استقالة سلطان
*جاء في الأخبار أن سلطان عموم دار مساليت سعد بحر الدين تقدم باستقالته من قيادة السلطنة على خلفية الأزمة الأخيرة التي شهدتها الجنينة عاصمة الولاية، ومقر رئاسة سلطنة دار مساليت التي تضم في كيانها الممتد تكوينات عرقية مختلفة من عرب ومراريت وبرقو وأرينقا، وعدد كبير من المجموعات القبلية التي تستظل بدار مساليت وتعيش بين أهلها وتم تأسيس إدارات أهلية لتلك المجموعات تحت قيادة سلطان عموم دار مساليت.
لم يتقدم السلطان سعد بحر الدين باستقالته إلا بعد شعوره بعجزه عن أداء واجبه الأهلي والقانوني في مناخ استقطاب حاد جداً ونذر صراع بين أهله والقبائل العربية، والسلطان سعد بحر الدين ظل بعض أبناء المساليت يوجهون له سهام النقد ويتهمونه بالتهاون والتماهي مع السلطة على حساب الأهل والعشيرة، وفي الجانب الآخر ظلت الحكومة تتوجس منه خيفة وكثير من ولاة غرب دارفور خاصة في حقبة الإنقاذ يتهمون السلطان بموالاة التمرد والتعاون مع الحركات المسلحة ويصفونه أحياناً بالمصطلح التخويني (طابور خامس ) ،
فوجد الرجل نفسه بين المطرقة والسندان، لكنه ظل حريصاً على أهله يقف معهم ناصحاً ومنافحاً عنهم في أحلك الظروف التي عاشتها منطقة غرب دارفور في العشرين عاماً الأخيرة حتى ضاق صدره رغم سعته وتقدم باستقالته لأهله من العمد والفرش والشيوخ، وهي استقالة ستفتح الباب لآخرين من أسرة السلطان بحر الدين المتفق عليها لقيادة السلطنة ولا بديل عنها
بعض المتطرفين من أبناء المساليت رفعوا شعار تقرير المصير لدار مساليت في مناخ الغضب العارم وسط النخب والمثقفين لما جرى لأهلهم من قتل وسحل وانتهاك لكل حق طبيعي أن يذهب البعض لآخر الطريق والبحث عن حلول صعبة بالدعوة لحق تقرير المصير باعتباره حقاً إنسانياً للمجموعات التي تعاني من الاضطهاد المذهبي والعرقي، ولكن قضية المساليت يمكن حلها في إطار الدولة الحالية، وقد بذلت الحكومة جهوداً حثيثة من خلال وجود نائب رئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي في الجنينة ومعه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدد كبير من قادة الدولة لإيقاف نزيف الدم من جهة، وافتراع حلول لقضايا النزاع بين الرعاة والمزارعين وبين المساليت والعرب، ولم تتقاعس الإرادة السياسية عن أداء دورها المطلوب، وإن كان هناك تقاعس فقد حمله الفريق حميدتي لحكومة الولاية وجنرالها الذي يعيش في متاهته منذ نشوب النزاع.
استقالة سلطان عموم دار مساليت سعد بحر الدين هي خسارة فادحة لكل دارفور والسودان لما عرف عن السلطان من رجاحة رأي ومواقف معتدلة وسعة صدر، ولكن الصراع السياسي داخل أسرة السلطان والأطماع الشخصية والسعي من قبل البعض لتجيير السلطنة لخدمة بعض الكيانات والأحزاب يدفع بالاستقطاب ليبلغ ذروته.
في مثل هذه الظروف الصعبة على الأهل المساليت التماسك والوقوف سنداً وعضداً لسلطانهم حتى لا تتمزق صفوفهم ويذهب ريحهم، لذلك يمثل رفض استقالة سعد بحر الدين بداية الحل الشامل لقضية غرب دارفور.
قاسم سليماني
* أثار اغتيال قاسم سليماني أسئلة أكثر من تقديم أجوبة حول المعركة التي تخوضها الولايات المتحدة في العراق وما بعد مقتل الجنرال عبر عملية دقيقة استهدفت شخصية لها بعدها الأيدلوجي والعسكري والسياسي من بغداد إلى دمشق، ومن دمشق إلى صنعاء، ومن صنعاء إلى طهران، وكيفية تنفيذ إيران وعدها بالانتقام من قتلة الجنرال الذي كان يمسك بكل شيء في العراك ويحرك خيوط اللعبة في الخليج ويثير مجرد ترديد اسمه الفزع والخوف وسط مخابرات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
مقتل سليماني يضيف بقعة جديدة في الثوب الأمريكي المتسخ في المنطقة، ولكنه كما قلنا يطرح أسئلة على شاكلة هل هي بداية لتكسير العظام بين واشنطون وطهران؟ أم إعادة لتاريخ قديم لواحدة من أجبن أنواع الحروب التي عرفتها البشرية حرب الاغتيالات والتفجيرات التي تنم عن عجز كبير في استخدام الوسائل الأكثر فاعلية في الوصول للأهداف.