*تتقاذفني العديد من الأفكار الجديرة بالكتابة.. بعضها خطر لي مؤخراً والآخر اقترحه بعض الأصدقاء الذين ما زالوا مؤمنين بأننا صوتهم ولسان حالهم!! وبرغم تزاحُم الأفكار على أعتاب ذاكرتي وتجمُّع الكلمات على سنة قلمي، إلا أن العجز هو سيد الموقف.
فلماذا لا أقوى على الاندياح؟ وكيف يُمكنني أن أعيد لواقعي الداخلي التوازُن المطلوب لترسو أفكاري على بر الوضوح والمَوضوعية، فيسهل على قلمي أمر الانسياب حاملاً عبارات ذات قيمةٍ، وأبعادا تصلح للقراءة، وتعبر عن الكثيرين ممن يحرصون على مُتابعتنا مُقتطعين من قُوتهم اليومي ثمن هذه الأفكار والكلمات؟!
*هو الضباب كما يسمُّونه.. يغلف روحي بغلالة رقيقة من القلق والخوف والحيرة.. ويُعطِّل حركة السير داخل ذهني وخاطري، فلا تكون الأمور جلية كما يجب، ولا البوح مُمكناً كالمُعتاد، ولا شهية الكتابة صادقة وحماسية مثلما أفضلها.
فلماذا أيتها (الفكرة) الحائرة تضلين الطريق لمُعانقة عيون القُرّاء (بكرة)؟ ولماذا تنكئين بداخلي جراح العجز والنكوص وترغمينني على التعايُش مع الكتمان والتّراجُع ولعثمة الحروف؟
إن الحياة دُون كتابة لا تستقيم.. والكتابة دُون صدق لا تصلح للقراءة.. والقراءة دُون احترام لأفكار الكاتب ضياعٌ للزمن وإهدارٌ للطاقات الذهنية التي لا تفيد صاحبها الكاتب ولا صديقها المتلقي!
غير أنّي مُرغمة على رَصّ الكلمات فوق الأوراق والزّج بها إلى جُنُود القسم الفني المجهولين ليخرجوها إلى النور في حلّةٍ زاهيةٍ كل صباح استعداداً للقائنا الراتب الذي جمع بيننا دُون مُباشرة وكفل لنا المَودّة والاحترام الكاملين من على البُعد.
*لم تعد الكتابة مجرد موهبة أو هواية أو متعة أو وسيلة لإخراج مكنونات أنفسنا فحسب.. لقد خرجت من إطارنا الخاص ودخلت إطاركم العام لأنها أصبحت مهنتنا الحياتية التي نقتات منها رغم حرصنا على التشبث بالخيط الرفيع ما بين الخاص والعام لنتمتع بكامل الواقعية والموضوعية والإحساس، قياساً على واقعنا الداخلي وظروفنا الإنسانية التي تجمع بيننا جميعاً على مُختلف فئاتنا وسماتنا وقناعاتنا وتصاريف زماننا وظُروفنا الحياتية اليومية.
فإن كانت الكتابة تستعصى على اليوم فما ذلك مني ولكنه من مزاجي وضعفي البشرى.. فالقضايا المُلحة كثيرة.. ولكني مُرهقة ومنهكة ومعتلة المزاج ومضطربة الخاطر وحزينة.
والأسباب التي قادتني لذلك كثيرة.. تلفتوا حولكم تجدوها في كل اتجاه، وأجزم أنّ عديدين منكم يُقاسموني هذه الحالة من انعدام التوازُن والحيرة لأن (الجرح) لا بُدّ جامعنا وموحد صفوفنا.
*بيد أنّ لمشكلتي وجهاً عاطفياً لا يمكن فصله عن الأوضاع السياسية والاقتصادية.. فالعاطفة أمرٌ خارج عن إرادتنا.. ولا أعلم كيف يَستنكر عليّ الكثيرين الكتابة في شأن آخر عدا المُعاناة والغلاء وارتفاع الأسعار وتملمُل الناس داخل جلودها.. فكل ذلك بالضرورة لا يُوقف عجلة الحياة عن الدوران، ولا يمنع قلوبنا عن الخفقان.. والشأن العاطفي ليس بالضرورة حكاية حُب جامحة بين طرفين أحدهما رجل والآخر امرأة.. فالعواطف تنمو كيفما اتّفق بين بني البشر وأحياناً يدخل طرفٌ ثالثٌ في القضية لأنّ عواطفنا تربطنا أحياناً حتى مع الجماد، لذا تجد أحدهم يحب سيّارته أكثر من زوجته!! ربّما لأنّها تُهيئ له سُبُل الراحة ولا ترهقه بـ(النقة) والطلبات المُستمرة ودلال النساء الممجوج.
المُهم في الأمر وحتى لا تفلت الأمور من يدي وتتقاذفني الأفكار الجوفاء.. أصارحكم بالحِيرة والقَلق.. وأرجو صبركم وتسامُحكم.. وأتمنى أن يفتح الله عليَّ بفكرة مُتّقدة تُساهم في حل أزمة الوطن والمُواطن دُون أن يطالها مقص الإحباط.. أتمنى.
*تلويح:
عفواً.. فبنات أفكاري (جفلن) ومكامن أساي (واقفات)!!!