“قحت” تسعى لتفكيك الإدارة الأهلية.. استقالة السلطان سعد نموذجاً !!
المعروف أن الإدارة الأهلية أصلاً خرجت من رحم القبيلة والتي ظلت تشكل وتلعب دوراً محورياً في نشاط المجتمع وحركته لقرون خاصة في الريف الدارفوري، وكان لزعماء الإدارات الإهلية ورموزها سلطاتهم المطلقة وهيبتهم التي سخروها للدفاع عن قبائلهم وتأمين أفرادها من الخوف في بيئة مشبعة بثقافة الحرب واستباحة الآخر.
اكتسبت الإدارة الأهلية شرعيتها بصدور قانون المشائخ العرب في العام 1922م، والذي تلته قوانين وتشريعات لاحقة زحفت بعدها الإدارة الأهلية لكل بقاع السودان ريفاً وحضراً، ومعلوم أن الإدارة الأهلية قامت على بناء النسيج القبلي الذي ساد المجتمع وتحكم في مصائره , لقد كان المستعمر بحاجة ماسة لنقل تجربة الحكم غير المباشر والتي أصابت نجاحاً باهراً في هذا الصدد حتى تكون له عوناً وسنداً في إدارة البلاد خاصة في مناطق الريف, لقد وجد المستعمر في الإدارة الأهلية جهازاً إدارياً قليل التكلفة واسع الانتشار وبالغ الأثر في المجتمع القبلي، فتمت الاستعانة بزعماء القبائل وقياداتها رؤساء للإدارات الأهلية بمسمياتها المختلفة، وفقاً لتقاليد وأعراف كل منطقة منهم الملوك والسلاطين والنظار والمقاديم والديمنقاوي والشراتي والعمد والفرشة والشيوخ، ومعظم القيادات تسلمت المواقع الإدارية عن طريق الوراثة أو العائلة .
ومهما كان الأمر، فإن الإدارة الأهلية لعبت دوراً هاماً ومحورياً في بسط الأمن والاستقرار وبناء العلاقات القبلية وحسن الجوار والتعايش السلمي بين مختلف المجموعات الإثنية، هذا إضافة لتفانيها في خدمة الأنظمة المتعاقبة استعمارية ووطنية وشمولية وديمقراطية، فقد كانت آلية فاعلة في تحصيل أموال الدولة وفي حفظ الأمن والاستقرار وملاحقة النهب المسلح ومحاكمتهم حسب أعراف وتقاليد كل قبيلة في دارفور .
ولكن بالرغم من كل هذا الدور الهام والأداء الطيب للإدارة الأهلية في القرون والسنين الماضية، إلا أنها تتعرض للاستهداف والاختراق الآن من قبل ما يسمى بالشيوعي وأحزاب “قحت” ومعروف تاريخياً أن الشيوعي شحم ونار مع الإدارة الأهلية، وتسعى قحت لتفكيك الإدارة الأهلية وتعتبرها مثل النقابات والاتحادات والمؤسسات، ولكن الإدارة الأهلية ليست مؤسسة أو حزباً ليتم تفكيكه.
ما حدث في الجنينة من أحداث مؤسفة للغاية المسئول عنها قحت التي تمثل الحكومة وتدخلها ليس بغرض الحل بل لتأجيج فتنة جديدة والتحريض والنتيجة استقالة السلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين سلطان المساليت في بداية لعهد تسييس أو إلغاء الإدارات الأهلية وبالرغم من استجابة سعد للضغوط ولكن القرار غير موفق لأن إيادي قحت القذرة لعبت الدور في تفكيك الإدارة الأهلية وذرع الفتن بين مكوناتها.
نحن اليوم أحوج ما نكون للإدارة الأهلية وحكمة زعمائها لإنقاذ الموقف الدائر في دارفور الآن والإدارة الأهلية سلطة بالوراثة وليست بالتعيين كما تريدها قحت الآن، فهناك رموز وشخصيات عرفهم التاريخ بالنزاهة والحيادية والعدالة والمساواة أمثال مادبو، دبكة، الغالي، السماني، دوسة، آدم رجال، السحيني، التعايشي، علي دينار… الخ هؤلاء كانوا رجال ورموز الحكمة والدراية والفهم في معالجة المشاكل القبلية وخرج سعد من صلب هؤلاء وورث السلطنة أباً عن جد، والآخرون أيضًا ورثوها ولم يتم تعيينهم لأنها ليست مؤسسة مثل النقابات، يجب أن تفهم قحت وتبتعد عن تفكيك الإدارة الأهلية بالتحريض أو التدخل المباشر .