“اللنش هوشيري”.. التفاصيل الكاملة لـ(المأساة)
الرقابة البحرية: المواعين البحرية تُعاني مشكلات وغير مؤهلة
الموانئ: إمكانات الميناء لا تتعدى أعماق الـ (٤٥) متراً
مسؤول: الإنقاذ كان يتطلب منذ البداية تسجيل موقع الغرق
وزير النقل: البحاران تُوفّيا لعدم جاهزية المواعين البحرية
تحقيق محيي الدين شجر
ظلت قضية غرق اللنش هوشيري في البحر الأحمر تسيطر على مشاعر مواطني الولاية طوال الفترة الماضية، خاصة وأن اللنش لا يزال في أعماق المياه بالقرب من ميناء بشائر لتصدير البترول، وبداخله اثنان من طاقمه لا أحد يعرف مصيرهما .
قصة اللنش هوشيري القابع الآن في أعماق البحر الأحمر سببت آلاماً موجعة لمواطني ولاية البحر الأحمر ولأسر الضحيتين، حيث ظلتا تترقبان كل ساعة مصيرهما وميقات إخراجهما.. مأساة حقيقية عاشتها ولاية البحر الأحمر، ولا زالت تعيشها إلى حين التمكن من انتشال اللنش ..
فيا ترى ما هي الأسباب التي أدت الى غرقه؟ وهل هنالك تقصير ما؟ وما مصيراللنش القابع في أعماق البحر الأحمر. “الصيحة” كانت هنالك وخرجت بالحصيلة التالية:
بيان :
قالت وزارة الطاقة والتعدين في بيان لها عقب غرق اللنش: في حادث مؤسف غرق قارب مناولة يتبع لهيئة الموانئ البحرية يوم 18 نوفمبر 2019م بميناء بشائر (٢) ببورتسودان لتصدير خام البترول، وذلك أثناء عملية شحن وتحميل ناقلة نفط بحرية بخام دار، وتفيد المعلومات الأولية أن الحادثة نتجت جراء الموج العالي بسبب الرياح الشديدة التي شهدتها المنطقة.
وأضافت: ونجم عن هذا الحادث المؤسف وفاة اثنين وتم إنقاذ ثلاثة من مُشغّلي القارب يتبعون لهيئة الموانئ البحرية . وقالت في بيانها إنه تم تشكيل لجنة تحقيق برئاسة مدير الصحة والسلامة بشركة بشاير ووزارة الطاقة والتعدين للتحقيق في الحادث.
أسباب الغرق
مصدر مقرب من الحدث تحدث لـ(الصيحة) بقوله إن اللنش كانت به عيوب معروفة ويعاني من تدفق المياه إلى سطحه وكان يحتاج إلى ترميم وإصلاح، فكيف سمحوا له بالعمل..
استفهامات
في حين قال عيسى بلال (كبير ضباط قاطرات)، إن اللنش مزود بجهاز اتصال مربوط مع جميع المحطات أثناء أي عملية بحرية حيث لا يتحرك إلا بأمر من قائد العملية . وأضاف: عند اكتشاف التدفق وميلان اللنش هبط الميكانيكي إلى حجرة الماكينات وتأكد من دخول الماء عندها باشر الطق ماستر بالاتصال بقائد العملية حيث استفسر عن التدابير الممكن القيام بها واستنجد باللنش أداراويب للإنقاذ ولم يأمر بمغادرة اللنش بل ترك تقدير ذلك للطق ماستر لتقدير الموقف.
وزاد بقوله: بعض الزملاء من الغطاسين بادروا بالاتصال واقترحوا مغادرة اللنش قبل الغرق، ثم حلت الكارثة وغرق اللنش من المؤخرة أولاً حتى غاص فى عمق البحر، وبعد لحظات ظهر شخصان على سطح الماء مرتدين سترات نجاة وتمكن اللنش (أداراويب) ولنش الأمن البحري من إنقاذهما وقال إن البحث والإنقاذ كان يتطلب منذ البداية تسجيل موقع الغرق بدقة متناهية واستغرب من مواصلة عمليات الشحن بعد غرق اللنش، وقال: كان يجب أن يتوقف ولو لساعات لعمليات إنقاذ الجثامين ثم مراعاة لشعور وإحساس الزملاء، وتساءل بقوله من قرر المواصلة في عمليات الشحن؟.
بحث أولي
وحول عمليات البحث قال إن البحث الأولي كان عبر إنزال كاميرا إلى قاع البحر في عدة مواقع ولم يظهر أي شيء، وكذلك عن طريق عملية غطس أسكوبا من قبل الدفاع المدني وكذلك فرقة الضفادع البشرية ولم يتمكنوا من بلوغ القاع نسبة للعمق الكبير الذي يفوق الستين متراً مضيفاً بقوله علوم الغطس الحديث لا تسمح بعملية غطس لعمق يفوق الـ ٥٠ مترًا إلا بمخاليط، وذلك نسبة لارتفاع الضغط الجزئى للغاز والذي لا يجب أن يتعدى ١.٥ في هذا العمق، وهناك شروط لم تتوفر للقيام بهذا النوع، وهي كالآتى أن يتم تثبيت الطق عبر(٤) مخاطيف واستعمال الجرس المبلل وأن تكون غرفة الضغط جاهزة ومهيأة لاستقبال الغطاس لعملية تقليل الضغط وأن تكون المنظومة صالحة وعليها شهادات تؤكد ذلك، والمعلوم أن النظام خارج عن الخدمة منذ ما يقارب الشهرين، والإدارة على علم بذلك. وقال إن مشرف الغطس بريطاني الجنسية لم يجاذف حتى لا يحدث ضرر للغطاس والقرار بيده.
معينات وخبرات
واستنطقت الصيحة الجهة المسؤولة عن صلاحية المواعين البحرية في الموانئ، حيث قال الكابتن محمد عمر مدير الرقابة البحرية بالنيابة إن المنطقة التي غرق فيها اللنش هي منطقة كهوف وجبال وتحتاج إلى خبرات واسعة لانتشال اللنش وإلى معينات غير متوفرة بولاية البحر الأحمر. مشيراً إلى أن معظم المواعين البحرية تعاني من مشكلات وغير مؤهلة وتنقصها الصيانة العلمية نتيجة لضم الرقابة البحرية إلى هيئة الموانئ البحرية عام 2012 عبر قرار من الرئيس المخلوع عمر البشير .
مشيراً إلى أنهم رفضوا مراراً هذا الأمر لكون أن ضمها لأي جهة لا يمكنها من القيام بدورها في الرقابة والتفتيش للتأكد من صلاحية المواعين، مبيناً أن معظم المواعين البحرية في حالة يرثى لها متوقعاً أن تجد نفس مصير اللنش هوشيري.
الموانئ تنفي
غير أن صلاح هجام نائب مدير عام الموانئ البحرية للعمليات نفى وجود أي تقصير من جهتهم صاحب عمليات البحث الجارية حالياً لانتشال اللنش هوشيري، وقال إن هيئة الموانئ البحرية قامت بالاتصال فورًا بمركز البحث والإنقاذ التابع لحرس الحدود السعودي بالمملكة العربية السعودية الشقيقة وكانت استجابتهم سريعة بالتدخل في عمليات البحث من خلال وصولهم بطائرة خاصة تحمل معدات وغطاسين، مبيناً أن إمكانيات الميناء لا تتعدى أعماق الـ ٤٥ متراً في حين قدرت الأعماق التي غرق فيها اللنش ما بين ٦٥ و ٧٥ متراً وقال إنهم كذلك استعانوا بلنش المسح البحري من شركة جياد الخرطوم إضافة إلى استخدامهم كاميرا حديثة للاستكشاف داخل الأعماق البعيدة .. مشيراً إلى أن جهودهم لازالت مستمرة في سبيل العثور على اللنش .
وحول الرقابة البحرية قال هجام إنها تتبع للهيئة من الناحية الإدارية فقط وليس من الناحية الفنية، مضيفاً بقوله: فصلها من الموانئ البحرية أو عدم فصلها لا يؤثر على عملها الفني المنوط بها.
وزير النقل يتدخل
وزير البنى التحتية هاشم طاهر أكد لـ (الصيحة) أنه وجه بتكوين لجنة تحقيق في ملابسات غرق اللنش هوشيري في ميناء بشائر والذي أدى إلى وفاة شخصين من مشغليه. وأشار إلى وصول بعض فنيي الغطس من مدينة جدة السعودية حسب توجيهه للمساعدة في العثور على المفقودين بداخل ماكينة اللنش في عمق 75 متراً تحت الماء.. وفي تصريح له قال: (البحاران بداخل اللنش توفيا لعدم جاهزية المواعين البحرية التي تعمل في الموانئ وللأسف فشل طاقم الغوص في العثور عليهما واللنش وطاقم الإنقاذ السعودي أيضاً لم يتمكن من تنفيذ المطلوب لوجود كهوف وإطماء في منطقة الغرق)، وأضاف بقوله: (للأسف فإن التدريب الذي خضعت له وحدات الإنقاذ في موانئ بورتسودان لعمق 45 متراً فقط، وهو أمر يدعو للتعجب لجهة أن فنيي الانقاذ يتم تدريبهم خارج السودان على أعماق 45 مترًا رغم معرفتهم أن أعماق البحر الأحمر تبلغ 75 متراً في بعض أجزائه). وقال: الغطاسون بالبحر الأحمر يغطسون إلى عمق 45 متراً في حين وصل العمق في منطقة بشائر إلى 75 متراً .
حوافز مليونية
بعد أن فرغت اللجنة التي كونها وزير النقل لمعرفة أسباب غرق اللنش هوشيري تقدمت بطلب إلى مدير عام الموانئ البحرية للحصول على حوافز نظير قيامها بالتحقيق حيث تعرضت إلى انتقادات واسعة عقب تصديق الموانئ لها بـ75% من المبالغ التي طالبت بها.
هذا وتحصلت الصيحة على صورة من خطابها الذي عنون لإدارة الميناء ويطالب بتحفيز أعضاء اللجنة الذين يصل عددهم إلى 22 شخصاً حيث طلب الخطاب تحفيز رئيس اللجنة بـ 70 ألف جنيه، وأعضاء اللجنة بنحو 60 ألف جنيه كما طالب الخطاب بتحفيز المشاركين في التحقيق ما بين 20 إلى 15 ألف جنيه لكل منهم ..حيث قامت إدارة الموانئ بالتصديق بـ(75)% من الطلب.
إيقاف التصديق ..
وبعد التصديق بتلك الحوافز المليونية أصدر وكيل وزارة النقل والبنى التحتية قراراً بإيقاف صرف الحافز الذي كان مدير هيئة الموانئ بالنيابة قد صادق عليه للجنة التي كان كونها وزير النقل والبنى التحتية للتحقيق في غرق اللنش هوشيري
وتحصلت الصيحة على صورة من خطاب الوكيل المعنون لمدير عام الموانئ البحرية يوجه فيه بتشكيل لجنة للتحقيق فيمن قام بالتصديق وإرسال كافة المستندات للوزارة في غضون 48 ساعة، علمًا بأن التصديق المالي صادر من مدير عام الموانئ بالنيابة.
انتقادات ..
هذا، وكان عدد من المراقبين قد انتقدوا تصديق الموانئ البحرية على مبالغ مالية كبيرة لأعضاء اللجنة التي كونها وزير النقل مؤخراً للتحقيق في غرق اللنش هوشيري قبالة ميناء بشائر برئاسة وكيل وزارة النقل وقالوا لـ(الصيحة ) إن ما قامت به اللجنة في قضية غرق اللنش هوشيري وموت اثنين من طاقمه هو عمل يفترض أن يتم بلا مقابل خاصة وأن اثنين من طاقم اللنش لا يزالان تحت الماء وعلمت الصيحة أن بعض أعضاء اللجنة قاموا بالفعل باستلام حوافزهم..
استنكار:
واستغرب مصدر مطلع ـ فضل حجب اسمه ـ خطوة وكيل النقل بمخاطبة مدير عام الموانئ بالتحقيق فيمن قام بالتصديق وقال لـ(الصيحة) أمس إن التصديق صادر من إدارة الموانئ نفسها، وكان ينبغي عليه أن يقوم هو بتشكيل لجنة إذا كانت القضية تستحق ذلك، أو أن يعلن رفضه لحافزه، وأبان أن نظام الحوافز هو نظام متبع في عهد الإنقاذ ولم يكن يشكل أي مخالفة وقتها .
خلاصة
لا يزال اللنش هوشيري الذي تقدر قيمته بنحو مليون دولار كما أخبرني مسؤول بإدارة الرقابة البحرية تحت الماء وبداخله اثنان من طاقمه كما لم تفصح لجنة التحقيق عن نتيجة تحقيقها رغم أنها طالبت بحوافز مليونية كما لم نسمع أي حديث من لجنة وزارة الطاقة التي كونت للتحقيق في قضية الغرق ونتطلع أن نسمع نتائج تحقيقات اللجنتين في الأيام القادمة..