المهدي.. رسائل في بريد (حميدتي)
تقرير: آمال الفحل
خَاطَب رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي يوم السبت الماضي، اللقاء الجماهيري الحاشد بميدان المولد وسط مدينة الدمازين ضمن سلسلة زياراته للولايات, وقال إنّ انحياز قائد قوات الدعم السريع، نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) لمطالب الشعب يَجب أن يُقابل بإيجابية، ونوّه إلى أنّ الاتّهامات المُوجّهة لقواته ستبت فيها الأجهزة العدلية، مؤكداً أنه لا أحدٌ فوق القانون، وأوضح المهدي خلال خطاب جماهيري حاشد بمدينة الدمازين حاضرة ولاية النيل الأزرق أمس الأول أنه كان أول من انتقد الدعم السريع، مُشيراً إلى أنّ ذلك كلّفه بلاغات أدّت لسجنه وَطَالَتهُ اتّهامات عُقُوبتها الإعـــــدام، وأضَــــــــــافَ المَهدي قائلاً: إذا كَانَ موقف (حميدتي) كَمَا هو مَعلومٌ انحاز لمطالب الشعب يجب أن يُعامل بإيجابية فعله، كما أنّه يجب أن يُقبل هو ومن معه في مُهمّة بناء الوطن.
حديث المهدي تزامن مع حديث سابق للأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرمان، حيث دعا الجهات التي تُحاول دق إسفين الكراهية وتحريض الشعب ضد الجيش و”الدعم السريع” بقبولهما في الحكومة الانتقالية، لأنّهما شريكان في نجاح الثورة، وقال عرمان في حديثٍ لفضائية النيل الخرطوم، إنّ استبعاد الجيش و”الدعم السريع” من الحكومة الانتقالية بَاتَ من المُستحيل بمكان، ولا بُدّ للجهات التي تُنادي بعزلهما من المُشاركة بقُبُول الأمر الواقع وترك تحريض الشعب ضدهما، ومن هُنا تبرز عدة استفهامات عن ما هي دلالات ومفاهيم حديث المهدي وعرمان، وإلى ماذا يرنو الإمام الصادق المهدي خَاصّةً أنه دعا إلى انتخابات مُبكِّرة؟
ذكاء سياسي
المحلل السياسي ورئيس مركز دراسات الراصد د. الفاتح محجوب قال، إن المهدي يشير إلى ذكاءٍ سياسي واضحٍ، خاصّةً أنّ (حميدتي) يقف في موقفٍ قوي باعتباره أحد الذين سعوا إلى نجاح الثورة، كما أنه كان يصعب بدونه الإطاحة بالبشير، مُشيراً إلى أن قوات الدعم السريع بحكم الواقع هي قُوة مَوجودة في السودان وتمثل أحد أعمدة القوات المسلحة، إضافةً إلى انتشارها الواسع في كافّة أنحاء السودان والحدود المُتاخمة، مُضيفاً: لهذا جاءت إشارة المهدي للفريق (حميدتي)، وقال: تأتي هذة الإشارة بمثابة تحية لهذا الرجل الذي يُعتبر أحد أعمدة الحكم في السودان، لافتاً إلى أنه يَشغل منصب نائب رئيس المجلس القيادي، كما أنه يمثل رمزية يجب احترامها، واعتبر الفاتح بأن يقابل (حميدتي) حديث المهدي بإيجابية، هي دعوة للتصالُح والاعتراف بوضعية قوات الدعم السريع، خَاصّةً أنّها جاءت من رجلٍ بمقام الصّادق المَهدي، مُبيِّناً أنّ الدعم السريع قُوة رسمية وشرعية وأحد أعمدة الدفاع عن استقرار السودان، فهي تنتشر فعلياً على مُعظم حدود السودان، وقال محجوب: بما أنّ الفترة الانتقالية قصيرة وسوف تعقبها انتخابات، يُريد المهدي بهذا الحديث أن يُعظِّم مصالحه مع الرّجل القَوِي صَاحب النُّفُوذ الكبير وسط أبناء دارفور ووسط القبائل التي كانت تاريخياً تصوِّت لحزب الأمة القومي، لهذه الأسباب يريد المهدي المُصالحة مع (حميدتي)، ويعتبرها أولوية سياسية لحزب الأمة القومي قبل الانتخابات.
دورٌ كبيرٌ
حديث د. الفاتح محجوب يتوافق مع حديث السفير الرشيد أبو شامة، في أنّ المهدي يُريد بهذه التصريحات تحسين علاقاته مع نائب رئيس المجلس السيادي، خَاصّةً أنّ أغلبية قوات الدعم السريع ينتمون لدارفور، إضافةً إلى أن المهدى يجد تأييداً كبيراً جداً من قبائل دارفور، وقال أبو شامة إن الدور الذي لعبه حميدتي بانحيازه للشعب كبير جداً، مُشيراً إلى أن حميدتي قبل الإطاحة بالبشير، قام بزيارة للإمام المهدي بالرغم من انتقادات المهدي لقواته، لافتاً أنه لا علم لنا بما دار من حديثٍ بينهما، واصفاً الزيارة بالناجحة وفتحت باباً من التعامُل بينهما، وصَرّح المهدي حينها: إذا اراد حميدتي الدخول في السياسة لا مانع في ذلك، ووصف أبو شامة حديث الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ياسر عرما ن عن حميدتي بأنه (عقلاني وموزون)، مؤكداً أن الجميع يحفظون له هذا الدور العظيم، وختم الرشيد حديثه قائلاً: لو لا حميدتي لحدثت مجازر كبيرة.
شريكٌ أساسيٌّ
ظَلّت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة مثار حديث السياسيين باعتبارها حامي الثورة من الانزلاق والفوضى، حَيث صرّح الناطق باسم الحركة الشعبية السابق مبارك أردول أنها الشريك الأساسي في التحوُّل الانتقالي, ولا يُمكن تجاوُزها.