كيكة السلطة
*عام مضى منذ الشرارة الأولى لثورة ديسمبر التي اختير لها أن تكون في ذات التاريخ الذي أعلن فيه استقلال السودان من داخل قبة البرلمان “19 ديسمبر”، واستمرت بوتيرة مرتبة حتى ذكرى انتفاضة أبريل “السادس” ليبدأ اعتصام القيادة، ونجح في الإطاحة بالإنقاذ في الحادي عشر من أبريل 2019م.
*عام مضى منذ المطالبة الأولى للمتظاهرين بزيادة المرتبات وتخفيف أعباء المعيشة وتوفير السيولة في البنوك، حيث كانت هذه هي المطالب في بداياتها، وظلت تكبر مع صباح كل يوم حتى وصلت الى المطالبة “بسقوط النظام” وتحقق ما أراده الشعب السوداني.
*مخطئ من يظن أن هذه الثورة كانت لجناح دون الآخر أو لمجموعة أحزاب دون المواطنين المكتوين بنيران الأسعار والتردي الاقتصادي والفساد الذي كان في الحقبة الماضية، وكذلك مخطئ من يظن أن هذه الثورة ما كان لها أن تنجح دون أن تتبناها جهات ظهرت للعلن كانت هي التي ترتب للمسيرات وتكتب لها الشعارات، ولكن السؤال المهم هنا هل من حق هذه المجموعة من الأحزاب أن تتصرف في مفاصل الدولة كما تشاء دون القوى السياسية الأخرى؟ بالطبع لا وألف لا، فالسودان ملك للجميع، ولا يمكن أن يكون حكراً لمجموعة دون سواها، وإن كان هناك حزب يريد أن يحكم السودان وحده، فالطريق الوحيد لذلك هو صناديق الاقتراع التي تختار من يحكم السودان وفق البرنامج الذي ترتضيه الغالبية من أهل السودان.
*عام مضى وشهور انتهت منذ تشكيل الحكومة الانتقالية، ولا زال التفكير في كيفية إنهاء الدولة العميقة وتفكيك “التمكين” الذي بدأته الحكومة السابقة منذ 89 وحتى الخطاب الشهير للرئيس السابق عمر البشير في قاعة الصداقة والذي أعلن فيه نهاية عهد التمكين قبل عام من انطلاق الثورة.
*المنطق يقول إن تمكين ثلاثين عاماً لا يمكن القضاء عليه في عام واحد ولا اثنين، وعلى الحكومة الانتقالية أن تضع برامج تنقذ الاقتصاد السوداني من شبح الانهيار قبل أن ينتهي التمكين تماماً، ونخشى أن ننفك من تمكين الإنقاذ لنقع في تمكين “قحت”، وتظل الساقية مدورة دون أن تتحقق أهداف الثورة وشعاراتها التي رفعت ومات في سبيلها الكثير من شباب السودان.
*لابد ان يدرس ساستنا التجارب السابقة في أفريقيا والدول العربية حتى يتم التوافق والتصالح السياسي بين جميع المكونات من أجل قيادة السودان إلى بر الأمان، ولن ننجح في ذلك، واللعبة السياسية لازالت مستمرة حول كيكة السلطة التي يقاتل من أجلها البعض.
*يجب أن نتفق على كيف يحكم السودان، وبالإمكان مشاركة الجميع في هذا الحكم إن كانت النظرة تتجه نحو مستقبل زاهر للسودان، ولكن إن كان التفكير في الحصول على جزء من كيكة السلطة فسنظل على هذا المنوال إلى أن تقوم الساعة، ولن ننهض ببلادنا ولن ينصلح حالنا.