اختلافاتنا في السودان وسبل التعايش معها(2)
التعايش الديني
أولاً: أنبّه لمسألة قد يجهلها كثير من الناس، أن من صميم عقيدة المسلمين الإيمان بجميع الأنبياء الذين ثبتت نبوتهم وبالرسل الذين أرسلهم الله وبالكتب السماوية.
ثم إن الإسلام أكثر دين اهتم بمبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب المختلفة في إطار العدل والمساواة، وقرر الإسلام الحرية الدينية التي تحترم إنسانية الإنسان، لأن الله سبحانه وتعالي هو الذي أرسل الرسل لهداية الناس قال تعالى: (قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) …الآية
ولقد طبق المسلمون هذا المعيار في العلاقات مع المخالفين. فكان اليهود بدولة المدينة المنورة لساكنها أفضل الصلاة والسلام، جزءاً من الرعية والإمة. ولقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم في دولة المدينة النبوية الأولى أن لغير المسلمين ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين يأخذ غير المسلم ما يأخذه المسلم دون إقصاء، أو ظلم وأن الإسلام أسس مبدأ التعايش بين جميع الأطياف والمذاهب المختلفة في السودان استناداً لقوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) … الآية 8 الممتحنة. وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة) .. الحديث, فالإسلام قسم غير المسلمين لقسمين. قسم محارب له معاملة تختلف عن غيره، وقسم مسالم نتعايش معه ونبره، ولا نظلمه، ونعطيه حق المواطنة، والنبي صلى الله عليه وسلم أبرم معاهدات مع مختلف القبائل والدول المجاورة دون اعتبار الاختلاف الديني أو العرقي أو اللوني، ومع ذلك ليس معنى هذا أن نبطل (عقيدة الولاء والبراء).
المسلم لابد أن يتبرأ من غير المسلمين في الله قال تعالي: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) . وبغضنا لغير المسلم ليس في شخصه إنما لدينه وعقيدته.
وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) … الآية. ويقول النبي صلى الله عليهم وسلم (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودياً أو نصرانياً ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار).
ولكن ليس معنى هذا أن يظلمه أو يحتقره، والعدالة الاجتماعية تقتضي التوزيع العادل للثروة والسلطة، والموارد، ودعم الخدمات العامة، كالخدمات الصحية، والتعليمية، وإصلاح هيكل الأجور لهم، وتحسين المستوى المعيشي للعاملين كافة حتى ولو كانوا غير المسلمين باعتبار أنهم مواطنين في وطن واحد لهم ما على المسلمين دون إقصاء أو تمييز. ولكن بعض الناس هدانا الله وإياهم يستخدم بعض المصطلحات في وسائل الإعلام المختلفة من أجل إثارة الفتنة والكراهية بين المسلمين وغير المسلمين كتسمية بعض الناس للمسلمين (إرهابيين) إما جهلاً أو تجاهلاً.
عموماً ديننا أكمل الأديان فيه تسامح وفيه رحمة، وفيه احترام الآخر والتسامح والتعايش الديني أمر ضروري في بلادنا خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة.
نواصل