الموت بالتقسيط !!
في التاسع من نوفمبر الماضي عبرت السيارة وادي شوشاي الذي يمثل حدوداً بين جبال النوبة وشمال كردفان واسم جبال النوبة محبب جدًا لأهلنا النوبة الذين لا يستسيغون أسم جنوب كردفان ويعتبرونه مفروضاً عليهم ويسلبهم عظمة وكبرياء جبالهم التي يقال إنها ٩٩ جبلاً.
وادي شوشاي هو آخر منطقة تتبع إدارياً لكادقلي التي تبعد عنه ٢٤٠ كيلو متراً بينما الأبيض تبعد ٦٠ كيلومتراً، ولكنه أي وادي شوشاي مرشح لأن يصبح في مقبل الأيام والسنين معبراً بين دولة أو جدارًا عازلاً مثل جدار برلين الذي تم هدمه في ذات اليوم أي التاسع من نوفمبر، وفي لحظة العبور للوادي الموسمي الجريان كانت إذاعة شمال كردفان الأبيض تبث خبراً عن احتفالية لألمانيا بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على هدم جدار برلين وكسر الطوق العازل بين شعب واحد مزقته السياسة إلى دولتين بنظامين مختلفين وعقيدة سياسية اشتراكية وشيوعية في برلين ورأسمالية في فرانكفورت
لم ينس الرئيس الألماني (الشرفي) مثل حميدتي والبرهان دعوة رؤساء دول الشيك وبولندا والمجر وسلفاكيا ووضع الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينمار وساماً فاخرًا من دولة ألمانيا على صدور رؤساء هذه الدول عرفاناً بدورها في تحطيم الستار الحديدي الذي كان يفصل بين أروبا الشرقية وأروبا الغربية وكسر جدار برلين في عام ١٩٨٩ كان حدثاً مهماً في التاريخ به بدأ زوال الاتحاد السوفيتي وغروب شمس الشيوعية في مهدها واندثارها بعد معركة طويلة خسرتها الشيوعية بالخيانة والفشل الاقتصادي وقمع حريات الشعوب. وإذاعة الأبيض وهي تبث مثل هذا الخبر بالطبع لا تعرف دلالات الحدث، ولكنها بثته كإذاعة إقليمة تجاوز عمرها الأربعين عاماً ولكنها بالطبع لم تحدث نفسها يوما مثل سائر الإذاعات بالولايات عن الفلسفة من وجودها وهل هي إذاعة مجتمع تهتم بأخبار سرقة مواشٍ من المزروب وهطول الأمطار في كازقيل ورحيل يعقوب الفيل من قرية التميت الغرب ام قديتي
أم مطلوب منها بث أخبار اجتماعات الجامعة العربية في الرياض وتطورات الأحداث في رام الله والضفة الغربية ؟.
عبرت السيارة وادي شوشاي وتأملت في وجوه الواقفين على جانبي الطريق منهم قاصدون الأبيض ومنهم متوجهون الى الدبيبات والحمادي وهي مناطق يطالب عبد العزيز آدم الحلو بعلمانيتها أو فصلها من السودان المتبقي أي يريد الحلو أن يفصل بين قريتين تقعان على الحدود بين شمال وجنوب كردفان القرية الأولى تسمى البديرية أولاد موسى وهي مسقط رأس الدكتور إبراهيم الكناني رئيس القطاع الاقتصادي بحزب الموتمر الشعبي، وهو من تبرع لقوى الحرية والتغيير في الأيام الأولى لسقوط الإنقاذ بتمليكها وثائق هامة عن الفساد والمفسدين ولكنه ربما خذله ابن عمه حمدوك كما خذل الذين راهنوا على نجاحه، والقرية الثانية هي البديرية شوشاي الأولى تقع جنوباً والثانية شمالاً وبينهما درب عامر بالحركة وتواصل ليل نهار ولا يكترث الناس إلى أي ولاية يتبعون، ولكن الآن الحلو والنخب التي تجتمع في جوبا يشيدون في غفلة منا جميعاً جدارًا عازلاً بين شمال كردفان وجنوبها بين ولاية جزء من دولة شريعة وولاية مرشحة لأن تصبح دولة علمانية بأمر الجنرال عبد العزيز آدم الحلو الذي يقف الآن لوحده داعياً للعلمانية، بينما الجميع هنا في الخرطوم يريدونها دولة علمانية ولكنهم خائفون من ردة فعل الخلاوي والجامعات والشعب المسلم وحال قوى الحرية والتغيىر التي تريد دولة علمانية ولكنها تخاف وتستحي من الدعوة لها مثل حال مرزوق بطل رواية الموت بالتقسيط للكاتب الجزائري الحبيب السائح ومرزوق يريد الزواج من ابنة عمه الذي تكفل بتربيته وتعليمه وعاش مع أبنائه بعد وفاة والده كواحد منهم، ولكنه استحى وخجل من مواجهة من أحبه قلبه ومصارحتها برغبته بالزواج منها والروائي حبيب السائح يمثل جيلاً من أدباء الشمال الأفريقي الذين لم يكتب للقراء في السودان الاطلاع علي إنتاجهم الإدبي إلا ثلاثة أدباء فقط محمد شكري صاحب الخبز الحافي وأحلام مستغانمي وأسودها الذي يليق بها وواسيني الأعرج
فصل جنوب كردفان أو جبال النوبة على أساس حضاري هو فصل بين بديرية وبديرية ونوبة ونوبة ومسيرية ومسيرية وهي منطقة لم ترفع السلاح في وجه المركز حباً في العلمانية، ولا رفضاً للشريعة منذ إعلانها في عام ١٩٨٣ لم تعبر خور شوشاي جنوباً فلماذا يسعى الحلو إلى الحلول المرة لصراع الأصل فيه ظلامات تاريخية لحقت بجبال النوبة كمنطقة جغرافية وليست كمجموعة النوبة الاثنية كما يدعي بعض من عتاة الساسة ولكن الحلو بعد عودته من حجته الأخيرة لأبوظبي تمسك بجمرة العلمانية ربما وجد تشجيعاً من الكعبة الجديدة التي سبقه إليها حجاج آخرون بلا إحرام ولكن هناك طواف وركوع وحجاج أبوظبي منهم أحزاب وعسكر وحرامية.
هو أنت قلت حاجة يا جماعة