قناة العربية تُغنّي مع حوتة !!
انتظرت حتى نهاية الحلقة الأخيرة من سلسلة العربية التي بثتها قناة العربية باسم (أسرار الإخوان الكبرى)..
كل المادة المبثوثة لم تكن إلا محاضر لاجتماعات مجالس شورى المؤتمر الوطني ومؤتمرات للحركة الإسلامية..
قاعات و(مايكرفونات وساوند سيستم) وأكثر من كاميرا فيديو في قلب القاعة!!
وأزمة قناة العربية التي حشرت فيها نفسها كان ابتداء في العنوان المجافي الذي وضعته لهذه السلسلة..
في العنوان أعلنت أنها ستبث أسراراً ولا كل الأسرار.. هي الأسرار الكبرى.. خطان تحت الاسرار وخطان تحت الكبرى..
ولا أذيع سراً أن قلت إن الحلقات الثلاث لم تأت بجديد دعكم من أن تكون أفشت سراً خافياً على أحد (السبيبة) أو (الفراشة) في ملجة (سوق بحري للخضار).. إلا أن تكون القناة تجتهد لإيجاد معنى ومضامين أخرى لكلمة (السر) شبيهة لما كان حمد الريح يقوله:
(أنا عندي ليك سر من زمان
داير أقولو ومنكسف
كل ما أقول قرّبت ليك
تلقاني بادي من الألف).
قالت العربية مثل (حسن الزبير)، لم تقترب مطلقاً من ذلك التنظيم.. بعد كل هذه (المَنتَجّة والتقطيع والتلتيق) لا زالت تجد نفسها تقول لنفسها وللمشاهدين المحبطين:
زي التقول يا داب عرفت الاندهاش..
وتنتهي لذات البداية التي ابتدرتها في حلقتها الأولى!! لكنها ويا للمهنية لم تعد منكسفة!!..
لا المادة في (خامها) فيها سر.. ولا فيها شيء يحير يغير اتجاه الزول..
المادة لم يتم التقاطها وتوثيقها بكاميرات مخفية وأدوات تسجيل (مدسدسة) ولا إفادات حديثة أو قديمة لشهود تغطي الشبكات وجوههم خوفاً على حيواتهم وحفاظاً على كنز المصادر الثمين!!
ما فيش احتهاد يحترم عقل المشاهد ويشبع أي حيز من الظمأ للمعلومات الذي أنشبته القناة حينما (دقت سدرها) وألقت على عاتقها هذا الهم الكبير:
(الأسرار الكبرى للإخوان المسلمين)!!..
ذات العنوان في قسمه الثاني اجترح غلطة أخرى وهو يقول إن هؤلاء إخوان مسلمون!! وهي طريقة لغمس أي مكون متوافر في وعاء (الإخوان) بغرض وضع البيض كله في سلة واحدة في انتظار دهس السلة..
ويؤيد ذلك تلك (الجدعات المندسة) داخل الحلقات والتي حاولت ربط الإسلاميين في السودان بالتنظبم العالمي للإخوان المسلمين.
نعرف أنها إضافة غير منطقية ولا تتماشى مع واقع أن الإسلاميين في السودان غادروا هذه المنصة منذ وقت طويل.. لكنه الغرض وخط القناة المتماهي مع المخطط المصنوع على غير عين ..
إسلامية السودان فارقوا التنظيم الدولي فراق الطريفي لي جملو.. فراق تم بفرارهم المعلن دون أي ضغوطات ومنذ زمن أطول بكثير من تلك الثلاثين عاماً وتقطعت بهم السبل ودق بينهم (عطر منشم) حتى نفر غير يسير من المحللين يعزون السقوط الأخير للإسلاميين في السودان للاتفاق غير المكتوب بين العلمانيين والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين على وجوب السقوط..
لاحظ الجميع كيف نشطت الآلة الإعلامية للإخوان المسلمين بعد زيارة البشير لبشار الأسد..
تلك الزيارة سر كبير، نحتاج فعلاً لقناة محترمة أو غير محترمة تكشفه.
أعلت قناة العربية من سقف توقعات مشاهديها لذاك أُنتج كل ذلك الإحباط.. لم ترتق لذلك المرتقى.. ولو أحالت الفيديوهات إلى بعض المحترفين لاستطاعوا صناعة بعض الشربات من فسيخ خليطها (الململم)..
السيناريو يمارس (الفلاش باك) دون مهنية ودون احتراز، فلا تكاد تفرغ من سماع مقولة مرتبطة بحدث وتاريخ محدد إلا وتنقلك الصورة إلى مقولة أخرى لشخص آخر في زمان ومكان آخر مرة شورى ومرة حركة إسلامية !! وتعليقاً على أحداث أخرى!!…
تلاقيط الحلقات الثلاث لقناة العربية لم تقل بأي سر، ولكنها قالت إن ثمة مساعي كانت جارية للتوفيق ما بين (التنظيم والدولة) و(التنظيم والناس) والتنظيم والدولة والناس).. وإن (الجماعة) بثوا هواء ساخناً ومارسوا نقداً ذاتياً غريباً!!
فهل تفتح العربية الشهية للعارفين حقاً والصامتين (قحة) لذكر ما جرى؟! ليحكوا الأسرار الحقيقية عن خفايا تلك الأيام.. وكيف جرت الخيانة..
لتبدد للعربية حيرتها ومحمود:
قالوا لي سرّو
سر غامض ما عرفت أحلو!!