لم تقدم الحكومة أي تفسير لأهداف زيارة رئيس الحكومة د. عبد الله حمدوك لرئاسة الحركة الشعبية في مدينة كاودا التي أسبغ عليها الحلو صفة عاصمة السودان الجديد.. ولم يفصح وزير الإعلام عن نتائج الزيارة من حيث التفاهم بين حمدوك والحلو حول القضايا المطروحة على بساط التفاهم “العلمانية مقابل الوحدة” ولا بقية القضايا التي دفعت أبناء جبال النوبة لحمل السلاح وكيفية حلها..
ولم تقدم الحكومة تفسيراً للرأي العام في الداخل عن أسباب إقصاء كامل المكون العسكري عن مرافقة رئيس الوزراء لكاودة الخميس الماضي بما في ذلك والي جنوب كردفان الجنرال رشاد عبد الحميد الذي كما توقعنا في زاوية الخميس الماضي تنازل عن قراراته وأذعن لقوى الحرية والتغيير وفصل الموظفين في حكومة المنبوذين من قبل “قحت” دون أن يطرف له جفن!!
ولماذا استبدلت الطائرة الرئاسية “المروحية” التي تتبع للطيران الرئاسي بطائرة برنامج الغذاء العالمي؟؟ وهل تم الاتفاق مسبقاً على تجريد رئيس الوزراء من كل “العلامات” الدالة على سيادته على أرض السودان واستبدال السلام الجمهوري بنشيد الحركة الشعبية الذي تقول كلماته ما لا يكتب هنا!! وأن يتحدث رئيس الوزراء تحت علم الحركة الشعبية “القديم” وليس علم السودان الذي يمثل رمزية السيادة في بلد تتعدد فيها الأعلام من علم قومي متفقاً عليه إلى علم الجيش الشعبي وعلم جيش عبد الواحد محمد نور وعلم الحزب الاتحادي الديمقراطي وعلم لحزب الأمة وعلم الحزب الشيوعي وعليه “المنجل” الشهير!!
ولماذا غاب سفراء الدول العربية عن زيارة كاودا.. وحشدت أوربا كل سفرائها ومبعوثيها وجاء رونالد بوث مبعوث العناية الأمريكية ويصعد لمنصة الخطابة في كاودا!! أين سفراء الإمارات والسعودية ومصر وقطر والجزائر والمغرب!! بل أين سفراء كينيا وأثيوبيا.. وتشاد وجنوب أفريقيا؟؟ أم هي زيارة خاصة يرافق خلالها رئيس الحكومة سفراء الغرب وحدهم!!
هل زيارة لمنطقة تقع تحت سيادة حركة مسلحة بالضرورة أن يقصى منها المكون العسكري الذي يمثل معادلاً مهماً في توازن القوى داخل الحكومة الانتقالية؟؟ إذا كانت هناك تفاهمات داخلية قضت باستبعاد وزراء الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن ووالي جنوب كردفان من مرافقة رئيس الحكومة فالرأي العام يستحق أن تقدم له الحكومة تفسيراً عن ما حدث ودواعيه!!
هل رئيس مجلس الوزراء مستعد لتلبية دعوة السيد عبد الواحد محمد نور لزيارة منطقة سورنق وركروو في جبل مرة؟ بعد زيارة منطقة كاودا!! وزيارة منطقة “يتمين” في جبال النوبة مسقط رأس الفريق إسماعيل خميس جلاب وعاصمة الجيش الشعبي الثانية بعد كاودا ولماذا لا يزور عبد الله حمدوك مقر الجيش الشعبي في النيل الأزرق للقاء مالك عقار الذي يقود فصيلاً عسكرياً مثل الحلو.. ويذهب للقاء مني أركو مناوي في شمال دارفور ويطوف على وادي هور للقاء جبريل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة؟؟
وهل جرت في كاودا تفاهمات تجاوزت بطبيعة الحال منبر “جوبا” التي شكلت غياباً عن الزيارة؟؟ وهل تشهد المفاوضات مع الحركة الشعبية جناح الحلو “اختراقاً” في مقبل الأيام يعجل بعودة الحلو قبل الآخرين؟؟ وما هو أثر ذلك على بقية مسارات التفاوض؟؟
أسئلة عديدة في الشارع العام ولا إجابة من الحكومة التي تبدو مثل الخليفة المأمون في أخريات أيام الدولة الأموية وقد أصبح الخليفة “أسيراً” عند خؤولته الترك فحكومتنا حالها كحاله وهي “أسيرة” ما بين الغرب والشرق وأخشى عليها من مقولة الراحل أبوالقاسم حاج حمد عند انفضاض مؤتمر أسمرا للقرارات المصيرية 1995م وحينها قال “اليوم أدركت أن السودان بات يتيماً بلا أم وبلا أب” فآثر العودة للخرطوم مسرعاً!!