في العالم اليوم كل دولة تسعى لتعظيم منافعها الوطنية فوق كل الاعتبارات الإعلامية والإنشائية الأخرى. وليحقق الاقتصاد السوداني والموازنة العامة الأهداف المطلوبة التي ذكرنا سابقاً ومن أهمها هو استعادة التوازن للسياسات الاقتصادية الكلية المالية والنقدية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية واستعادة القوة الشرائية والقيمة التبادلية للعملة الوطنية ومعالجة الاختلالات الهيكلية في الموازنات العامة والميزان التجاري وميزان المدفوعات، فلا بد من النظر بحزم وشفافية وعلمية وتجرد في عدد من السياسات والاتفاقيات التي تهزم الوصول لتلك النتائج المطلوبة. من تلك السياسات والاتفاقات والشعارات هو الاندفاع غير المدروس لما يسمى بالاتفاقيات التجارية الإقليمية والدولية تحت شعارات براقة خادعة.
ومن تلك الاتفاقيات الكارثية هي الانضمام للاتفاقية الصفرية لمجموعة دول شرق وجنوب أفريقيا المعروفة بـ”الكوميسا” والتي كانت نتائجها كارثية على الميزان التجاري، إذ العجز مع تلك المجموعة لا يقل عن خمسة وسبعين بالمائة لصالح تلك الدول. وتتكون صادراتنا إليها بمواد حية عالية القيمة التبادلية ونستورد منها منتجات تعتبر في أدنى السلاسل المطلوبة. ونحن نصدر لها سلع قيمة بدون إكمال استخراج سلاسل القيم المطلوبة. هذا يؤدي إلى فقدان أكثر من ثمانين بالمائة من القيم إذا تم تجهيزها، وهو متاح ممكن تماماً. الاندفاع للانضمام كان غير مبرر تماماً ونخشى أن يزداد الأمر سوءاً بالعجلة للانضمام لتلك الاتفاقيات الجائرة.. وأغلب تلك الاتفاقيات الحافز الأكبر المباشر فيها هو الأسفار وامتيازاتها، ولو حافظنا على القيمة التبادلية للجنيه السوداني عند الاستقلال لما وقعنا في تلك الفخاخ.
سألت مرة في أحد اجتماعات المجلس الاستشاري لوزير التجارة الخارجية الشخص المعني بـ”الكوميسا”: ماذا استفدنا من الانضمام؟ كانت إجابته صادمة أنهم قد وظفوا لنا اثنين ومنحونا خمسة أجهزة حاسوب، فالتفت إلى جاري وكان هو المرحوم السيد آدم يعقوب ما هو رأيكم؟ قال أنا جاهز أوظف لهم عشرة وخمسين جهاز حاسوب غداً وليخرجوا منها.
الرئيس الأمريكى دونالد ترمب لا يعترف بكل تلك الاتفاقيات التي تأتي على حساب الاقتصاد الأمريكي، ووظائف العامل الأمريكي لا اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ولا باريس للمنتخب، ولا غيرها وكذلك رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون الذي كسب الانتخابات العامة في بريطانيا التي جرت يوم الخميس١٢/١٢/٢٠١٩ والموضوع الأساسي فيها تأكيد مغادرة بريطانيا والخروج من الاتحاد الأوروبي، والمصلحة الوطنية البريطانية والأمريكية فوق الكل، وهذا هو الأصل والمبتدأ والخبر، فلنعلن ماذا نستورد من تلك الدول وماذا نصدر لها على رؤوس الأشهاد. ولنحذر من الانضمام المندفع للاتحادات الجمركية.