الخرطوم: جمعة عبد الله
تزايدت الضائقة المعيشية على أغلبية المواطنين، بعد توالي ارتفاع اسعار السلع الضرورية والخدمات وعدم قدرة الحكومة على ضبط انفلات السوق، ويقول مواطنون إن توفير مستلزمات المعيشة بات أكثر صعوبة من ذي قبل، وتضاعفت معاناة محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، ويقول مواطنون إن هذه المتطلبات باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلاً بالتزامات متعددة تشمل السكن والغذاء والمواصلات والتعليم والعلاج، كمتطلبات أساسية، فيما استغنى كثيرون عن الكماليات لأن الحصول عليها أصبح “بعيد المنال”، وتضاعفت المسؤولية أمام المواطنين بعد تخلي الدولة عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها في القطاعات المذكورة، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات المياه والكهرباء على سبيل المثال.
وشهد الأسبوع الماضي تواصل اضطراب الأسواق وحدوث زيادات مفاجئة في أسعار عدد من السلع أبرزها السكر والزيوت، وشهدت حركة التجارة ومبيعات السلع تراجعاً ملحوظًا كما تراجعت القوة الشرائية لأدنى مستوياتها، لكن ما يقلق التجار ليس ارتفاع الأسعار فقط، بل تدني القوة الشرائية لحدود غير مسبوقة.
وكشفت جولة لـ “الصيحة” بعدد من أسواق الولاية عن قلة مرتادي الأسواق خلاف المستلزمات الاستهلاكية مع تباين في الأسعار حيث شهد عدد من السلع زيادات جديدة في السعر مثل السكر والزيوت، وبشكل عام، ما تزال السلع متوفرة بالأسواق والمتاجر وإن سادت مخاوف من حدوث ندرة وشح في بعض السلع حال عدم تحسن الوضع الاقتصادي خلال الفترة القليلة المقبلة.
وتباينت أسعار السلع الاستهلاكية، حيث قفز جوال السكر زنة “50” إلى 2 ألف جنيه، كما قفزت أسعار الزيوت إلى “1800” جنيه للعبوة الكبيرة، كما ظلت أسعار اللحوم وبيض المائدة مرتفعة مع زيادات طفيفة لبعض السلع والمستلزمات الاستهلاكية بدرجات متفاوتة.
ويقول التاجر، عبد الباقي الشيخ حسين، صاحب محل إجمالي بالخرطوم، إن ركود السوق “ليس جديدًا” رغم زيادة حدة الركود بسبب تردي الوضع الاقتصادي بالبلاد وتأثر المواطنين بذلك، وقال إن أسباب الركود متعددة، موضحًا أن ارتفاع أسعار السلع يتصدر هذه الأسباب، بالإضافة إلى الوضع المعيشي الذي يواجهه أغلبية المستهلكين، مشيرًا إلى أن غالب المتوافدين على الشراء يبتغون السلع الأساسية التي تنحصر في السكر والدقيق والزيوت والشاي وبعض الأغراض المنزلية اليومية.
وتشهد البلاد منذ عدة أشهر، أزمة اقتصادية غير منكورة، تمثلت أبرز انعكاساتها في تراجع قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم والأسعار الذي شمل كل السلع دون استثناء بنسب تتباين بين “50 – 100%”، مع أزمة سيولة سببت ركودًا بائنًا في النشاط التجاري، مما أدى لإرغام المواطنين على حصر احتياجاتهم في خيارات أقل تشمل السلع الأساسية أولًا.
كما تسبب انفلات سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه الى تقليل معدلات الاستيراد خلال الستة أشهر الأخيرة، ويعزو مستوردون سبب التراجع لصعوبة تصريف البضائع والسلع في ظل الركود الحالي وتراجع القوة الشرائية.
وحذرت الخبيرة الاقتصادية، د. إيناس إبراهيم من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقالت أن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة للإنتاج وكثيرًا ما يتكبدون الخسائر.