ما الذي يُمكنك فعله وأنت ترى كل الذين دخلوا إلى غرفة التحكّم المركزي شواظاً من الشياطين الحُمر بعد أن دخلوها وصقيرا حام…
لو اتكلمنا يقول جنا
لو سكتنا مدني تحرق..
بين يوم وليلة سرقوا الثورة من عين الحقيقة..
ولأن الشعب الطيب المسماح لا يبدأ إلا بالترحاب والفأل والظن الحسن.. و..
(اتفضلوا… أبقوا لي جوة)
انفتح أمامهم الطريق وفُرشت السكة بالورود وصدقوا أن هؤلاء لا يعنيهم سوى (الحرية والسلام والعدالة)!!.
لا أحد منهم استحق أن يدنو بهذا المقدار من سُدّة الأمر عظمه وسداه.. لا وشيجة تقربهم ولا مكتسب في علم دنيوي أو لدني ولا سبق ولا فضل.. منذ (ترعة السوكي) لم يكن لهم حظ في إحسان التخطيط ولا استدعاء البركات..
أظنهم الآن في ابتهاجهم يُعاودون الغناء سراًّ من بعد عقود من (المُحايلة) والمراغمة والمراوغة مرددين على نصب أحلامهم التذكاري :
(أنت يا حمدوك بطاقتنا التي ضاعت سنينا
أنت يا حمدوك ستبقى بين أيدينا وفينا
و سنحميك جهارا
وسنفديك اقتدارا
لم تكن حلماً ولكن كنت للشعب انتظارا)..
وحق لهم الانتشاء والصراخ حتى انشراخ الحلاقيم بعد أن خلا لهم الجو فباضوا واصفروا)..
ما دمنا قد تركناهم يضعون قيمنا وموروثاتنا في ذات الكفة التي فيها (الفلول) فلا حيلة لنا سوى انتظار تغيير قوانين اللعبة واستعادة تلك الأدوات المسروقة بذات البصارة التي عُرفنا بها…
هم الآن كلهم حلقوم.. أوضعوا خلالنا الالتباس الذي يجيدون لف موتوره بعد كل حريق وغياب.. ويربطونه بين أنسجة تماسكنا يفرقون برجلهم وخيلهم بين المرء وفطرته ووجدانه السليم.. لتستحيل قيمنا مزقاً لا يبالي بها أحد، بأمل مكذوب أن تنقض عُرانا عروة عروة عروة..
لكن ذات التاريخ الذي توسّمته تواشيحهم الهادرة أيام (بطاقتنا التي ضاعت سنينا) ذاته التاريخ الذي يمنحنا ملامحهم التي ضاعت منا سنينا، وكيف أنهم جاسوا خلال الديار بعد أن بنت لهم مايو الخلاص جداراً من رصاص. خرجوا راقصين على جماجم الرجعية وأجساد مخالفيهم وغنوا وهتفوا ملياً حتى إذا استيقظ الـ98% عادوا إلى أقبيتهم بلا مَنٍّ ولا سَلْوى.
هي غفلة لن تدوم طويلاً .. تخبرنا الآثار والمواويل عبر التاريخ ودروسه أنها غفلة قصيرة
كما يقول الصحفي أبوشامة:
(زي الزول الجعان وطبعو شين وفجأة أتيحت له الفرصة)..
لا أخاف على دين هذه الأمة من هذه (الفورة) المُتعجّلة.. يمكن أفضل لهذا الدين ما بين حقبة وحقبة أن يعود المجوس والتتار ليجددوا للناس أمر دينهم.. فيرى الناس طعم الحلو لو يبقى مر..
فتعاودهم أشجان المتوحد تماماً بعد كل رقصة للهياج.