*تقول الحكاية إن امرأة فاتنة الجمال وقورة الممشى متشبعة بالأخلاق الحميدة، إذا تحدثت خفضت صوتها، وإذا سارت لا تبدي ما يظهر من زينتها، كانت مطيعة لزوجها رغم معاملتها بغلظة في أحيان كثيرة، وحينما تمادى في معاملته هذه، فكرت في الانفصال عنه لتجد لها رجلاً صالحاً يحترمها كإنسان ويعاملها كشريكة حياته.
*بعد تفكير عميق ذهبت لقاضي المدينة لتشرح له معاناتها مع زوجها، وتطلب منه أن يطلقها ، كانت تتحدث مع القاضي ووجهها تحت ستار الخمار، فطلب منها القاضي أن تكشف عن وجهها حتى يوقن أنها امرأة وليس سواها حتى يسمع معضلتها.
*حينما كشفت وجهها على القاضي “بسمل وحوقل” وأصبح يتغزل في جمالها ناسياً وقاره كقاضٍ وشعره الأبيض الذي يكسو رأسه ولحيته، وبعد أن هدأ من روعة جمالها طلب منها أن تقص عليه مشكلتها، وقال لها أثق انك مظلومة، لأن من تحمل هذا الجمال لا يمكن أن تكون ظالمة.
*قصت عليه ما يحدث من زوجها من سوء معاملة رغم أنها تطيعه في كل ما يريده، فسألها إن كان زوجها من أصحاب “الكأس” أو “التربيزة” السكر والقمار، فأجابت بالنفي، وقالت إنه رجل مستقيم ولا عيب له سوى أنه يحقرها أحيانًا كثيرة حتى تشعر بأنها غير آدمية، لذا تطلب الطلاق منه.
*صمت القاضي قليلاً ثم قال لها “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق” فراجعي نفسك في هذا الأمر، ولكنها رفضت وأصرت أن يطلقها القاضي، فقال لها سأفعل ولكن بشرط أن تأتي غداً ومعك طبق من الحلوى تعدينه بنفسك لأعلم إن كان حسن صنيعك مثل حسن وجهك، ووافقت وهي راضية، وقالت له سأعد لك أجمل طبق من الحلوى.
*كان للقاضي شرط وهو أن تستلف المواد التي تعد بها الطبق من جيرانها، ولا تستخدم المواد التي في منزلها، فاستغربت المرأة وقالت له إن حالها ميسوراً ولا تحتاج للاستلاف من جيرانها، ولكن مع إصرار القاضي على شرطه رضخت وقالت له “سأفعل ماتريد”.
*ذهبت المرأة لجارتها الأولى لتستلف منها “سكر” فاندهشت الجارة لطلبها وقالت إن في الأمر سرا، فقصت لها حكايتها وطلب القاضي حتى يطلقها من زوجها، فما كان من الجارة إلا وقصت لها معاناتها مع زوجها، وقالت لها “في كل يوم أنا أدعو الله ان يرزقني بزوج مثل زوجك” وأنت تريدين الطلاق منه، وتكرر نفس المشهد مع بقية جارتها فجميعهن يرجون الله أن يصبح أزواجهن مثل زوجها الذي تريد الطلاق منه.
*في اليوم الثاني أعدت طبق الحلوى وذهبت للقاضي فاستقبلها أحسن استقبال، وقال لها تفضلي نأكل من هذا الطبق وبعدها سأطلقك من زوجك، فانتفضت واقفة وقالت له “لا أريد الطلاق من زوجي” فأحمد الله أنه رزقنا بمثله يرجونه الكثيرات، وكان ذكاء القاضي هو منقذ هذه الأسرة من الدمار والتشرد.
*في حياتنا اليومية الكثير من الأمثلة التي تشابه هذه القصة، فالذي عندك ولا يرضيك يتمناه غيرك، فلنحمد الله على ما قسمه لنا في السراء والضراء ، في الخير والشر، فلكل منا رزق لا يأخذ أكثر منه ولا أقل.