* يطل العام الميلادي الجديد برأسه…. يجن به العالم… ويحتفون به أيما احتفاء, كل على طريقته الخاصة… يستقبلونه استقبال الفاتحين باذلين الآمال والتطلعات لغد أفضل يخرج بهم من ظلمات الإحباط إلى نور الأحلام الوردية الغالية.
يقيمون المهرجانات الفنية, والرحلات الترفيهية, واللقاءات الأسرية من أجل الضحك والمتعة والتواصل الحميم والمرح.
تجيء معظم الاحتفالات صاخبة…يطغى صوتها على صوت الأنين الموجوع للسنة المنصرمة وهى تشد رحالها نحو غياهب التاريخ دون أن نراعي مشاعرها أو نودعها كما يجب!!! هذا هو حال الإنسان…. يعتنى فقط بالذي بين يديه ولا ولاء له. لذلك نبذل نفاقنا الاحتفائي فقط برأس السنة الجديدة متجاهلين عشرتنا الطويلة مع ذيل القديمة بكل تفاصيلها وذكرياتها.
* وبين الرأس والذيل والاحتفال…علينا أن نتذكر أن للعام كذلك أقداماً…تركض فوق أعمارنا وتركل أيامنا وأحلامنا … تأخذنا بعيداً عن شبابنا الغض وبراءتنا وشكل حياتنا البسيط إلى مراحل أخرى أكثر تعقيداً وأشد عنتاً وعجزاً وقلة حيلة.
تقودنا أقدام العام إلى حيث تنضج تجاربنا.. وتبهت عواطفنا .. وتغيب ملامحنا .. وتهرم أبداننا .. وتشيخ أعمارنا .. وتشيب شعورنا .. وتهدأ مشاعرنا.. وتضعف أبصارنا… وتخف أسماعنا وتنام أحلامنا .. وتموت عواطفنا.. وتزداد ذكرياتنا جمالاً.
* وبرغم ذلك الرأس الذي يمد لسانه ساخراً…. وذلك الذيل الذي يهتز مودعاً حسيراً… تبقى الأمنيات الطيبة والعشم الأخضر.
فكل عام والجميع بألف خير…. كل عام والقراء الأعزاء عنا راضون ومعنا متفاعلون…. كل عام والأصدقاء يتشبثون بالوفاء والأعداء يتحلون بالإنصاف … كل عام والأهل والأقارب يحفظون الوصل والود القديم دون غيلة…. كل عام والمجتمع معافى من داء الحسد والغيرة والغيبة والنميمة والبهتان…. كل عام والبلاد في رخاء ورفاهية, تمتع ناظرينا بالخضرة والجمال والنظافة… وتدفئ جيوبنا بالستر والعيش الكريم…. كل عام ورجال الشرطة السودانية فى جميع الوحدات يتواصون بالحق وينحازون للشعب… والشعب يحترم القانون ويتبادل أنخاب الرحمة والإنسانية.
كل عام والصحافة تتمرغ فى بلاط الحق والشفافية لنكتب من موقع الحرية غير مدفوعين بسبة أكل العيش وحده دون أن يكون لنا في ما نكتبه متعة وموهبة… عسى كلماتنا تنزل برداً وسلاماً على قلوب المتعلقين بحبائلنا للوصل بينهم وبين أولى الأمر على أمل وضيء.
* كل عام والمستقبل يشرع أبوابه لصغارنا فيركضون نحوه معانقين الحضارات والعلوم والنجاح…. كل عم وواقعهم الطفولي يتمتع بالبراءه الممزوجة بالنضج والوعي اللازم ليوفروا الحماية لذاتهم …. وكل عام وهم يبذلون لنا البر ويصبحون عوننا على الأيام المتكالبة والعجز المتوقع والضعف القادم.
كل عام والحب يسري في عقولنا قبل قلوبنا فتتفتق الأفكار الإيجابية وتمضي الحياة بين المحبين بالقدر الكافي من الاحتمال والاحترام والإخلاص والتعايش والاستقرار والهناء والمودة.
كل عام والمعلمون والأطباء والمهندسون ورجال الدين والعمال وأصحاب المهن الهامشية والحرفيون وبائعات الشاى يمارسون مهامهم مدفوعين بالتفاني والتجرد والالتزام نحو الوطن والمواطن.
* نتوق لعام قادم دون تقشف ولا زيادات مرتقبة ولا إرهاصات لرفع الدعم ولا فوارق طبقية، ولا تكتلات سياسية ولا انشقاقات حزبية، ولا تطرف طائفي، ولا جرائم دخيلة، ولا ملفات فساد متراكمة ولا أمراض مستعصية.
عام مليء بالإنجاز والعطاء والنظام والتطور والبنى التحتية والوظائف المريحة والمواصلات الوفيرة والأسواق العامرة والأسعار المنخفضة والزيجات الناجحة.
هكذا نحلم كل عام… وها نحن ننقل أحلامنا إلى العام الجديد مثلما ينقل الأطفال ألعابهم إلى خزانة جديدة تعجبهم جداً.
لعل وعسى…أن تكون أقدام هذا العام مترفقة بنا لا تعلم من أمرها سوى السير على الطرق المعبدة السالكة….. وكونوا بألف خير.
*تلويح:
كنت سندي العام الماضي… وستظل سندي في العام القادم…. فأقدام العام يا سيدي لا تعرف طريقها لوريد قلبي الرئيسي المرهون لك.