الخرطوم: إنصاف العوض
أكدت وكلات أنباء عالمية نبأ مقتل الجنرال ستيفن تاونسند رئيس القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا وزعمت وسائل الإعلام أنه قتل خلال الهجوم على قاعدة عسكرية أمريكية في كينيا. ولم تذكر أي وسيلة إعلام رسمية ومصادر أي أنباء أمريكية عن مقتل الجنرال، فيما نشرت وسائل الإعلام الأمريكية بياناً ينقل تصريحات على لسان تاونسند بشأن الهجوم حيث أكدت وزارة الدفاع بعد ظهر اليوم الأحد مقتل أحد الجنود ومتعاقدين أمريكيين اثنين في هجوم إرهابي على قاعدة جوية كينية تستخدمها القوات الأمريكية، وقالت إن الهجوم على قاعدة عسكرية تابعة لقوات الدفاع الكينية في خليج ماندا من قبل حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة ومقرها شرق أفريقيا، والذي أسفر أيضاً عن إصابة اثنين من أفراد البنتاجون، وكلاهما في حالة مستقرة حالياً.
وقال البنتاجون إنه سيتم حجب أسماء القتلى والجرحى كجزء من إخطار أقرب الأقرباء وتأتي الأنباء غير الموثوقة في الوقت الذي يترقب فيه الإيرانيون والعالم رد فعل النظام في طهران على مقتل اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في غارة أمريكية.
تموضع عسكري
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية كشفت نية الولايات المتحدة سحب جنود أمريكيين من غرب أفريقيا؛ في إطار خطة لإعادة تموضع نحو 200 ألف جندي في الخارج.
وتشمل الخطة التخلي عن قاعدة للطائرات المسيرة بُنيت مؤخراً بقيمة 110 ملايين دولار في النيجر، وإنهاء تقديم المساعدات للقوات الفرنسية التي تقاتل المسلحين المتطرفين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين (لم تسمهم) قولهم: إن “سحب واشنطن جنوداً من أفريقيا سيؤدي إلى خطط مشابهة لتقليص الوجود العسكري الأمريكي في أمريكا اللاتينية والعراق وأفغانستان.
وأكد المسؤولون أن وزير الدفاع، مارك إسبر، يدرس تقليص عدد كبير من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط؛ بتخفيض عددها في العراق من 5 آلاف جندي إلى 2500، وسحب نحو 4 آلاف من أصل 12 ألف جندي في أفغانستان.
ويرغب وزير الدفاع في إعادة النظر في الانتشار الأمريكي على مستوى العالم عبر التخلي عن مهمات مكافحة الإرهاب؛ للتركيز بشكل أكبر على أولويتين هما: الصين وروسيا.
وتشمل المرحلة الأولى من تقليص العمليات الخارجية أفريقيا، حيث تنشر واشنطن ما بين ستة وسبعة آلاف جندي في غرب القارة كما في شرقها، وخصوصاً في الصومال.
ووفقاً للصحيفة سيشكل الانسحاب الأمريكي من غربي أفريقيا ضربة قاسية للقوات الفرنسية التي تقاتل الجماعات المتطرفة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
هيمنة أمريكية
وتأسست القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا في أكتوبر 2007، وهي وحدة مكونة من قوات مقاتلة موحدة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية، وهي مسؤولة عن العمليات العسكرية الأمريكية وعن العلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية، عدا مصر، التي تقع في نطاق القيادة المركزية الأمريكية.
وسعت الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية إلى تركيز عملياتها العسكرية في أفريقيا وذلك بحجة مواجهة الخطر الأمني المتزايد الذي تشكله ما تصفه بالشبكات الإرهابية.
وتمتلك أمريكا نحو 7 آلاف جندي متمركزين في القارة، حيث تتوزع البلدان الأفريقية حالياً بين ثلاث قيادات أمريكية؛ وهي القيادة المركزية للولايات المتحدة (سنتكوم)، وتشمل مصر والسودان وإرتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا وسيشل، والقيادة العسكرية الأمريكية في المحيط الهندي (باكوم)، ويقع ضمن اختصاصاتها مدغشقر والمحيط الهندي، والقيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا (إيوكوم)، وهي مسؤولة عن باقي الدول الأفريقية وعددها 41 دولة.
وأسست واشنطن قيادة “أفريكوم”، التي ستجعل القوة العسكرية الأمريكية أكثر فاعلية في ممارسة نشاطاتها عبر القارة الأفريقية، بحسب “البنتاغون.
وتعمل هذه القيادة العسكرية بشكل مؤقت من قاعدة شتوتغارت في ألمانيا، وسبق أن رفضت ليبيا والجزائر المقترحات الأمريكية لاستضافة القيادة الأفريقية، لكن المغرب وبتسوانا لديهما استعداد لجعل أراضيهما مقار لهذه القيادة.
وفي وقت تحمل فيه هذه القيادة مهام معلنة؛ منها “زيادة التعاون الأمني والشراكة مع دول القارة الأفريقية”، فإن أفريكوم ستعطي أيضاً الولايات المتحدة مزيداً من الفاعلية والمرونة في التعامل مع الأزمات المحتملة في أفريقيا، في ظل تزايد الاعتماد الأمريكي على مصادر الطاقة الأفريقية، ونمو العلاقات بين الصين ودول أفريقية عديدة، حيث أصبحت ثالث أكبر شريك تجاري بعد واشنطن وباريس في القارة.
تنافس غربي
وتسبب النزاع وصراع المصالح بين الدول؛ بحجة دعم الشرعية، وملاحقة المطلوبين، وتدريب القوات المحلية، بقدوم عسكر وجنود دول بعيدة وقريبة لتحقيق أعلى درجات النفوذ في مناطق تعاني شعوبها من الفقر وانخفاض كبير في النمو، بإضافة لاقتصادات فاشلة.
وحين تأسس الاتحاد الأفريقي، في مايو 2001، كان الوجود العسكري الأجنبي في القارة قليلاً، إلا أنه بعيد أحداث 11 سبتمبر من ذات العام، والحرب على الإرهاب التي قادتها الولايات المتحدة، اختلف الوضع كلياً في دول الاتحاد البالغ عددها 54 دولة، ولكن لم تكن القواعد ذات بعد فاعل عسكرياً على الأرض.
غير أن الأمر اختلف في عام 2012؛ حيث توسع الوجود العسكري ليشمل قوات برية نشطة وقواعد لوجستية وعسكرية، وفي عام 2013 كان التدخل الفرنسي المباشر في مالي.
ومع صعود الصين ووضع موطئ قدم لها في القارة السمراء، عززت الولايات المتحدة وفرنسا من وجودها في أفريقيا عبر بناء قواعد جديدة، وكذلك حذت الإمارات والسعودية حذوها تحت ستار مكافحة الإرهاب.
وفي الغالب، فإن لتلك الدول صاحبة القواعد مصالح أخرى؛ مثل قواعد فرنسا في النيجر، التي تبدو كأنها محاولة لحماية المصالح الفرنسية حول موارد اليورانيوم الشاسعة في النيجر.
ويعتبر مركز “العالم وراء الحرب المهتم بنشر دراسات حول الحروب والعلاقات العسكرية بين الدول، أن “وجود هذه القواعد في الدول الأفريقية التابعة للقوى العالمية أضعف الاتحاد الأفريقي.
ويعتقد المركز أن هذه القواعد تهدد بتقويض سيادة الاتحاد الأفريقي الهشة بالفعل في المستقبل، خاصة أن التأثير المباشر للقوى الأجنبية يهدد بإلهام المزيد من الصراعات بين الدول، في حين قد يتسبب بتفكيك الدولة الواحدة أيضاً عبر إثارة الفوضى ومنع وجود الحل السياسي.