من الأمور الأزلية السائدة في المُجتمعات، تلك النظرة السّلبية للعلاقة بين الزوجة وأهل زوجها (نسابتها)، وربما أمّه تحديداً، حتى إن وجود علاقة طيبة بين الأم والزوجة كثيراً ما يكون مُستغرباً وغير مألوفٍ. رغم أنّ الوقائع تُؤكِّد أنّه لا داعي لوجود هذه العداوة بين الاثنتين، وأنه بالإمكان أن تتمتعا معاً بعلاقة طيبة وودودة تُحقِّق الراحة والسعادة والرضاء لكل الأطراف.
وقد خلُصت مُعظم الدراسات والتجارب إلى أنّ القليل من الجهد قد يُحقِّق لأيِّ زوجة رضاء أهل زوجها عنها، لا سيما أنّها الوافدة الجديدة فقط عليها، أولاً أن تؤمن بأنّ ذلك يسعد زوجها ويُساهم في إنجاح زواجها، وتتخلّص من مَوروثها الاجتماعي القديم الذي يدفعها لإثارة المَشاكل الدّائمة مع أهله على أَسَاس أنّها بذلك تفرض شخصيتها وتُسيطر على زوجها، فذلك قطعاً ليس من الأمور المحمودة، وعليها أن تتخيّل أن ابنها سيضعها يوماً في ذات الموقف وتتعامل على هذا الأساس.
فإذا كنتِ زوجة واعية ومُؤمنة، فعليكِ أن تحرصي على كسب مَودّة ورضاء أهل زوجكِ وفي ذلك خيرٌ كبيرٌ لكِ ولأبنائك، فهم بالمُقابل سيتفانون في خدمتك وإرضائك وينصرونك على ابنهم ظالماً أو مظلوماً، فكوني ذكية كما يجب، ابدأي باحترام أم زوجك وكلِّميها بلطفٍ ومَحَبّةٍ، وحاولي أن تشعريها بأنّكِ كابنتها وأنكِ تقدرين رهق الأمومة الذي بذلته مع زوجكِ قبلكِ، كما يُمكنك أن تكسبي والده بالتوقير والاحترام والرعاية، واجعلي أخواته كأخواتك واقتربي من تفاصيل أعمارهم، وإخوانه كإخوانك وساعديهم في تفاصيلهم وحفظ أسرارهم.
ومن أهم ما تقومين به هو الحِرص على الاِستفسار عن أحوال الجميع والاتّصال الدّائم بهم حتى وإن تعذّرت اللقاءات، هاديهم ببعض الهدايا بين الحِين والآخر لا سيما في مُناسباتهم الخَاصّة، ولا تذهبي إليهم فارغة اليدين، بل احرصي على أن تحملي معك طبقاً ما وحبّذا إن كان من صنع يديك.
وفي ما يتعلّق بـ(نسيبتك)، فاحرصي على أن توسعي لها في المجلس وتشعريها بمَحبّتك واحترامكِ لها، ويجب أن تحثي زوجكِ على بر والدته وإكرامها، فهذا سيزيد من قَدركِ لديه ويشعره بعظمتك، وذكِّريه بأن يهاديها ويغدق عليها من خيره واقترحي عليه أخذها معكم في بعض المشاوير – أحياناً وليس دائماً – واجعليها حينئذ تجلس إلى جانب ابنها في المقعد – الأمامي للسيارة إن كانت لديكم -، وذكِّريه دائماً باحتياجاتها وطلباتها وضرورة القيام بما أمرته به والحرص على زيارتها باستمرار، وتذكّري دائماً أنها أم، وضعي نفسكِ مكانها. واجتهدي أنتِ في أن تكوني صديقتها أو كواحدةٍ من بناتها وأبدِ استعدادك لمُرافقتها في مشاويرها بكامل الأريحية والاحترام.
حاولي دائماً دعوتهم إلى منزلكِ واحتفِ بهم، وإذا كان والدا زوجك كبيرين في السن، فعليكِ أن تُخصِّصي زمناً ثابتاً لزيارتهما وخِدمتهما والقيام ببعض المَهام والأعمال المَنزلية لهما.
لا تكثري من الشّكوى لزوجك من أهله، وتذكري أنّ العلاقة بينكما طويلة وقوية لا سيما في وُجود أبناء، واجعلي الصفح والعفو والتغاضي من سماتكِ، فلا تتعقّبي الزلات والأخطاء والعِبَارات اللاذعة لا سيما من أخواتِه البنات، فالغِيرة أمرٌ فطري وبرودكِ سيطفئ نارها في صدورهن.
تأكدي أنّ التزامكِ بذلك سوف يزيد من محبة زوجكِ لكِ وستصبحين أغلى وأكرم بالنسبة إليه، كما أنكِ ستكتسبين مَحَبّة وتقدير أهله وتخجلينهم فيفكِّرون ألف مرة قبل أن يُحاولوا التعرُّض لكِ أو مُعاملتكِ بسُـــــوء.
وأعلم أنّ بعضكن سيتشدّدن ويُؤكِّدن أنّ كل ذلك لن يجدي لأنّ أهل الزوج بطبيعتهم أشرار، فإذا كانوا كذلك ويسيئون لكِ فاصبري عليهم وتأكّدي أنّ أسلوبكِ هذا سيغيرهم لا محالة ويحرجهم ويغلق أمامهم أبواب الشر فتنعمين بالهُدوء وراحة البال، وتذكري أنّ أيِّ عطايا يمنحها زوجكِ لأهله تعود عليه بالخير فلا تتذمّري من ذلك، ولا تحسبيها بصورة مادية، فهم أولاً وأخيراً أهله وما لم يكن فيه خيرٌ لهم فلن يكون فيه خير لكِ ولا لأبنائكِ.
تلويح
أهل زوجكِ.. أهل أبنائكِ، فلا تنس ذلك.