التمويل الأصغر.. تحديات الواقع والتطوير
الخرطوم: مروة كمال
جاءت سياسات بنك السودان المركزي للعام الحالي بكثير من البشريات بشأن التمويل الأصغر، معلناً عن تقييم شامل لكل مؤسسات التمويل الأصغر ومعرفة أوضاعها، وأكد وجود برنامج مشترك مع وزارة الزراعة لتمويل الشباب بـ18 مليون دولار يتم توقيع العقود الخاصّة به في منتصف يناير الجاري بإجمالي مبلغ 30 ألف دولار، والتوسّع في برامج التمويل الأصغر ورفع رؤوس أموال تلك المؤسسات.
والشاهد أن التمويل الأصغر يواجه معوقات كبيرة حالت دون مساهمته في الحد من الفقر في البلاد، متمثلة في أن الضمانات غير كافية، حيث يوجد غياب نظم ضمانات إئتمان مؤسسية في السودان عدا ضمان الفرد طالب الإئتمان. كما أن صغر حجم المشروع يجعل من الصعب حصولها على التمويل المصرفي لأسباب عديدة منها ارتفاع احتمالات المخاطرة وعدم وجود ضمانات كافية لدى أصحاب تلك الصناعات مقابل التمويل, فضلا عن انعدام الوعى المصرفي. فضلاً عن الكفاءات الإدارية والفنية في هذا المجال تفتقر للخبرة في العديد من المجالات كالأعمال الحسابية والتسويقية والأمور الفنية وغيرها من مستلزمات العمل الجماعي، وأن الظروف الاقتصادية الكلية تؤثر على تطور قطاع المشاريع الصغيرة، فالارتفاع والانخفاض في قيمة العملة، و سياسات صرف العملات، والسياسات النقدية، والسياسات المتعلقة بتحديد هوامش الأرباح كلها تؤثر بشكل كبير على تطور ونمو هذا القطاع أو إخفاقه.
ويرى خبراء اقتصاديون ضرورة إقامة مؤسسات مالية متخصصة للتعامل مع المؤسسات الصغيرة في ظل شروط سهلة وميسرة تتماشى مع قدرة هذه الصناعات على الوفاء بها، وتشجيع المصارف بتسهيل الحصول على التمويل اللازم دون تعقيدات كثيرة وبضمانات لا تشكل عبئاً مادياً على المشروع وتوسيع مفهوم مشروع الأسر المنتجة من الاستفادة الفردية في القرى والأرياف إلى الاستفادة الجماعية خاصة في المدن بالمساهمة في إقامة مصانع صغيرة يعمل فيها ويديرها الفقراء بأنفسهم وبالضرورة تدريبهم على كيفية تشغيل وصيانة وسيلة الإنتاج في المراكز الفنية.
نبت ليس له أصل
ويقول رئيس قسم الدراسات الاًقتصادية بمركز الراصد د. عثمان الفاتح لـ(الصيحة)، إن إعادة الهيكلة وزيادة حجم التمويل الأصغر لا معنى لها إن كانت الطريقة التي يعمل بها لا زالت عشوائية ولا تخدم الاقتصاد السوداني.
ويضيف الفاتح أن مشكلة التمويل الأصغر في السودان نتجت عن كونه منذ البداية لم يكن جزءاً من خطة نهضوية للدولة السودانية وبالتالي كان عبارة عن نبت ليس له أصل، وكان مجرد تقليد لأفكار نجحت في الخارج وتم نقلها بدون أن يتم نقل أسباب نجاحها معها.
ورهن إنجاح التمويل الأصغر وجعله يسهم في تقليل الفقر وزيادة الإنتاج والصادر بأن يكون جزءاً من خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الصادرات، وذلك عبر عدة مراحل أجملها في أن يتم توجيه التمويل الأصغر لتمويل مزارع تسمين العجول تحت إشراف جهة حكومية لإمداد المسالخ بحاجتها من العجول، إضافة الى تأسيس مشاغل لصناعة الأحذية والحقائب الجلدية والمشغولات الجلدية الأخرى لاستيعاب إنتاج المدابغ من الجلود المصنعة، بجانب تمويل مشاغل لصناعة الملابس بالتنسيق مع مصانع المنسوجات على أن يتم كل ذلك الإنتاج ضمن مواصفات جودة تشرف عليها جهة رسمية وتتولى جهة أخرى توفير المادة الخام في إطار التمويل وتستلم جهة أخرى الإنتاج ضمن عقد مسبق فيه ضمان ربحية معقول للمنتجين مما يمكن التمويل الأصغر من خدمة أهداف الاقتصاد السوداني، وبالتالي تقل فيه المخاطرة ويتم توفير ملايين من فرص العمل للشباب، لافتاً إلى إمكانية الاستفادة من أموال شركات التأمين إضافة للمصارف، وكذلك أموال صندوق الضمان الاجتماعي، فضلاً عن استجلاب دعم دولي، جازماً بأن هيكلة الجهات التي تقدم التمويل الأصغر مطلوبة بيد أن الإشراف على تحديد ما هو مطلوب من التمويل الأصغر هو الأهم والذي يتفق مع متطلبات المرحلة التي يمر بها الاقتصاد السوداني.