر في بعض القضايا مما يعرقل من وسائل وطرق حلها.
* التعايش يكون بين الشعوب، القبائل، وبين الأفراد في مختلف تعاملاتهم وارتباطاتهم وعملهم في المؤسسات المختلفة، وكذلك بين الطلاب في مختلف المراحل التعليمية. وأخصص هذه المساحة للتعاملات الفردية والجماعية بين مختلف فئات المجتمع، لأن هناك الكثير من الذين يعانون من مشكلات وخلافات سببها عدم توافق في الفكر والسلوك.
* قد تجبرك ظروف الحياة بأن تمكث أيامًا أو شهورًا أو خلافها مع أحد الأقرباء أو المعارف، وكثيراً ما نسمع المضايقات وعدم الارتياح الكامل أثناء تلك الفترة ويرجعه البعض لتأويلات كثيرة وتخمينات لا صحة لها ويتسرع البعض في الحكم على هذا الأمر دون فكر ودراية، وقد يتسبب ذلك في إشعال بعض المشكلات والتساؤلات.
* هناك من يكون دخله المادي محدودًا ولا يسمح له بفرز “عيشته”، فيلجأ إلى بيت الأسرة الكبيرة ليعيش فيه، أو لأسباب أخرى عائلية.
* ولعدم توافق في السلوك، والتعامل، والأخلاق تحدث نقاشات وصدامات تعكر صفو العلاقة الزوجية وتؤثر فيها.
قد تلاحظ من خلال دراستك الجامعية أو الوظيفة التي تشغلها بأن هناك انتقادات وتحيزًا فكريًا عند الخوض في بعض الموضوعات، علماً بأن الحياة بجميع مجالاتها لا تخلو من التواصل الفكري والاجتماعي وهذا ما يثير النقاشات والجدل بين الناس.
السبب الأساسي للحالات أعلاه يرجع إلى البناء الذاتي لكل شخص وطريقة إدارة الحياة من شخص لآخر واختلاف البيئة وطريقة التربية منذ الصغر، وكذلك درجة التعلم والممارسة في الحياة والنماء الفكري ونسبة المعرفة والجهل بين الأفراد.
* وعند الاحتكاك والتعامل مع الطرف الآخر يحدث الفارق لأن هناك حريات قد يفرضها البعض على الآخرين ودون مراعاة لحرياتهم ومصالحهم الشخصية، ويتعامل بلا مبالاة. ويحدث تعارض ذاتي وفرض للأشياء قد تجبر الشخص بأن يتعامل معها بكل واقعية ودرجة من التحمل.
* هناك من ينسلخ ويتجنب مثل هذه المواقف ظناً منه عدم إجادة التعامل مع مثل هذه الفئات التي تقابله في حياته، وهذا سيتضرر أكثر وقد يصاب بمرض التوحد أو يحدث له تطرف اجتماعي يؤثر عليه سلباً في مقبل الأيام.
* لكى نتعايش مع الآخرين علينا بدراسة حالة الشخص وقراءة سلوكه وفكره حتى لا نتعدى خصوصياته وأشياءه التي يمارسها في حياته ونحترمها وألا نأخذ كامل الحرية والصلاحية لإشباع الرغبات، وأن نتنازل عن بعضها إن تعلق الأمر بأشياء الغير وبالتالي ستتغير المعطيات ونتعايش مع مختلف الشخصيات التي تقابلنا في حياتنا.