تقرير: محيي الدين شجر
نشرت (السوداني) في أحد أعدادها أن النائب العام تاج السر الحبر، شكّل لجنة للتحقيق في فساد ومخالفات الأراضي بالخرطوم، وبحسب معلومات (السوداني)، فإن اللجنة ستقوم بمراجعة الأراضي، وستتخذ الإجراءات القانونية في حال وجدت مخالفات في البيع أو التملُّك أو شخص غير مستحق بجانب حصول أي شخص على تخفيضات.
وقالت إن اللجنة قد تستدعي مديري الأرضي السابقين للإدلاء بمعلومات بشأن الأمر.
وبلا شك، فإن هذه اللجنة ستنظر في مخالفات الأراضي بولاية الخرطوم والتي كان قد ثار حولها لغط كبير خلال سنوات الإنقاذ، وشغلت الرأي العام السوداني.
ولعل من أبرز تلك القضايا قضية تجاوزات مكتب والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر، حينما قام بعض موظفيه ببيع اراضٍ استثمارية مميزة عام 2014 إضافة إلى تخفيض رسوم نحو 300 قطعة أرض سكنية.
ومن أبرز القضايا التي شغلت الأراضي في فترة النظام البائد، ما نُشر عن تملك عصام عبد القادر وكيل وزارة العدل لعدد كبير من الأراضي، غير أنه نفى في مؤتمر صحافي أن يكون قد اتبع وسائل فاسدة في الحصول على أملاكه من الأراضي، واعترف في مؤتمر صحافي بالعمل في مضاربات الأراضي، وأكد تفضيل زملائه الاستثمار في العقارات، لأنها تجنبهم دخول عالم التجارة المحفوف بمحاذير وقيود قانونية. فيما أكد أن ثروته تبلغ (10) مليارات جنيه وليس (30) مليار جنيه، داعياً وزير العدل واللجنة المختصة بفحص إقرارات الذمة المودعة بإدارة الثراء الحرام. وقال: ما أثير يجافي الحقيقة.
ومن الأراضي التي قد يشملها تحقيق اللجنة أرض المدينة الرياضية بالخرطوم التي تقلصت مساحتها حسب قرار للمراجع العام من (1.488.144) متر إلى (406.000) م2 ، حيث أشار تقرير المراجع العام أن أرضها ذهبت لنافذين ولجمعيات طوعية، وجزء منها لجهات مجهولة، وقال التقرير إن كل أراضي المدينة الرياضية مسجلة باسم حكومة السودان حتى الآن.
ومن الملفات التي ستنظر فيها اللجنة ملف سوح الميادين التي تصرفت فيها بعض الجهات، وملف تملُّك عدد كبير من المسؤولين أراضي في مواقع مميزة بطرق غير قانونية، ومنهم (قيادي معروف) تملّك 40 قطعة سكنية بإحدى ضواحي الخرطوم بحري..
إضافة إلى التجاوزات التي تمت في الساقية (1) مطري الجريف غرب التي تصرفت فيها الأراضي بتوكيل رغم وفاة الموكّل، ومضت في توزيع الأرض رغم علمها بوفاة الموكّل .
الخضر يتأسف
وكان عبد الرحمن أحمد الخضر والي الخرطوم، تأسف عقب كشف فساد أراضٍ بمكتبه لما حدث،
وألمح إلى إمكانية معالجة الموضوع داخلياً، إلا أن المسؤولية الأخلاقية كما أشار قد حتمت عليهم إيصال الأمر إلى نهاياته .
وقال الخضر في حضور مدير جهاز أمن الولاية اللواء محمد مختار، إن التحقيقات مع الموظفين بمكتبه خلصت إلى التعامل معهم وفق قانون الثراء الحرام والمشبوه بعد أن توصلت إلى استحالة إثبات التزوير في توقيع الوالي وعدم وجود اعتداء على المال العام.
وأشار الوالي خلال تنوير صحفي له بالنادي الوطني بالخرطوم، إلى أن متهمي مكتبه انحصرت مخالفاتهم في الأراضي الاستثمارية مستغلين معرفتهم بالإجراءات، وأن جملة ما استولوا عليه هي ست قطع أرض وأربع عربات ومبلغ مالي في حدود 2350000 جنيه ما يعادل في جملته 17835000 جنيه، قاطعاً بعدم صلته بأي من المتهمين أو مشاركتهم إجتماعياً .
وكان المتهم الأول في تلك القضية الملازم غسان عبد الرحمن قد لقي مصرعه في الثالث عشر من مايو 2015 إثر حادث حركة بعد تعرضه لكسر في الجمجمة نقل على إثره لمستشفى الفؤاد.
وقال غسان بعد القبض عليه في تصريحات تسربت إلى وسائل التواصل الاجتماعي: “أنا ﻟﻢ ﺃﻗﻢ ﺑﺘﺰﻭﻳﺮ ﺧﺘﻢ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻟﺒﻴﻊ ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻣﻜﺘﺐ اﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻱ ﻟﺒﻴﻊ ﻭﺷﺮﺍﺀ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻳﺪﻳﺮﻩ أحد المقربين من والي الحرطوم”.
الشرطة تنفي
وحينها نفت الشرطة السودانية أن يكون الملازم غسان عبد الرحمن تعرض إلى تسمم أو تهديد، وقالت إنه بصحة جيدة، ولم تتخذ ضده أي إجراءات تعسفية كما تردد في مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت الشرطة أن غسان لم يدلِ بأي تصريحات لأي جهة أو أي شخص، ولم يطلب تدخل أي منظمة أو غيرها، كما أكدت أنه لم تتخذ ضده أي إجراءات استثنائية أو تعسفية وتم حجزه وإيقافه وفق الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات، ويتمتع بكل الحقوق التي يكفلها له الدستور والقانون إلى حين الفصل في هذه القضية .
وكانت قضية تجاوزات مكتب والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر، قد انتهت بما يسمى بالتحلل الذي جوّزه قانون الثراء الحرام، حيث قضت لجنة التحقيق باسترجاع ما قيمته 17 مليون جنيه من المتهمين.
إلا أنه في مايو 2015 أمر وزير العدل عوض الحسين النور بإعادة فتح ملف الفساد في القضية مرة أخرى، وقرر تشكيل لجنة للتحقيق في جميع الأراضي التي تم تخفيض رسومها خلال حقبة الوالي عبد الرحمن الخضر .
حيث باشرت اللجنة عملها وقام عدد كبير من المستفيدين من التخفيض بسداد قيمة رسوم الأراضي التي تحصلوا عليها ..
هذا، واكد مدير عام سابق للأراضي ـ فضل حجب اسمه ـ لـ (الصيحة)، أن كل قطع الأراضي التي تحصل عليها عدد من الأشخاص خضعت للإجراءات الصحيحة فيما يتعلق برسومها، وقال إن قانون الأراضي في المادة (52) (تقويم الأراضي)، نص على أن تقوم الأراضي بواسطة لجنة فنية يشكلها الوزير من وقت لآخر وتمثل فيها جهات الاختصاص، ويكون التقويم أساساً بالمقارنة مع سعر الأراضي المماثلة لها، فيدفع المتصرف للحكومة ربع الفرق بين التقويم وآخر تقويم لآخر تصرف تم فيها، وتشمل كلمة التصرف كل قرار أو حكم تصدره أي محكمة مختصة .
وقال إن والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر لم يرتكب جرماً، وتمت محاكمته سياسياً بحكم منصبه، كونه لم يقم باختيار طاقمه على أكمل وجه، مبينًا أن كل أراضي مكتب الخرطوم حولت إلى لجنة التقويم والتي إما أن ترفض فيها التخفيض أو تحدد هي نسبة التخفيض أو توافق على النسبة التي يحددها الوالي للتخفيض..
وقال إن الأراضي عبارة عن مستندات، ولا يمكن أن يكون هنالك تصرف في الأراضي دون مستندات، مشيراً إلى أن التصرف في الأراضي ينحصر بين الوزير ومدير عام الأراضي حسب القانون .
ورحّب المدير العام الأسبق للأراضي بلجنة التحقيق التي سيكونها النائب العام، وقال إن التحقيق يعني الاستناد إلى القانون، ولا أحد يخشى القانون.
فهل ستصل لجنة التحقيق الجديدة إلى متهمين جُدًد في فساد أراضي الخرطوم، أم ستصل إلى نفس نتائج لجان التحقيق السابقة في نظام الإنقاذ البائد.