“حمدوك يا سمح يا زين”!!
بينما كانت قريبتي البلبلة آمال طلسم تُحاول الغناء (نوّر بيتنا)، كان حمدوك يُحاول (التبشير)، إلا أنه لم يجرؤ على الترديد مع الحضور:
(نوّر بيتنا
وشارع بيتنا
يوم ما جيتنا
يا الهليت فرّحت قلوبنا
واطرّيتنا الليلة وجيتنا)
تلك الأغنية التي أبدع فيها صلاح حاج سعيد ومضى بها إلى شاو بعيد من الدهشة والامتاع وجاء حمدوك ليخربها بـ(زمنه الفارق).. كان يبشِّر زي (بشّير الخواجات).. لكن الخواجات على الأقل تظهر عليهم ملامح السرور وتغشاهم الغِبطة، فينشرون تفاعلهم على الحضور بهجةً ومسرةً، برغم الزمن الفارق و(النقّيز) المُتواصل بلا (وترة)..
لكنهم (لُذاذ).
الأغنية الرومانسية كانت اختياراً ساحراً للبلبلة التي رفعت أصبعها سائلةً عن فُرصة للنقاش في ملتقى الجالية السودانية بـ(فرجينيا) وفاجأتنا بتلك الأهزوجة ذات الكلمات خفيفة الظل واللحن الطروب.. لكن حمدوك كان مُشاتراً وسط انسجام طاغٍ عرفنا به!!.
وليس غريباً عليه ذلك.. وهو الغائب عن مشهد فرحنا الجماعي لزمانٍ طويلٍ بفعل اختياري شهدت عليه (الدبيبات) مسقط رأسه التي اشتاقت إليه كثيراً وانتظرته طويلاً، لكنه لم (يطراها شوية) لتصير أبعد من واشنطن DC محطة حمدوك الأثيرة..
خلال المائة يوم جاءها مرتين، بينما لا زالت (الدبيبات) تسأله على التياعٍ:
(تسأل فينا وتجي حارتنا)
و(كنا فرشنا السكة ورود)..
وبرغم هذا يظل العنوان الذي نستقبل به أيّة مُشاركة للرجل:
(شُكراً حمدوك)
وإن أثقل كاهلنا بدفع الأتاوات والجزية بلا حقٍّ لنا في المُشاورة أو فُرصة للاعتراض والمُخاصمة، لأنّ شعار المرحلة:
(حبيبك يبلع ليك الزلط وعدوّك يتمنى ليك الغلط).
عوّل الناس كثيراً على حمدوك، وأوقفوا عليه أحلامهم بالتغيير، لذا أعلوا من سقف التطلُّعات وأحرقوا مراكبهم مُوصِّدين أيِّ بابٍ لا يلج إلى:
(شُكراً حمدوك)..
وهم بذلك يضعونه في مَوقفٍ لا يحمل له رقبة ولا تجدي معه المَساحيق…
(ما حك جلدك مثل ظفرك)، وفي كل سانحة نتأمّل أن (نشوف في شخصك أحلامنا) فيرتد البصر خاسئاً وهو حسير.. وحك الجلد لا يفعله إلا من كان منا (واطياً جمرتنا) و(حاسي حسسنا) يأكل طعامنا ويمشي في الأسواق ولا يخشى (القدوقدو)..!!
معقولة بس مائة يوم ولم يتسنَ لأمتنا أن ترى مُنقذها المأمول وبطلها الهُمام وهو يرتكب (جانحة) ارتداء الزي القومي.. ولو حتى صدفة مُزجاة.. لـ(الجلابية والعِمّة) سحر مدخر يحفظه الوجدان السوداني عن ظهر قلب ويكمل بها الكاريزما القومية لقادتنا ورُموزنا.. حتى (أب عاج) الذي غَنّت له ذات البلبلة وأخواتها (درّاج المِحَن) و(رجعنالك).
(حمدوكتي) لم يفعلها – لم يتعمعم – ولا أظنه سيفعل.. أفسد علينا سانحة الغناء معه وله:
أب جلابية وتوب
سروال ومركوب
جِبّة وسِديري
وسيف وسكين
يا سمح يا زين..