رئيس مجلس إدارة (الرأي العام) علي العتباني لـ(الصيحة):حتى الآن لم نتلق رسمياً ما يفيد بإيقاف (الرأي العام)
لجنة المصادرة إذا كانت تستطيع سداد ديوننا فمرحباً بها
حديث وكيل الإعلام غير دقيق وحرية الصحافة في خطر
نشعر بالأسف بأن يُروّج مسؤولون بالدولة الشائعات
الظرف الأسري هو من أجبرنا على بيع أسهمنا في السابق
سنُدافع عن حقنا بكل قوة ونثق في القضاء السوداني
حاورته : زمزم خاطر
أعلنت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال بالسودان قبل أسبوع صدور قرار قضى بموجبه الحجز على مؤسسات إعلامية (قناتان تلفزيونيتان وجريدتان) في ظاهرة استنكرها الوسط الإعلامي بالداخل والخارج، وقد أحدث القرار استياءً كبيرًا وسط الإعلاميين والصحفيين وملاك الشركات الناشرة، معيبين صدور مثل هذه القرارات التي تفضي إلى تكميم الأفواه من قبل حكومة كان شعارها (حرية, سلام وعدالة)، رافضين عدم إطلاق الأحكام المسبقة بحجة القضاء على الفساد واصفين هذه الخطوة بالخطرة على الحريات الصحفية.
جريدة (الرأي العام) كانت من ضمن المحجوز عليهم، (الصيحة)، جلست لرئيس مجلس إدارتها، الأستاذ علي العتباني لتوضيح بعض الحقائق فماذا قال؟
*حدثنا عن ملكية الرأي العام مع خلفية تأريخية عن تأسيسها؟
– الرأي العام كصحيفة تأسست في مارس عام ١٩٤٥م أي في فترة الاستعمار البريطاني، وظلت مستمرة إلى أن تمت مصادرتها في مطلع السبعينات مع قوانين التأميم في الحقبة المايوية، وفي منتصف التسعينات قررنا كأسرة إعادة صدورها كصحيفة يومية مستقلة، وتوليت أنا مسئولية إعادة تأسيسها وصرت بسبب رئيس مجلس إدارتها والمتولي شئونها، ووقتها الوالد رحمه الله كان يرفل في التسعين من عمره، وتحولت الصحيفة في هذه الفترة (من ١٩٩٦-٢٠١٠م) من صحيفة إلى شركة مساهمة عامة ومؤسسة تربوية خرجت أجيالاً – يوجد الآن ستة من رؤساء التحرير في الصحافة السودانية حالياً كانوا محررين في الصحيفة، وهذا عدد غير مسبوق في فترة وجيزة مثل هذه- وكذلك أنشأنا مؤسسة الرأي العام الخيرية والتي كانت تسارع إلى أعمال البر والخير، وحدثت نقلة كبيرة في الرأي العام كصحيفة وكهيكل..
*ما هي علاقتكم بشركتي المؤتمر الوطني اللتين يرأس مجلس إدارتهما الأستاذ إسماعيل الحاج موسى؟
– في عام ٢٠١٠ ولظروف معينة لا أستطيع أن أستفيض فيها الآن، اضطررنا كأسرة إلى بيع نصيبنا من أسهم الجريدة التي كانت في حدود الــ ٥٦٪ منها لشركتي الطوق والحصن، وللحقيقة ما أعرفه أن هذه الشركات مملوكة لأشخاص ولا علم لي بأنها ملك لحزب، قد يكون بعضهم له انتماء حزبي، لكن هذا لم يكن طرفاً في القضية، أنا كنت أمر بظرف شخصي وأسري، وكذلك ظروف سياسية موجودة في البلد كلها دفعتني لأن أقرر مع الأسرة أن نبيع أسهمنا في الشركة المالكة للصحيفة وأن نخلي طرفنا منها، إستاذ إسماعيل محامٍ ومستشار قانوني طبعاً هو شخص معروف بالنشاط السياسي وهو وزير سابق في مايو وقيادي سابق في تنظيم الاتحاد الاشتراكي، وكذلك كان له نشاط في المؤتمر الوطني، لكن لم تكن له صلة بموضوع البيع، ولا أعلم أن له صلة بشركتي الطوق والحصن. عندما تركت أنا الصحيفة بعد بيع أسهمي فيها صار المرحوم فتحي شيلا رئيس مجلس إدارة وليس إسماعيل، هذا للتذكير..
*كيف تم انتقال الملكية من الملاك السابقين اليكم، وكيف تم الانتقال في وقت كانت حركة نقل ملكية الشركات موقوفة؟
– أولًا تصحيح السؤال وتوضيح للجمهور، لأننا سمعنا من وكيل الإعلام في مؤتمره الصحفي حديثاً غير دقيق، لم يتم نقل ملكية الرأي العام لأنها شركة مساهمة عامة مملوكة لجمهور المساهمين فيها والبالغ عددهم ١١٠ أشخاص سودانيين، الذي تم هو شراء أسهم، ومن ناحية قانونية لكل من يعرف ألف باء في القانون التجاري، معروف الفرق بين شراء الأسهم وتحويل الملكية، هناك سوق الخرطوم للأوراق المالية يجري فيه عرض للأسهم، ويأتي البائع والشاري ويتم البيع بالتراضي بوجود ثمن مدفوع، ومنذ سقوط النظام السابق ظللنا كأسرة نتابع ونبحث عن حملة الأسهم ونحاول كل جهدنا أن نستعيد الصحيفة، وفعلًا قمنا بشراء الأسهم في النور ودفعنا مبلغاً مالياً مقابل التحويل، وكل أوراقنا عند المحامي الموثق من السلطة القضائية وكيل الإعلام نفسه كان صادقاً عندما قال دفعوا خمسة مليارات. دعيني أضيف أن الرأي العام مع كل صدور صباحي لها تحمل في الترويسة اسم المؤسس والدي إسماعيل العتباني، فهي جزء من أسرة عتباني ومنسوبة إليهم كأنها فرد في الأسرة، وكنا نتابع تطورات الأمور فيها طيلة السنوات الثمان الماضية من على البعد حتى بعد انتهاء مسئوليتنا القانونية لأنها جزء من المسئولية الأخلاقية والمعنوية..
*هناك حديث أن الذي دفع الـ ١٩ ملياراً هو جهاز الأمن؟
– أولاً وكيل الإعلام هو من قال هذا أمس، وكلامه ليس صحيحاً فهو يدعي والقاعدة القانونية تقول البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، المبلغ الذي دفعناه هو خمسة مليارات وجمعته الأسرة من حر مالها وسددته للبائع، ثانياً أريد أن أصحح الواقعة أمس مدير عام الشركة أصدر تصريحاً صحّح فيه وكيل الإعلام، هذا الرقم مختلق ومصدره هو السوشال ميديا، ونحن نشعر بالأسف أن يكون مسئولون في الدولة يروجون لشائعات مصدرها السوشال ميديا، نحن استعدنا حقنا واشترينا في النور وبعقود موثقة من السلطة القضائية، وسجلنا حقنا في سوق الأوراق المالية الذي تشرف عليه وزارة المالية في وضح النهار وكل الوثائق الآن في طريقها للقضاء ليطلع عليها، وأقول لك الحقيقة مبلغ شراء الرأي العام المدفوع ثمن فادح، لأن الصحيفة توقفت في نهاية شهر مايو تحديدًا قبل فض الاعتصام بيوم، وكيل الإعلام معلوماته غير دقيقة، لأنه قال إنها توقفت يوم سقوط النظام، لديك دار الوثائق القومية وأرشيف الصحف يمكن أن ترجعي وتعرفي أن الرأي العام تحت إدارة ملاكها السابقين كانت تصدر نهاية رمضان ١٤٤٠هـ (نهاية مايو ٢٠١٩)، مكثنا منذ يونيو ندرس وضع الصحيفة من كل الجوانب، لكن المنظور المالي هو الأهم الآن وأريد الحديث عنه، وجدنا أن جملة مديونية الرأي العام بحسب الأوراق التي اطلعنا عليها وقتها يصل ستة مليارات ونصف، من متأخرات فواتير مطبعة إلى إيجارات إلى حقوق مرتبات متأخرة إلى ضرائب وخلافه، وبعد إتمام عملية الشراء قفز الرقم إلي ثلاثة عشر ملياراً بظهور سلفيات من بنوك لم تسدد، وبعد شراء الأسهم اضطررنا إلى اقتراض ٤ مليارات لتسيير العمل وسداد مديونيات عاجلة مثل المطبعة مثلاً، كانت تحتاج مليار جنيه، كل هذا تحملته الأسرة وصابرت من أجل البقاء ولتحافظ على أصلها المعنوي وللعلم الصحيفة لا يوجد لها أصول أبداً لا عقارات ولا سيارات ولا أي أملاك كل ما استلمناه من الملاك السابقين كان مجرد اسم العمل ومبنى مستأجر من الأوقاف هو مقرها الحالي، وهو عبارة عن شقة بها صالة كبيرة للتحرير ومكاتب فرعية للإدارة داخلها، وحتى هذا المبنى عليه متأخر إيجارات، وصدق الأستاذ محمد وداعة في مقاله عندما وصف الصحف الحالية بأنها مبانٍ مؤجرة وأثاثات قديمة، لجنة المصادرة هذه إذا كانت تستطيع أن تسدد ديون الرأي العام وتحافظ على اسم العمل وتسدد للعاملين حقوقهم فمرحباً بها.
*الأستاذ عبد الغني مدير عام الشركة يقول إنه سيقاضي وكيل الإعلام؟
– نعم، مدير الشركة قال هذا، وهذا حقه، لكن لا أظن أن الجو مناسب لهذا التراشق، البلاد وضعها صعب، وكيل الإعلام شخص مسئول وكان يتحدث في منبر رسمي وأساء إلينا كصحيفة وكأسرة بأن جعلنا واجهة لجهات أخرى لم يقل هذا نصاً لكن قاله تلميحاً، لو كنا نقبل مثل هذه المساومات وأن نأخذ أموالاً من جهات أخرى لما اضطررنا إلى بيع أسهمنا تحت الضغط،ولكنا في ظروف مالية أفضل من هذا لو كنا نساوم على مبادئنا وأخلاقنا، أتمنى أن يصحح الوكيل كلامه وأن يوقف عبد الغني الدعوى لأن البلد ما ناقصة توتر.
*موقفكم القانوني تجاه القرارت التي صدرت؟
– منذ إعلان القرار في التلفاز وأجهزة الإعلام لم نتلق ورقاً رسمياً حتى الآن يفيد بذلك، وصلت الشرطة إلى مقر الصحيفة وقامت بإخلائها، من العاملين، لم تنقطع الاتصالات من المسئولين وصناع القرار والزملاء والأصدقاء والحادبين على مصلحة الرأي العام، ولكن كلمتنا كانت واحدة، وهي أننا نرحب بأي مبادرة أو مقترح، لكن ما تم فيه إهانة وتعدٍّ، ونفضل أن نمضي في المسار القانوني لتثبيت الحقوق في النور، نحن واثقون من سلامة وصحة الإجراءات التي تم بها شراء الأسهم وعودة حقنا الرسمي والمعنوي، صحيح أننا دفعنا مقابلاً مالياً وسنظل ندفع لنسدد ديون الصحيفة، لكننا نحس بأننا نفي لآبائنا المؤسسين ديناً معنوياً، ولأسرة العتباني وجمهور الرأي العام ومحبيها داخل وخارج السودان.
*كيف تقرأ حرية الصحافة في ظل القرارات الحالية وهل هناك تناقض مع شعار حرية سلام وعدالة؟
– القراءة واضحة لكل ذي عينين حرية الصحافة في خطر في خطر، أن تُغلق صحيفة لمجرد الشبهة؟! وأن يتم الإغلاق بقوات حربية قتالية على مدفع دوشكا! كان يكفي شرطي واحد بعصا على الباب وسنطيع أوامره. لكن هذا الاستعراض للقوة أمام صحفيين وملاك صحف لا يحملون أصلًا إلا قلماً وورقة؟! الكارثة أن المسئولين الأعلى منهم يصمتون ولا يحاسبونهم على هذا، إذاً فليس حرية الصحافة بل كل البلد في خطر.
*موقفكم كملاك للصحيفة وعاملين كيف سيكون مع استمرار الحجز؟
– طبعاً سندافع عن حقنا بكل وسيلة ممكنة، ونثق في القضاء السوداني وإجراءته، لكن يجب أن نقول إن ما تم من قبل اللجنة عمل غير مدروس وبطريقة أظهرت الكيد السياسي والتعدي على الحرمات الصحفية أكثر منها تدقيقاً في الأوراق وتثبيتاً للحقوق، كيف تعاقبني ثم تطلب مني أن أثبت براءتي. الآن المحاكمات منصوبة في وسائل الإعلام من مسئولين في الدولة الكارثة، أنهم في مواقع مسئولية وليسوا ناشطين سياسيين!! أين الأجهزة العدلية من كل هذا؟ إذا كانوا على ثقة من صحة وسلامة موققهم كما قال وكيل الإعلام أمس وعضو مجلس السيادة قبله، عليهم أولاً أن يسلمونا القرار الرسمي مكتوباً وموقعاً من شخص مسئول، وأن يوقفوا التشهير وإطلاق الأكاذيب وينتظرون القضاء ليقول كلمته، رجل الدولة الحقيقي يكون إنساناً راكزاً لا يتعامل بردود الأفعال، ولا ينجرف خلف تدافع السوشال ميديا.. الخ. لزاماً علي أن أسجل صوت شكر لكل الزملاء بالرأي العام من إداريين وصحفيين لوقفتهم مع المؤسسة التي يحملون اسمها حتى قبل عودتنا إليها فقد كابدوا عنت الأيام ومشقة الصبر في ظروف قاسية للغاية، أسال الله أن يعيد الحق لأهله وأن يمكننا من رد جميلهم، وأقول لهم صبراً وسيعود الحق لأهله.