بعد مهاجمته المُكوّن العسكري بالسيادي
الشيوعي.. تصريحات خارج (التختة)
الخرطوم: عوضية سليمان
في خطوة مفاجئة، ﺣﻤّﻞ ﺍﻟﺤﺰﺏ ﺍﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺍﻟﻤﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍلاﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻠﺘﺎﺕ ﺍلأﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ، ﻭﻗﺎﻝ الحزب الشيوعي على لسان الناطق الرسمي باسمه ﻓﺘﺤﻲ فضل وفقاً لصحيفة ﺍﻟﺠﺮﻳﺪﺓ: “ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺗﺸﻬﺪ ﺍﻧﻔﻼﺗﺎ ﺃﻣﻨﻴﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻴﻨﺔ ﻭﺑﻮﺭﺗﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﺗﺨﺎﺫ أﻱ ﻗﺮﺍﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍلأﻣﻦ”، ﻭﻗﻄﻊ ﻓﺘﺤﻲ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻳﺘﻐﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭأﺭﺩﻑ: ﺭﺿﻴﻨﺎ أﻡ ﺃﺑﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻅﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﺍﻛﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﻤﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻋﻦ ﺍلأﻣﻦ ﻭﻳﺘﺤﻤﻞ ﺫﻟﻚ، ﻭﻫﻮ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻭﺩﺍﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﺯﺭﺍء ﻣﻦ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺳﻠﻄﺘﻪ..
تصريحات الحزب الشيوعي هذه انتقدها محللون سياسيون وعسكريون تحدثوا للصيحة قبل أن يتساءلوا حول توقيت تصريحات حول منع المكون العسكري المدنيين من ممارسة سلطاتهم وكيف للحزب الشيوعي أن يصرح بذلك وهو جزء من الوثيقة الدستورية ….
تباكي الشيوعي
تصريحات الحزب الشيوعي الأخيرة حول المكون العسكري تعد في سياق (المضحك المبكي)، هكذا بدأ الخبير العسكري الفريق الركن محمد بشير سليمان حديثه للصيحة قبل أن يضيف بقوله: حديث الشيوعي هذا تنطبق عليه المقولة الشهيرة (رمتني بدائها وانسلت)، مضيفاً أن ما قاله الشيوعي يؤكد حديث الكثير من المراقبين بأن من جاءت بهم الثورة من قيادات ليسوا سياسيين وإنما هم ناشطون سياسيون، ومن الواضح ظهور عدم قدرتهم السياسية والإدارية وعدم الكفاءة وأن هذه المجموعة تم ترشيحها من قبل قوى الحرية والتغيير لرئاسة الدولة، وأضاف أن الرئاسة تحتاج إلى رجل دولة سياسي محنك ذي خبرة كبيرة في كيفية إدارة الدولة في هذا المجال وليس من أتت بهم ثورة التغيير، وقال إن المجلس العسكري ليس مسؤولاً عن بناء القدرات وإن هذا المنصب لابد أن يتسنمه من يحمل قدرات ومؤهلات معاً.
وقال: من أتوا بهم ليس جديرين بذلك لأن الوثيقة الدستورية وضحت وحددت صلاحيات السيادي والتشريعي والتنفيذي وأن الشيوعي على رأس هذه المجموعة، وتساءل كيف له أن يأتي بما قاله عبر تصريح له هذا كذب وافتراء، وهذا يدل على عدم المقدرة على تولي المناصب والمسؤولية، لذلك يعتبر هذا تباكياً منهم وليس إلا باعتبار أن المجلس جلس ووزع المناصب لكل مسؤول دوره ومنصبه، لذلك يجب ألا تتداخل المناصب على بعضها دون تنسيق، وقال: الحديث عن واجبات العسكريين يتنافى مع حديث رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك في الشأن العسكري والمدني، لذا فإن المراقب يتساءل من أين أتى الشيوعي بمثل هذا الحديث، وهل تمارس الدكتاتورية داخل المجلس السيادي، ونحن الآن نراهم متناغمين حتى على مستوى مفاوضات السلام .
هرج سياسي
ويرى الخبير الإستراتيجي الفريق أمن حنفي عبد الله حديث الشيوعي هرجاً سياسياً قبل أن يضيف في حديثه لـ(الصيحة) بقوله إن الحزب الشيوعي متعود على إطلاق مثل هذه التصريحات في أوقات معروفة وأن مثل هذه التصريحات لا تتوافق مع الوضع الراهن الانتقالي والجميع يبحث عن استقرار ونقلة سياسية لتعبر بالبلاد إلى وضع أفضل، وقال إن تصريحات الشيوعي حول تغول المكون العسكري على صلاحيات المكون المدني في المجلس السيادي غير صحيحة البتة، مشيراً إلى تصريحات رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك عندما كان ضيفاً على قناة العربية حين قال عن الحزب بأن هنالك تنسيقاً متفقاً عليه ما بين قوى الحرية والتغيير والعسكريين لإدارة الفترة الانتقالية، لذا يعتبر هذا التصريح تقديراً يخص الحزب الشيوعي وليس رؤية رسمية من المكون المدني بمجلس السيادة، مشيراً إلى التنسيق العالي بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وأن تصريحات الشيوعي لا تخدم البلاد في شيء بل تعرقل خطة السير في الإصلاح.
وحذّر حنفي الحزب الشيوعي من مغبة إطلاق مثل هذه التصريحات التي وصفها بـ (المعوجة) باعتبار أنها لا تخدم التوافق الجاري لمجلس السيادة، وهذا يعد شكلاً من أشكال الهرج السياسي الذي يستخدمه الحزب الشيوعي في الأجواء السياسية، وهو ليس بجديد عليه، إلا أن زمن هذا الهرج قد ولى وانتقلت البلاد إلى مرحلة الوعي والمصلحة العامة التي تصلح البلاد .
حادثة الشيوعي
في المقابل، وصف المحلل السياسي السفير الرشيد أبو شامة تصريحات الشيوعي الأخيرة بالتكتيك السياسي وأنه (الشيوعي) أطلقها وأراد بها رسالة (محددة) مضيفاً في حديثه لـ(الصيحة) أن الحزب الشيوعي متعود على مثل هذه التصريحات التي وصفها بـ(المعوجة) وأن التاريخ السياسي يشهد للحزب الشيوعي السوداني بأخطائه الكثيرة، مذكراً بموقف الشيوعي بعد اتفاقية الحكم الذاتي في سنة 1953 حين طرح الاتحاديون شعار (تحرير وتعمير) فطرح الشيوعييون شعاراً نقيضاً له وهو (لا تحرير ولا تعمير)، وأضاف: من المعروف أن الحزب الشيوعي تعود على إطلاق مثل هذه التصريحات، منوهاً إلى أن الحكومة الحالية تمارس سلطاتها بالكامل وأن رئيس مجلس الوزارء يمارس كل صلاحياته المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وأرجع أبوشامة تصريحات الحزب الشيوعي الأخيرة حول المكون العسكري بالمجلس السيادي إلى رفض الشيوعي وجود العسكريين في الحكومة الانتقالية، لأنه يرى أن تكون الحكومة الانتقالية مدنية. ووختم أبوشامة حديثه بقوله: لولا العسكرين لما تنحى البشير بالرغم من اعتصام الشعب في القيادة، وبتدخل المكون العسكري نجحت الثورة.. وزاد بقوله: (على الأقل علينا تحمل العسكريين في الفترة الانتقالية لأنهم أزاحوا البشير)، مذكراً بأن الفريق أول البرهان هو من ذهب إلى الرئيس السابق في منزله وطلب منه التنحي وأخبره بما يدور من انقلاب ضده، لذلك من العيب أن تخرج مثل هذه التصريحات من الحزب الشيوعي. مضيفًا أن رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي أكد دور العسكريين في إحداث التعيير والثورة، وأنه لولا العسكريين لما ذهب النظام السابق.