هل الغرب يرغب في تطبيق نظام حياته في كل العالم ؟!! نعم؛ ولا يعترف بالديمقراطية!! ومن نماذج ذلك: اتفاقية (سيداو) التي يرغب بعض الناس في بلاد المسلمين الاعتراف بها وتطبيقها في بلادهم، والاتفاقية نموذج من نماذج كثيرة يرغب من خلالها الغرب الكافر تطبيقها في كل بلاد العالم..
وتعجب لما ترى الأمم المتحدة تخرج من رحمها مثل هذه الاتفاقية التي يراد بها فرض النموذج الغربي في كل بلاد الدنيا في ذات الوقت الذي يردد فيه الغربيون وتردد فيه الأمم المتحدة أنهم يحترمون الأديان والأعراف، ويقدرون ما تختاره الشعوب والأمم!!
فإنه لما كانت الاتفاقية يراد منها فرض النموذج الغربي لقضايا المرأة في كافة جهات العالم كان بيان وتوضيح احتكام المسلم والمسلمة لأمر الله تعالى واستجابتهم لأوامره وطاعته من المسائل المهمة في نقد الاتفاقية؛ إذ يريد من وضعوا الاتفاقية احتكام الشعوب إليهم وقبولهم ما قرروه في هذه الاتفاقية التي هي تعميم للنموذج الغربي الذي تعيشه المرأة وفرضه في سائر بلدان العالم على اختلاف أديانها وأعرافها وتقاليدها ومما بينته في شأن مقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق العبودية لله تعالى من خلال الاستجابة للأوامر والنواهي في ما يلي:
إن من وضعوا اتفاقية (إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”) لم يرعوا الشرائع ولا الأديان عند صياغتهم لمواد هذه الاتفاقية التي أرادوا بها إلغاء الأوضاع القائمة في بلدان العالم وإبدالها بما توصلوا إليه من نتائج، وهي نتائج تحكي واقع الحياة في الغرب، وعدم مراعاتهم لذلك أعماهم عن أمر عظيم وهو أن المسلم وهو يعمل بالتوجيهات الربانية التي وردت في الكتاب والسنة فإنه يتعبد بذلك لله تعالى ربه، فيطيع الله تعالى في امتثال ما أمره به ويطيعه بترك ما نهاه عنه وهو بذلك يعلم ما يلي:
أولاً: أن ما يأمر الله تعالى به أو ينهى عنه، فإن في العمل به المصلحة في العاجل والآجل:
قال الشاطبي: (قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقاً لقصده في التشريع، والدليل على ذلك ظاهر من وضع الشريعة؛ إذ قد مر أنها موضوعة لمصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلف أن يجري على ذلك في أفعاله، وأن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع، ولأن المكلف خلق لعبادة الله، وذلك راجع إلى العمل على وفق القصد في وضع الشريعة -هذا محصول العبادة؛ فينال بذلك الجزاء في الدنيا والآخرة.
وأيضاً فقد مر أن قصد الشارع المحافظة على الضروريات وما رجع إليها من الحاجيات والتحسينات، وهو عين ما كلف به العبد؛ فلا بد أن يكون مطلوباً بالقصد إلى ذلك، وإلا لم يكن عاملاً على المحافظة؛ لأن الأعمال بالنيات، وحقيقة ذلك أن يكون خليفة الله في إقامة هذه المصالح بحسب طاقته ومقدار وسعه، وأقل ذلك خلافته على نفسه، ثم على أهله، ثم على كل من تعلقت له به مصلحة).
وقال الطاهر بن عاشور: (إذا استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع، استبان لنا من كليات دلائلها ومن جزئياتها المستقرة أن المقصد العام من التشريع فيها هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه، وهو نوع الإنسان. ويشمل صلاحه صلاح عقله، وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذي يعيش فيه).
وقال – أيضاً – : (فقد انتظم لنا الآن أن المقصد الأعظم من الشريعة هو جلب الصلاح ودرء الفساد، وذلك يحصل بإصلاح حال الإنسان ودفع فساده فإنه لما كان هو المهيمن على هذا العالم كان في صلاحه صلاح العالم وأحواله. ولذلك نرى الإسلام عالج صلاح الإنسان بصلاح أفراده الذين هم أجزاء نوعه، وبصلاح مجموعه وهو النوع كله).
وقد وردت الأحكام الشرعية لجلب المصالح للناس، ودفع المفاسد عنهم، وأن كل حكم شرعي إنما ورد لتأميـن أحد المصالح، أو لدفع أحد المفاسد، أو لتحقيق الأمرين معًا.