المسارات وخطورتها على وحدة البلاد
كنا نظن أنه بسقوط حكومة الإنقاذ تكون الحركات المسلحة قد حققت هدفها الأكبر وهو سقوط الحكومة التي كانت تعتبرها الحركات الدافع الأكبر والسبب الرئيسي لحمل السلاح، وكذلك هي المتسبب الأكبر للتهميش وإذكاء نعرة الجهويات والقبليات فكان على الحركات بعد السقوط أن تلقي السلاح وتضع يدها على يد الثوار ليجلسوا سوياً ويتفاكروا لا كما يقولون من أو كيف يحكم السودان فهذا التوصيف كان سبباً في إثارة الكثير من المسائل الخلافية والمحاصصات لكن نقول يجلسون ليتفاكروا في كيف ينهض السودان ويستغل موارده الطبيعية والبشرية كما نهضت الدول من حولنا ويقفزون كما قفزت هي وهذه الفكرة كيف ينهض السودان في حد ذاتها تبعث في النفوس روح الوطنية والوحدة ولا تمنع مراعاة الحاجات الخاصة لكل منطقة لكن شيئاً من ذلك لم يحدث بل اعتبرت الحركات الحكومة الانتقالية (إنقاذ تو) تريد منها أن تحقق لها السلام الذي تريد وليس العمل سوياً معها لتحقيقه واعتبار الجميع شركاء في الثورة والتغيير ومن العجب أن الحكومة تجاوبت مع هذا المطلب وكأنها (إنقاذ تو) وبدأت المفاوضات بهذا الفهم ونعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي بأن المفاوضات لا زالت تراوح مكانها والحركات ليس لها صفة بعد سقوط الحكومة تجعلها تملي على حكومة انتقالية ليست مفوضة مطالب لا تستطيع تحقيقها وليس للحكومة كذلك الانتقالية الشرعية الكاملة التي تجعلها تستجيب لكل شيء لأن مهمتها محدودة ومدتها معدودة وقد تقر شيئاَ وتأتي حكومة منتخبة تلغيه، لذلك لا زالت المفاوضات تنعقد وتنفض بسبب خلافات لا علاقة لها باللاجئ في المعسكرات الذي يفترش الأرض ويلتحف السماء، وكان يمكن أن يسر ويفرح لو أتتنا الأخبار أن وفد الحكومة والحركات اختلفوا وتشابكوا بالأيدي بسبب الخلاف على المشاريع التنموية في تلك المناطق من تعليم وصحة وطرق لكن الخلافات وللأسف سببها المحاصصات والجهويات والخلاف على تعيين الولاة والمجلس التشريعي وكأن الدماء التي أريقت والأرواح التي أزهقت لتحقيق تلك الأهداف، ومن الأسف أنهم لم يكتفوا بما فعلته القبلية والجهوية بالمجتمع السوداني ونسيجه ونشوب الحروب بين القبائل بل أتوا بمصطلحات جديدة أسموها (المسارات) التي ألحقوا بسببها الوسط، وسوف تلحق بهم الشمالية وشمال كردفان والخرطوم ويكون قد تحقق الهدف الأكبر لبعض الجهات وهو تمزيق السودان وتشتيته إن لم يكن حسياً فمعنوياً.
هذا وقد نما إلى علمنا أن الحكومة الانتقالية أصدرت قراراً بإشراك اللاجئين في التفاوض لأنهم أصحاب المصلحة الحقيقية من تحقيق السلام وهم الذين اكتووا بنيران الحرب وهم الذين فقدوا أموالهم وديارهم ومواشيهم وزروعهم وفات على أطفالهم التعليم وغالبيتهم فروا في مدن السودان يتسولون كما ترملت نساؤهم وفاتت على شبابهم وشاباتهم فرصة الزواج هؤلاء هم أصحاب المصلحة الحقيقية من السلام اجلسوا معهم وفاوضوهم واستمعوا إليهم وإلى ماذا يتطلعون والسلام يتحقق بهؤلاء ويكتب له النجاح باستقرارهم وحل إشكالاتهم، ولا ننسى أن الحكومة السابقة قد تفاوضت مع عشرات الحركات وحاصصتهم فاعتلوا المناصب ومنهم من استوزر ودخل القصر لكن السلام لم يتحقق لأننا لم نخاطب أولئك المعنيين بالسلام ولم نشركهم في المفاوضات فعليه علينا ألا نكرر الأخطاء ولا ننسى أن الشارع عندما خرج لم يخرج لقضية منطقة أو جهة لكنه خرج لإسقاط وضع وكان يعتقد أنه بسقوطه تحل كل مشاكل السودان فلا نضيع الزمن في مشكلة حلها يكمن في خدمات ومطلوبات تلك المناطق وليس المحاصصات ويجب أن يكون شرط اعتلاء المناصب المؤهل وليس الأهل والأداء وليس الولاء حتى ولو أتت الحكومة بكل وزرائها وولاتها من جهة أو قبيلة واحدة والتجويد قبل التأييد والله المستعان.
الشيخ /أحمد التجاني احمد البدوي
E-mail :[email protected]