“حمدوك” بـ”كاودا”… هل لا زالت اليد على “التتك”؟
بعد استبعاد المُكوِّن العسكري
“حمدوك” بـ”كاودا”… هل لا زالت اليد على “التتك”؟
تقرير/ نجدة بشارة
وأخيراً فتحت “كاودا” أبوابها الموصدة، أمام الحكومة السودانية، وانتصرت إرادة السلام، وكسرت العزلة السياسية التي أوجدتها حسابات الحرب منذ اندلاعها في المنطقة عام 2011 م، عقب السيطرة عليها بواسطة الحركة الشعبية… و”كاودا “اليوم يدخلها رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك كأول مسئول سوداني، تلبية لدعوة رسمية من رئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو، بعد ستة شهور من تكوين حكومته الانتقالية، رغم أن الحكومة السابقة ظلت لتسع سنوات تتوعد .. وتهدد بدخولها عنوة واقتداراً حتى إن الرئيس المعزول عمر البشير قال قولته الشهيرة: (سنصلي صلاة الجمعة بكاودا بعد طرد الحركة الشعبية المسلحة منها)، ولم تتحقق أمنيته تلك حتى رحيله عن السلطة؟
رحلة الشتاء والسلام
أشرقت شمس يوم الخميس الشاتية على حدث تاريخي تداولته الوسائط الإعلامية المختلفة، على هبوط طائرة “حمدوك” بمدينة كادوقلي (عاصمة ولاية جنوب كردفان) في طريقها إلى (كاودا) مقر قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان، تحمل بداخلها رسل السلام، وتترقبها الأنظار بين التوجس والمخاوف، والدعوات الصادقة بقرب طي ملف الحرب وفتح ملف السلام الممكن، ونهاية المستحيل، استقبل (حمدوك) بمطار كادوقلي، كل من وزير الحكم الاتحادي دكتور يوسف آدم الضي، ووزير الشئون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح ووزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي ووالي جنوب كردفان المكلف اللواء ركن رشاد عبد الحميد إسماعيل وأعضاء لجنة أمن الولاية، وما أن أدت كادقلي فروض الاستقبال وأخلصت العهود، تركت المجال للوفد ليؤمم صوب (كاودا)، ولكن الهمهمات والهمس والجهر كان التساؤل.. لماذا رفض حمدوك ووفده أن يستقلوا طائرة حكومية وفضلوا التحليق على أجنحة طائرة أممية مملوكة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، كما استبعدت بالطاقم أي قوة نظامية لتكون مرافقة للوفد؟
ترتيبات أمنية
وصل حمدوك ووفده مدينة (كاودا) ظهراً، وهو يحمل بشارات السلام، مقابل الطلقات، وفسر محللون ذهاب “حمدوك ” ووفده إلى “كاودا” عبر الطيران الأممي نسبة إلى أن الطيران الحكومي والقوات النظامية غير مسموح لهم دخول “كاودا” نسبة لأنها ما زالت منطقة حرب، وقال القيادي بالحركة الشعبية قطاع الشمال، سعودي عبد الرحمن (للصيحة) إن استبعاد الطاقم العسكري من مرافقة الوفد ربما يكون لترتيبات أمنية خاصة وان (كاودا) ما زالت منطقة عسكرية تمنع اقتراب قوات نظامية تعتبر معادية كما أن الحلو ربما ما زال يعتقد أن القوات النظامية تتبع للنظام السابق، وحمدوك يعتبر (مدنياً) وليست له خبرة عسكرية، لذلك تمت دعوته ، وعبر سعودي عن تفاؤله بالزيارة التي وصفها بأنها الأولى من نوعها لمسئول حكومي، وقال إنها سترصف الطريق وتمهد للسلام.
إشارات لحمدوك
فسر محللون ذهاب “حمدوك ” ووفده إلى “كاودا” عبر الطيران الأممي نسبة إلى أن الطيران الحكومي والقوات النظامية غير مسموح له دخول “كاودا” نسبة لأنها ما زالت منطقة حرب، وتنبأ القيادي بحركة العدل والمساواة أحمد عبد المجيد دبجو لـ (الصيحة) بوجود ملفات غير معلنة ربما كانت السبب في أن تكون الزيارة للمكون المدني واستبعاد الوجود العسكري، خاصة وان حمدوك سبق وقابل عبد الواحد بصورة منفردة ووجدت مقابلته ارتياحاً لدى الطرف الآخر.
ويرى دبجو أن الزيارة جاءت تلبية لدعوة (الحلو)، وفسر ذلك بأن الحلو يريد أن يرسل إشارات لحكومة الثورة، ليروا على الأرض استراتيجية المنطقة وأهميتها من حيث الموارد، والقوى العسكرية خاصة وأن (بكاودا) الفرقتين التاسعة والعاشرة التي تضم ما يقارب 20 ألف مقاتل، وتقع محازية لدولة الجنوب ، وقد يكون لتقوية حجته وموقفه بمنضدة المفاوضات خاصة وأن المفاوضات تعثرت مؤخراً بسبب طلب (الحلو) علمنة الدولة، كما أن الحركة الشعبية سبق أن طرحت خيار تقرير المصير للمنطقة، وربما تكون هنالك رغبة صادقة من الحركة الشعبية للسلام، والزيارة لتقديم عربون حسن النوايا.
أسباب الزيارة
وكان وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، فيصل محمد صالح أوضح في تصريحات صحفية قال : (نحن نذهب إلى كاودا كرسل سلام وقد انتهى العهد الذي كان يتم فيه التعامل مع حركات الكفاح المسلح كأعداء، وقال إن زيارة حمدوك إلى كاودا ستسهم في كسر الحاجز النفسي والسياسي والأمني، وتعكس توفر الإرادة لتحقيق السلام في السودان، فضلاً عن أنها ستوفر فرصة للاطمئنان على المواطنين في هذه المنطقة، وأضاف : “نعول كثيراً على هذه الزيارة التاريخية، ونعتقد أنها ستفتح الآفاق أمام عملية السلام وتسهيل مفاوضات جوبا، خاصة وأن المحادثات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، كانت قد تعثرت، نتيجة مطالبة الأخيرة بعلمانية الدولة أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين يمثل غالبية سكانهما مسيحيون، فيما تمسكت الخرطوم بطرح هذه القضية في مؤتمر دستوري للبت فيها، الأمر الذي دفع الوساطة الجنوبية لتأجيل المفاوضات لأسبوعين.
مدينة كاودا
تقع مدينة كاودا السودانيّة في ولاية جنوب كردفان إحدى ولايات دولة السودان، وتتبع إداريّاً إلى محليّة هيبان في الولاية حيث تبعد مسافة 96كم شرق العاصمة كادوقلي، ومسافة 65كم غرب مدينة تلودي الحدوديّة، ومسافة 35كم جنوب مدينة هيبان، وكذلك تبعد مسافة 150كم شمال منطقتي جاوا وبحيرة الأبيض الحدوديّة، اسمها مشتقّ من كلمة كودي بالعاميّة التي تعني الشلال المتدفّق من الجبال، ترتفع مدينة كاودا عن سطح البحر ما بين 800 إلى 1000م، ممّا جعلها تتمتّع بجوٍ معتدلٍ طوال العام، وتتميّز بأنّها منطقة جبليّة ومحميّة طبيعيّة بسبب سلسلة جبال المورود التي تحيط بها من جميع الجهات، ونذكر أنّ كاودا أو كودي تتكوّن من منطقتين رئيسيتين، حسب القبائل التي تسكنها فهناك كودي العلوية وتسكُنها قبيلة الأطورو، وكودي السفليّة وتسكنها قبيلة تيرة.