تقرير: صلاح مختار
أشعل المؤتمر الشعبي أمس، الساحة السياسية، وهي تدخل في الخواتيم والساعات الأخيرة من العام 2019 بعدد من القضايا الهامة، ولكن كان التركيز فيها على محكمة الشهيد المعلم أحمد خير التي نُطِق الحكم فيها، حيث اعتبر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي إدريس سليمان الشهيد أحمد خير رمزاً لكل شهداء الثورة السودانية وقضيته هي قضية وطنية، وأضاف: القضية شهدنا فيها اللحمة الوطنية في تشكيل هيئة الاتهام التي تشكلت من (150) محامياً أبدوا رغبتهم وحرصهم وأيدوا في ذات الوقت أن تتحول هيئة الاتهام إلى هيئة وطنية للدفاع عن الحقوق والحريات والشهداء، وقال: سنظل نطالب بالقصاص لكل الشهداء.
حق ومطالب
بيد أن سليمان قال إن قضية شهداء فض الاعتصام شائكة لجهة أن الشركاء فيها يحكمون اليوم، وكثير من أحزاب التحالف الحاكم شركاء في الجريمة، وأضاف: منهم من كان ينادي من الخارج بفض الاعتصام ومنهم من وقع ووافق ومنهم من ظن أن فض الاعتصام يمثل سانحة للضغط على بعض المكونات دولياً، ويريد أن يتاجر بدماء الشهداء، ومنهم من علم بفض الاعتصام وسكت واكتفى بطي خيامه وسحب أفراده، ولم يبلغ الشعب السوداني عن المجازر وأن الشعب يقتل شر قتلة، وإنما اكتفى بحزم خيامه وترك الشباب يُقتَل. ومضى بالقول: هؤلاء شركاء في الجريمة، وأن الإثبات عليهم عسير إن لم يكن هنالك هيئة مثل هيئة الاتهام في قضية أحمد خير، بيد أنه قال: لن يضيع حق من ورائه مُطالب.
نسق استبدادي
وكشف سليمان عن نسق استبدادي جديد بدأ في الساحة، مشيراً إلى مسألة فرض الطوارئ وتفعيل قوانين الاعتقالات السياسية ومسألة تكميم الأفواه وتهديد الصحافة، مشيراً إلى قضية محاولة إيقاف قناة طيبة الفضائية. وتساءل لماذا توقف القناة؟ مبيناً أن النظام السابق مثل نموذجاً لكبت الحريات والقتل، وقال: الآن استبدلنا نظاماً استبدادياً بنظام استبدادي جديد.
أحداث الجنينة
ووصف سليمان الأحداث التي اندلعت بولاية غرب دارفور بأنها تشكل مهدداً للسلم الإجتماعي، مشيراً إلى مقتل (28) فرداً منهم (4) نساء. واتهم صراحة بعض مكونات التحالف الحاكم بإشعال الفتنة في الجنينة، وقال إنها استفزت مكوناً اجتماعياً مما أدى إلى هذه الفتنة. وقال: التحالف الحاكم بأقواله وأفعاله قاد لذلك, ودعا إلى ضبط النفس والهدوء, وحمل الحكومة والتحالف الحاكم مسؤولية أحدث الجنينة.
الوهمي والخيالي
وقال إن الشعب قام بثورة عظيمة، ولكن سرقتها شلة عابثة قليلة، وانتقد الميزانية المقدمة من الحكومة، وأضاف: لأول مرة الحكومة تلعب لعبة الورقتين, واعتبر ميزانية الحكومة بالوهمية والخيالية لا تقوم على حقائق ولا أرقام، وإنما هي ميزانية استعمار واستحمار وهي كسراب البقيعة التي يحسبه الظمان ماء، وهي محاولة تسليم السيادة الوطنية للخارج، وحمل التحالف الحاكم كل الإخفاقات والأزمات التي تمر بالبلاد، وقال إنها ميزانية استحمار، لأنها تبيع كل الموانئ والذهب إلى محتكرين، ودعا إلى رفع مرتب العامل إلى (16) ألف جنيه، وهي تكلفة المعيشة.
عمل مُدبّر
وكشف سليمان بأن البلاد أصبحت ساحة لفرض عمل إستراتيجي تشكّل في عدد من العواصم والبلدان النافذة، وقال إن تلك الدول شكّلت فرق عمل استراتيجي الهدف منها والأساسي تشكيل مستقبل السودان ولن نسمح به, مؤكدًا أن مستقبل السودان يشكله شباب الثورة، وليس الخارج، وأكد أن واشنطن ولندن وأبوظبي هي عواصم للعمل الاستراتيجي تشكل مستقبل السودان، مبيناً أنهم لن يسمحوا بذلك. وأفصح عن دولة قال إنها صغيرة أقامت مركزاً للتجسس وسط الخرطوم، وأن المركز مجهز بأجهزة حساسة ومتطورة للتجسس على هواتف الشعب السوداني وليس جهاز المخابرات، وقال: توجد منظمات لا عمل لها سوى السودان.
ترجّل الحكومة
ودعا سليمان إلى ترجّل الحكومة قبل أن تسقط، وإلى مدة انتقالية مدتها عام، تعقبها انتخابات مبكرة، وقال: المجموعة الحاكمة تشكل خطراً ومهدداً للأمن, ودعا إلى مشروع وطني جامع يتم التوافق على اللعبة الديمقراطية، وقال: لا نريد أن تصبح البلاد ساحة للاستخبارات والعمل الاستراتيجي, وأضاف إننا لا ندعو إلى ثورة مضادة أو تحرك ضد إرادة الشعب السوداني، قائلاً: نحن مع إرادة الشعب السوداني ومع أهداف الثورة، مبيناً أن كل الخيارات لديهم مفتوحة ومتاحة وفق تقديراتهم.
توسيع المشاركة
وأكد أمين الأمانة العدلية بالمؤتمر الشعبي د. إسماعيل الأزهري، أن التكليف جاء من أسرة الشهيد أحمد خير عقب زيارة وفد من الحزب إلى الأسرة بكسلا، وقال إن اللجنة رأت توسيع المشاركة في اللجنة، مشيراً إلى موافقة قرابة (70) من المحامين في هيئة الاتهام، مشيرًا إلى الجهد الذي بذلته الهيئة حتى تكللت بالنجاح بالنطق بالحكم الذي سيكون عبرة ومنارة لكل من تسول له نفسه مخالفة القانون أو ارتكاب أي جريمة.
واعتبر النتيجة التي توصلت إليها المحكمة بالمُرضِية، وأكد أن جهاز الأمن اتبع الطرق القانونية في الطعن على قرار الحكم، وأكد استعدادهم الرد على أي طعن.
القيم الإنسانية
وصف عضو هيئة الاتهام محمد عبد العال جودة، المحكمة بالعظيمة ولم تكن في مواجهة الشهيد، وإنما للقيم والأعراف الإنسانية، وقال: المحاكمة ضد كل من ينتهك الحقوق، وأضاف: محاكمة المتهمين في قضية أحمد خير هي محاكمة للممارسات التي يقوم بها المسؤولون والمتنفذون في النظام البائدز
وكشف عن تلقيهم تهديداً من جهات لم يُسمّها، وأكد أن التهديد ليس الأول، مبينًا أن المحاكمة تؤكد إذا لم تلتزم بالقانون ستحاكم بالقانون. وأثنى على حديث جهاز الأمن بمواصلة التقاضي القانوني في القضية مؤكداً أن المحاكمة عادلة أعطت الدفاع فرصاً إضافية، ووصف النطق بالحكم في محكمة عليا لا يمكن النقض فيه، وقال إن قضية الاتهام تحملته هيئة كاملة، وأكد أن هنالك (10) اجتماعات مع الأطباء لمعرفة أسباب الوفاة, وشدد بأن كل من تستر أو حرف أو أخفى أداة للجريمة سيواجه بأسباب الجريمة.
وكشف عن محاولة جهاز المخابرات تحويل القضية غلى قضية عسكرية. وكشف عن دعوة صُرّحت ضد والي كسلا السابق آدم جماع ومدير الشرطة بالولاية، بجانب مدير جهاز الأمن والمدير التنفيذي، وقال كلها أيام حتى بداية الإجراءات في مواجهتهم, وأعلن أن هيئة الاتهام وضعت نفسها تحت تصرف أي أسرة شهيد.
شقيق الشهيد
وأكد شقيق الشهيد أحمد خير, فهد الخير أن يوم النطق بالحكم هو يوم من أيام السودان اختص من حق الشهداء، وقال: قبل أربعة أشهر كنا نصارع النظام أن يقدم الشهيد إلى محاكمة أمام القضاء رغم أن القضاء هو الجاني والخصم, وأشار إلى زيارة وفد من المؤتمر الشعبي بقيادة إبراهيم السنوسي، وقال: نحن كأسرة ليست لنا علاقة بالقانونيين، وأكد أن المرحلة الأولى من القضية انتهت، وهنالك مرحلة ثانية في مواجهة اللجنة الأمنية بالولاية هم في دائرة الاتهام إلى أن تثبت براءتهم.