كهرباء القطاع الصناعي.. تصحيح المسار

 

الخرطوم: مروة كمال

في مطلع يناير من العام الماضي، نفذت الحكومة السابقة زيادات جديدة في تعرفة الكهرباء للقطاع السكني والتجاري والصناعي والتي وجدت مقاومة كبيرة من أصحاب المصانع وهددت بتوقف المصانع عن العمل، اعتراضاً على إقرار الحكومة زيادة في أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي بنسبة تصل إلى 1000%، مشيرا إلى أن هذه الزيادة ستؤثر سلباً على الإنتاج فضلاً عن أن زيادة أسعار الكهرباء من شأنها أن تؤثر على أسعار السلع المنتجة محلياً، متوقعاً أن تؤدي الأسعار الجديدة إلى رفع تكلفة الإنتاج بنسبة 30%.

حيث اعتبر خبراء في القطاع الصناعي زيادة تعرفة الكهرباء القطاع الصناعي بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة والتي  توقف على إثرها (35%) من المصانع بالولاية عقب مرور عام على الزيادة، وعزت وزارة الصناعة وقتها أسباب توقفها لأسباب اقتصادية وعدم توفر الإمداد الكهربائي، وفي ظل مرحلة حكم انتقالية جديدة على البلاد بذهاب حكومة الإنقاذ أعلنت  وزارة الصناعة عن خفض تعرفة كهرباء المصانع، القرار وجد ترحيباً كبيراً في القطاع، خاصة أن المصانع تتكبد خسائر بشكل مستمر نتيجة لزيادة تعرفة الكهرباء مع عدم استقرارها، حيث تعمل بأقل من 50% من طاقتها القصوى، فضلاً عن معاناتها الكبيرة في الحصول على الجازولين، لتشغيل المولدات، ما انعكس سلباً على إنتاجية المصانع وضعف قدرتها على تغذية الأسواق بالسلع المطلوبة بشكل كامل، ما يزيد من معاناة المواطنين.

ويؤكد رئيس اتحاد الغرف الصناعية عباس علي السيد، أن تخفيض التعرفة لها فوائد كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، جازماً بأن تعرفة الكهرباء أحد الأعباء الضاغطة على القطاع الصناعي.

وقال لـ(الصيحة) إن تعرفة الكهرباء أعاقت تطور الصناعة الوطنية، بجانب عدم توفر الطاقة الكهربائية والتي أثرت على تكلفة المنتج الوطني، وأقر بحاجة القطاع لخفض تكلفة تعرفة الكهرباء، لافتاً إلى خوض القطاع صراعاً طويلاً جداً مع الحكومة السابقة، والتي كانت متعنتة ومنحازة لرؤية شركات الكهرباء، رغم تدني كفاءة الكهرباء والتي دفع ثمنها القطاع الصناعي.

مشيراً إلى أن قطاع الصناعة أقل القطاعات تعرفة، وعزا ذلك لقلة تكلفة المصانع من توصيل الخدمات السكني، مؤكداً أن تكلفة القطاع السكني بما يعرف بالاقتصاد الكلي بأنه يوفر فرص عمل مما يساعد في الناتج المحلي ويحارب العطالة ويحقق استقرارًا سياسياً واقتصادياً وأمنيًا.

بيد أن رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان يخالفه الرأي في أهمية القرار واصفاً لـ(الصيحة) قرار الحكومة بتخفيض تعرفة الكهرباء على المصانع بالفطير وغير المدروس، مستنداً في حديثه أن الحكومة تبيع الكهرباء للمصانع بـ 1/6 من   السعر الحقيقي للكهرباء، إذ أنها تشتري من إثيوبيا بسعر 6.3 للكيلو وات، وتريد الشراء من مصر بسعر 8.1 ج للكيلو وات، وهذا يعني أن الحكومة قد لا تستطيع توفير الكهرباء في الصيف للمصانع.

القرار نفسه لا ينعكس على المنتجات الصناعية، وطالما أن المصانع لم تلتزم بتخفيض أسعارها فلا معنى لتخفيض تعرفة الكهرباء لهم خاصة وأنها أصلاً مدعومة بما يزيد عن ستة أضعاف التكلفة الحقيقية للكيلو وات.

هذا التخفيض لا معنى له ولن ينعكس إيجاباً على وضع الصناعة في السودان، لأن أزمة الصناعة ليس سببها تعرفة الكهرباء بل السياسات الحكومية الداعمة للاستيراد والمحاربة للإنتاح وهي أس المشكلة التي تعاني منها الصناعة.

وتعزو وزارة الصناعة ضعف القدرة التنافسية للمنتجات الصناعية لفاتورة الكهرباء، والثابت أن أعباء القطاع الصناعي لا تقتصر على تداعيات رفع أسعار الكهرباء، وإنما هنالك مشكلات ستؤدي كذلك إلى رفع كلفة الإنتاج، مما يستدعي ضرورة تجميد القرارات الحكومية الأخيرة، وإعادة النظر فيها بواسطة خبراء، لمراعاة المصلحة العامة تفادياً للآثار السالبة على القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى