استثمارات (البرسيم) الخليجية.. (نعمة أم نقمة) (2-2)
شعبة مُصدّري الأعلاف: لابد من مراجعة العقود ومحاسبة المُفسدين وإرجاع الحقوق لأهلها
القوانين إذا كانت لا تحمي المستثمرين فلن تجد الحكومة مستثمراً واحداً
وزارة الاستثمار: الأخطاء ليست بذاك الحجم الذي يملأ الأسافير ويسود الصحائف
أمطار: استطعنا استصلاح وزراعة آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية بالسودان
تحقيق: محيي الدين شجر
مواصلة لتحقيق الاستثمارات الخليجية في زراعة البرسيم في السودان والذي بدأناه في الحلقة الأولى بحديث لوزير زراعة وإفادة من خبير في مجال الاستثمارات الزراعية الخليجية في السودان وتعليق من وزير مالية ولائي نتعرف في الجزء الثاني والأخير من التحقيق على رؤية شعبة مصدري الأعلاف في السودان كما نستمع لرأي وزارة الاستثمار في القانون السائد الآن ..
افتراءات
عادل القاضي رئيس شعبة مصدري الإعلاف قال لـ (الصيحة): بعض الشركات العربية بدأت بزراعة البرسيم ثم توسعت بزراعة سلع أخرى، ونجحت في ذلك مثل شركة الراجحي التي قامت بعمل ممتاز بولاية نهر النيل وبالولاية الشمالية بزراعة القمح والذرة الصفراء، مشيراً إلى أن قمح الراجحي لا يصدر إلى الخارج كما يردد البعض، بل يتم استهلاكه بالسودان، وأضاف: لقد تعاملت مع الراجحي عام 2014، وكنت أشتري منه البرسيم، وقال إن الشركات العربية الخليجية تسمح بشراء البرسيم الذي تنتجه داخل السودان ولا تركز على تصديره، غير أن أسعاره المرتفعة تمنع السودانيين من شرائه، مضيفاً: الراجحي صحيح بدأ بالبرسيم، لكنه دخل أيضاً في إنتاج الشتول وأنتجوا الآلاف، وزاد بقوله: صحيح هنالك شركات مثيرة للجدل كشركة أمطار التي بدأت بداية ضخمة بترويج استثماراتها، لكنها لم تقدم شيئاً، وأنا أعتبرها شركة هلامية حتى في طريقة تعيينهم للأجانب.
عائد البرسيم
ومضى القاضي قائلاً: عائد السودان من البرسيم يصل إلى 60 مليون دولار سنوياً، مبيناً أن الاستثمارات الخليجية في السودان لا يمكن وصفها بأنها تضر باقتصاد السودان، ولكن المشكلة قد تكون بسبب خلل في قوانين الاستثمار.
وقال رداً على قيام مصر بإبعاد بعض الشركات الخليجية من أراضيها بقوله (هنالك فرق بيننا ومصر بوجود شريحة كبيرة من المزارعين وزراعة مساحات واسعة ولأنهم يعتمدون على الري بالتنقيط..
وقال: إذا كان مصدر الري من مياه النيل، فالأفضل زراعة البرسيم، مؤكدًا أن استثمارات الشركات الخليجية ليست خصماً على السودان..
صعوبات
مضيفاَ: هنالك مشاكل كثيرة تعترض المستثمرين في السودان كمشاكل الكهرباء وتدخلات أهل المنطقة التي يقع فيها المشروع وانعدام الجازولين.
وطالب عادل القاضي بعدم منح المستثمرين مساحات كبيرة منذ البداية كما يحدث الآن، مشيراً إلى أن زيادة المساحة يجب أن ترتبط بنجاح المستثمر، مبيناً أن شركات كثيرة منحت مساحات تصل إلى مائة ألف فدان ولم تزرع إلا في حدود عشرة آلاف فدان فقط.
وقال: الأفضل أن تدخل الحكومة في شراكات مع القطاع الخاص باستصلاح الأراضي استصلاحاً كاملاً بمدها بالمياه والكهرباء وأن تمدها بالري المحوري، وبتقنيات حديثة، ثم تمنحها للمستثمرين مثلما يحدث في الاستثمارات السكنية.
وأضاف: الوضع الحالي يحتاج إلى تصحيح إذا كنا فعلاً نريد المصلحة العامة، ولكن ما يحدث في مجال الاستثمارات الزراعية فحدث ولا حرج، فنجد الولايات تعمل وفق ما تراه مناسباً لها، والحكومة الاتحادية تعمل وفق ما تراه دون اعتبار لمصلحة البلد.
وتحسر القاضي على إنهاء عقد استثمارات الشركة العربية بمنطقة شرق النيل، وقال: لماذا نحول المشروعات الزراعية إلى سكنية، مشيراً إلى أن المشروع كان يصدر الشمام والفراولة.
مشروع الجزيرة
وحول حجم البرسيم الذي يتم تصديره للخارج، قال: لا توجد إحصائيات دقيقة، ولا توجد أي جهة تملك المعلومة
وتحدث القاضي عن مشروع الجزيرة قائلاً: يفترض أن يسلم للقطاع الخاص عبر شراكات مع الدولة لتطويره لأنه يعاني من شح المياه، وعدم نظافة القنوات، مطالباً بألا يكون (البنك الزراعي) وحده مختصاً بتمويل المشروعات الزراعية لوجود مصارف أخرى تملك الإمكانات، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى توجيه من البنك المركزي لكل المصارف.
البقرة الحلوب
وختم عادل القاضي حديثه بقوله: موضوع الاستثمارات العربية الخليجية في السودان يجب أن تتعامل معه الحكومة بحكمة وحنكة، لأنها محتاجة للاستثمار، ولابد من خلق بيئة جاذبة له، ووضع قوانين واضحة، بحيث تكون العلاقة فيها مصلحة الطرفين، ولا تكون علاقة البقرة الحلوب، ولقد رأينا عواقب التحريض والتعدي والخسائر التي تعرض لها مشروع الراجحي في منطقة الغابة، ومؤخراً حرقاً لمشروع معاوية البرير في أبو نعامة من مجموعة أفراد كانوا ضحية لتحريض من أهالي المنطقة، خاصة بعد أن ثبت ظن المشروع خالٍ من أي أضرار من زراعة القطن المحور على المنطقة، ففقد السودان هذا العام إنتاجاً مقدراً من القطن ومن عائد القطن واكتسب سمعة سيئة سوف تنعكس سلباً على الاستثمارات مستقبلاً.
مضيفاً: إذا كانت القوانين لا تحمي المستثمرين سواء وطنيين أو أجانب، فلن تجد الحكومة مستثمراً يعمل في السودان ..
وقال: هذا لا يعني أن تتهاون الحكومة في أي تجاوزات لقانون الاستثمار، ولابد من مراجعة العقود ومحاسبة المفسدين وإرجاع الحقوق لأهلها..
زراعة الصحراء
من جهته، قال نائب المدير العام لشركة «أمطار» الإماراتية في السودان خالد مطقش، في تصريحات صحافية إن شركتهم استطاعت استصلاح وزراعة مئات آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية، بالأعلاف والقمح، و”نصدّر حالياً كميات تغطي نسبة عالية من احتياجات دولة الإمارات بالأعلاف الطبيعية من مزارعنا في السودان”.
موضحاً أن جدوى الاستثمار في الأعلاف لدى شركتهم والسودان، تمثَّل في استصلاح مئات الأفدنة الواقعة في صحراء واسعة بشمال السودان، باستخدام تقنيات ري حديثة تجعل من رش المياه على التربة كالأمطار الحقيقية، مما زاد من نسبة خصوبتها، كما وفرت هذه المشاريع فرص عمل لآلاف المواطنين في القرى والمناطق الصحراوية التي يقطنون بها، حيث شُيِّدت آبار ومرافق خدمية، غطت جميع المناطق .
أخطاء ولكن
وتحدث مصدر بوزارة الاستثمار ــ فضل حجب اسمه ــ عن الاستثمارات الزراعية العربية في السودان قائلاً : نعم
هناك أخطاء لكنها قطعاً ليست بذاك الحجم الذي يملأ الأسافير ويسود الصحائف، فقانون الاستثمار الذي وضعته الإنقاذ وعدلته ثلاث مرات يعد في تقديري قانوناً متميزاً، بل ومتفوقاً على كثير من قوانين الدول الشبيهة بنا، وحتى لا نطلق القول على عواهنه هاك الأدلة:
1 / حدد هذا القانون الفتره الابتدائية لمنح الأرض بالفترة الكافية التي يتمكن خلالها المستثمر من استرداد كل رأسماله المستثمر زائداً الأرباح المعقولة المتناسبة مع حجم المال المستثمر .. هذا في الفترة الابتدائية . بعدها إن أراد المستثمر الاستمرار، فيمكنه ذلك بعقد جديد على أن لا تتجاوز الفترة الكلية من تاريخ التصديق وحتى إخلاء المشروع لـ99 عاماً تصبح فيها كل أصول المشروع ملكاً للدولة.
2/ يلزم القانون المستثمر بتوظيف السودانيين في وظائف العمال العموميين والمهرة وكل الوظائف التي تتوفر مؤهلاتها لدى السودانيين.
3/ يلزم القانون المستثمر بتقديم دراسة جدوى اقتصادية وفنية ومالية للمشروع تخضع بعد ذلك للدراسة المتأنية بواسطة أجهزة الدولة، كما يلزمه القانون بدراسة متكاملة للآثار البيئية المترتبة على مشروعه . وفي كل الأحوال يلتزم المستثمر بالمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية والمالية الناجمة عن نشاطه طيلة فترة سريان العقد.
4/ بالمقابل تلتزم الدولة بمنح المستثمر إعفاءات من الضرائب والرسوم لفترة قد تصل لعشر سنوات سواءً لوارداته أو صادراته.
5/ تملك الدولة الحق في دخول وتفتيش المشروع في أي وقت وتطبيق كافة قوانينها السارية.
6/ تلتزم الدولة بحماية المستثمر واستثماراته، وتقييد إجراءات ضبطه ومحاكمته بضوابط خاصة.
خاتماً حديثه بقوله: هذا جانب من بعض مواد قانون الاستثمار السوداني وأظنها تعطي مؤشراً واضحاً عن طبيعته، ولهذا يجب أن يتحدث الناس ببراهين عن ضرر الاستثمارات الزراعية الخليجية للسودان بدلاً عن إطلاق الكلام على عواهنه.