*صديقي الذي طال غيابه عن السودان وهو مهاجر هرباً من الظروف الاقتصادية التي كانت أفضل في السابق من الآن، ورغم ذلك فضل ترك الأهل والأحباب من أجل مستقبل مشرق، عاد إلى الخرطوم بعد ثورة ديسمبر في أول زيارة له منذ سنوات عديدة قضاها في المهجر.
*بدا مندهشاً “كثيراً” من انشغال الجميع لهثاً وراء “لقمة العيش” فحينما هاجر كان يلعب كرة العصرية في ميدان الحلة ويجلس مع الأصدقاء تحت أحد أعمدة الشارع يتسامرون حتى وقت متأخر من الليل، ليعود وينام في أمن واستقرار دون أن يكون متوجساً من زوار الليل، فهو يعلم أن الخيالة “شرطة السواري” يجوبون الشوارع طولاً وعرضاً.
*وما يفعله هذا الصديق كان في جل أحياء الخرطوم خاصة “جلسات المساء” وحماية “الحلة من الغرباء، كان شباب الحي يخافون على “بت الجيران” مثل خوفهم على أخواتهم ويدافعون عن المظلوم في الشارع وإن لم يكن يعرفونها.
*عاد صديقنا ليجد الخرطوم تحول حالها، وأصبح “التحرش” في الشارع العام “أمرا عادياً” وبعض الشباب يتفرجون على الفتيات وهن يتحرش بهن من المرضى وضعاف النفوس.
*فقلت له لا تستغرب يا صديقي فجيل هذا الزمان لا يفرق بين الحرية والفوضى، ولا يعلم كيف تبنى الأوطان ويحافظ على الممتلكات العامة، بعض شباب هذا الزمان لا يعلمون أن ماي كسر في الساحات العامة هو ملك له يجب المحافظة عليه وبعضهم لا يعلم أن أوربا التي يحاول البعض السفر إليها بها حرية شخصية، ولكن لا يقبلون بالفوضى في الشوارع ولا يخربون الممتلكات العامة.
*منذ نهاية العام المنصرم 2019م والفوضى تنتشر في شوارع الخرطوم من عصابات النيقرز التي تهدد وتسلب المارة دون أن يجدوا رادعاً، ووصل الأمر بالتعدي على الأطباء بمستشفى أمبدة والمارة عند كبري الحلفاية، ولا نعلم أي المناطق ستكون مستهدفة في الأيام المقبلة وأي الشوارع ستشهد فوضى النيقرز في ظل “سكون” الشرطة عن ردع مثل هذه الممارسات.
*عموماً على شباب الأحياء المختلفة أن يكثفوا من دورياتهم لحماية ممتلكاتهم وأهلهم من هذه الفوضى التي تفرضها هذه العصابات المنتشرة.
*ما يحدث من “النقرز” هذه الأيام يذكرني بما حدث في مصر عقب ثورتهم التي “سلبت” وحتى لا يتكرر المشهد في الخرطوم يجب أن نستشعر “نخوة” السودانيين في الدفاع عن المستضعفين ومحاربة المتحرشين وأن لا يتفرجوا على ما يحدث لأنك إذا تفرجت اليوم سيتفرج الآخرون عنك غداً.
*إنها رسالة لبعض شباب “اليوم” يجب أن يفرقوا بين الحرية والفوضى أولاً، وبين المطالبة بحكم مدني وقلة الحياء، ونسأل الله أن تعبر بلادنا إلى بر الامان والاستقرار حتى لا تعم الفوضى أكثر مما هي عليها الآن.