قلنا إنّ (الطغيان) والفوضى رديفان في طريقهما نحو إزهاق أرواحنا وتهديم مقدراتنا ومشوار الحريق القريب..
أن تجتهد ولا تألو في أمر (البل) دُون مَعايير أو قَانون، فإنّ أول ما سَتخسره هو القَانُون والمَعايير.. وسنُصاب جميعاً بتلك اللّوثة التي اجتاحت (ذوات النواصل من الإزار والألباب)..
شكراً حمدوك..
حمدوك مالو؟
(بلّ الكيزان)
لا مانع عندي من الإقرار بالخطأ الذي ارتكبته يوم ترحيبي باختيار عبد الله آدم حمدوك رئيساً للوزراء، زول قبر أمه ما مشى فتّش عليه و(شال ليها الفاتحة).. يمشي يفتش قبور شهداء 28 رمضان..
هو لا يخشى فيما يفعله من لوم القبيلة ولا يملك للعشيرة شيئاً، فمن لنا إذا أخطأ وتنكب الطريق؟!
تذكرون قصة أغنية (سمحة الهيبة فوق مختار) والتي تحكي بأنّ ﻧﺎﻇﺮ العبيدية ﻣﺨﺘﺎﺭ، اتّهمته خطأً امرأة لم تتعرّف عليه بنشلها، وبالغت في ردة فعلها شتائم وسباباً ﻭسط جُمُوع ﺍﻟﻨﺎﺱ..
ﺳﺄﻟﻬﺎ ﻧﺎﻇﺮ العبيدية:
(قروشك كم؟)
قالت: (20 جنيهاً).
عندها أخرج المبلغ ومنحه إيّاها، إلا أنّ المرأة لم تتركه..
(ﺯﻭﻝ قدر ﺩﺍ ﺗﻨﺸﻞ ﻗﺮﻭﺷﻲ، ﺩﻱ ﻗﺮﻭﺵ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻛله… و… و…) والعمدة صابر… ﺧﺸﻤﻮ ﻣﺎ ﻓﺘﺤﻮ..
حتى أنقذه حضور ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺲ وهو يمسك بالحرامي الذي اعترف وأقرّ بجريمة النشل.. معيداً العشرين جنيهاً للمرأة التي خجلت ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ خجلاً
شديداً، واعتذرت محاولة إعادة القروش للعمدة.. إلا أن ﻣﺨﺘﺎﺭ (حلف ﻣﺎ ﻳﺸﻴﻞ ﺍﻟﻘﺮﻭﺵ)..
ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ – التي هي الشاعرة السالكة بت علي ود بشير – أﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻫﻮ ﻋﻤﺪﺓ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪﻳﺔ
(ﻣﺨﺘﺎﺭ ﻭﺩ ﺭﺣﻤﺔ) ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻤﻴﺮﻓﺎﺏ.. فخلدته بـ:
(ﺳﻤﺤﺔ ﺍﻟﻬﻴﺒﺔ ﻓﻮﻕ ﻣﺨﺘﺎﺭ
ﻋﺮﺵ ﺩﻭﺩ ﻣﺮﺍﻗﺪ ﺍﻟﺴﺎﺭ
ﻟﻲ ﺍﻟﻤﻮ ﻓﺸﺎﺭ
ﺧﺎﻳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﺔ ﻓﻮﻕ مختار).
*أها مختار هنا نُموذجٌ للزعيم الذي يعرف الأصول ويخاف (العيبة) فيحفظ المعايير ويصون ذلك القانون غير المكتوب.. ليصير كريماً مطاعاً.
– وقف رجل مغبوناً من أهالي الشمالية في وجه المُحسن المُحب للسودان (الراجحي) وألقى كلمات لم يلقِ لها بالاً:
(إنت راجل كبير وما بتخاف الله وعملت تزوير في الورق عشان تلم أرض المساكين).
وقف الشيخ الراجحي وقال بالحرف: (الأمر انتهى.. وأنا مُتبرِّع بهذا المشروع للولاية الشمالية).. وذكر الشيخ بأنه لا يحميه سوى المواطن الذي جاء من أجله وإذا كان المواطن يرى أن الراجحي مزوّر وحرامي يذهب الراجحي ويبقى المُواطن والمشروع كله للمواطن دون الحاجة للشكوى لله عز وجل وغادر بطائرته..
*وهذا نموذجٌ لشخصٍ يخاف من الشكاية لله.. حتى وإن كانت كما يحلو لنا القول: (كلام ساي).
استمعت لتسجيل صوتي للأخ (الجبوري) المشهور بالاستشهاد بالحكاوى والحِكَم والأمثال في ثنايا تحليله للمشهد السياسي الراهن.. التسجيل حمل نصائح لابن باديته حمدوك مُحذِّراً له من أن بعض طاقمه يُمارسون دور خيط الشمعة، التي هوناً ما (وستقرض) الشمع الذي يحتويها.. الجبوري لم يَنسَ أن يتحفنا بمثال غريب لأزمة (الموضعة) التي تعيشها الحكومة الانتقالية وهي تَستصحب أدوات و(كرّاكات) لا تلائم ومَهام الفترة الانتقالية، إذ ضرب مثلاً بذلك الفتى الذي وُلد من سفاح، لكنه ولأنّه لا يحتاج أن يعرف ولا تحتاج الحلة (للواكة القصة) تصطبر الحلة على ذلك السر لمصلحة الحلة وتماسُكها!!
نحتاج لمن يحملنا نحو إكمال العملية الانتقالية بسلامٍ ونجاحٍ ولا يحملنا ما لا طاقة لنا به، فيه بعضٌ من حلمٍ وحكمةٍ وهيبةٍ عمدة الميرفاب، وقليل من يقين الراجحي وصدقيته وتقاه.. حتى لا تحرقنا شمعة (الجبوري) التي ستصل بلا ريب إن لم يُكف أذاها إلى (الكريب) و(كركرة).