تقرير: صلاح مختار
تبدأ اليوم الجولة الثالثة من مفاوضات السلام السودانية في جوبا بعد تأجيل متوقع وصعوبات واجهتها في الجولات السابقة، بجانب الخلافات التي بدأت تطفو بين التيارات المشاركة والحركات المسلحة المختلفة، خاصة فيما يتعلق بقضية تعيين الولاة ومكان انعقاد جولة التفاوض وتعيين المجلس التشريعي. فهل تصبح جوبا بداية النهاية للتفاوض حول سلام السودان؟
نصف الزمن
رغم أن عملية تحقيق السلام التي وُضع لها ستة أشهر انقضى نصفها حتى الآن، إلا أن تحديات كبيرة تنتظرها لتحقيق ذلك. وكان وفد الحكومة وقّع على اتفاق سياسي وآخر لوقف العدائيات مع الجبهة الثورية السودانية في أكتوبر الماضي، فيما تم الاتفاق على أجندة التفاوض مع الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، بحيث تم وضع بند التفاوض حول الترتيبات السياسية والإنسانية قبل الترتيبات الأمنية.
تحذير خطير
وكانت الجبهة الثورية قد حذرت بانسحاب وفدها من التفاوض في حال حضور وفد ممثل لقوى الحرية والتغيير في المفاوضات. وقال المتحدث باسم حركة مناوي محمد حسن (أوباما)، إن الجبهة الثورية ستنسحب من المفاوضات في حال مشاركة وفد ممثل لقوى الحرية والتغيير، مشيرًا إلى تنصل قوى الحرية والتغيير عن اتفاقيات سابقة مع الجبهة الثورية بشأن ملف اقتسام السلطة. وقال: (أبلغنا الوساطة والحكومة بأنه في حال وجود وفد ممثل لقوى الحرية والتغيير، فإن وفد الجبهة الثورية سينسحب من المفاوضات، لقد خُدعنا من قبل (قحت) ولن نكرر التجربة مرة أخرى)، وأضاف: (سنفاوض الحكومة بعقل وقلب مفتوحين، ونريد أن نصل لاتفاق يوقف معاناة شعبنا، والآن الفرصة مواتية لإحداث اختراق كبير وتحقيق السلام).
تعيين الولاة
وتمثل قضية تعيين الولاة والمجلس التشريعي واحدة من الأزمات التي تواجه التفاوض في جوبا، وكانت الجبهة الثورية هدّدت في حال أقدمت الحكومة على تعيين الولاة بالعودة إلى المربع الأول.
وفي المقابل، ترى قوى الحرية والتغيير اهمية تعيين الولاة ولا يمكن ترك الولايات أكثر من ذلك، وكشف أوباما أن المفاوضات بين الجبهة الثورية والوفد الحكومي ستركز على مسألة تعيين ولاة الولايات والمجلس التشريعي وكيفية إشراك الجبهة الثورية في اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا الأمر.
الجبهة الثورية والوفد الحكومي قطعاً شوطاً جيداً خلال الجولة الماضية من خلال التوصل لاتفاق وقف العدائيات والاتفاق السياسي الذي تم توقيعه في جوبا في الجولة الماضية، لذلك اتفق الوفدان منذ رفع الجولة الماضية على أن يستأنفوا المحادثات بملف تعيين الولاة والمجلس التشريعي.
اليوم وغداً
ولكن في المقابل، أعلنت حركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد محمد نور، عدم تلقيها دعوة للمشاركة في مفاوضات جوبا. وقال بيان صادر من المتحدث الرسمي باسم الحركة، محمد عبد الرحمن الناير، إن الحركة ترغب في تحقيق السلام بالسودان اليوم قبل الغد، لكنها لن تشارك في عملية السلام على طريقة عمر البشير، ومؤتمره الوطني.
وأوضح أنهم أعلنوا الموقف من مفاوضات جوبا وسابقاتها في عهد النظام السابق، “كونها تقوم على الإقرار بالاتفاق الثنائي بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري بالمجلس السيادي، ومبدأ المحاصصة وتقاسم الكعكة ومخاطبة قضايا الأشخاص لا الوطن”.
مخاطبة الجذور
وطبقاً للبيان، (إن الأزمة السودانية وقضية الحرب والسلام، لا تُحَل بالطرق التي تم تجريبها من قبل، وأثبتت فشلها في صنع السلام والاستقرار، ودائماً تنتهي بوظائف لموقعيها، وتظل الأزمة ماثلة دون حلول). ورأى أن حل الأزمة السودانية، يكمن في مخاطبة جذورها عبر قيام مؤتمر قومي للسلام الشامل، تشارك فيه كافة القوى السياسية وحركات الكفاح الثوري وكيانات الشباب والنساء ومنظمات المجتمع السوداني غير المرتبطة بنظام البشير، للخروج بتشخيص ورؤى للأزمة ووضع الحلول لها.
دعوة رسمية
وفي منحي ذي صلة، أعلن مستشار رئيس دولة جنوب السودان للشؤون الأمنية، رئيس الوساطة بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، توت قلواك، تسليم دعوة رسمية لرئيس حركة (جيش تحرير السودان) المتمردة، عبد الواحد محمد نور، لحضور جولة المفاوضات المقبلة بالعاصمة جوبا، اليوم الثلاثاء.
اتفاق ثلاثي
في ذات الوقت، وحّدت ثلاثة تنظيمات سياسية بشرق السودان موقفها التفاوضي قبل الدخول في مفاوضات جوبا اليوم، واتفقت في مذكرة تفاهم وقعت عليها في اديس أبابا لتوحيد موقفها التفاوضي في مفاوضات جوبا التي تنطلق اليوم, ودعت إلى تخصيص نسبة 75٪ من عائدات مشاريع التنمية القومية في الإقليم لحكومة الإقليم الشرقي وتخويل حكومة الإقليم حق إقتراض الأموال من مصادر خارجية بضمانات مركزية. وطالبت التنظيمات الثلاثة مؤتمر البجا الكفاح المسلح، والجبهة الشعبية، ومؤتمر البجا المعارض، في مذكرة التفاهم التي تحصلت (الصيحة) على نسخة منها بإنشاء صندوق لإعمار شرق السودان بأسس جديدة تسهم فيه الحكومة المركزية بمبالغ مقدرة بجانب إعادة هيكلة القوات النظامية بما يضمن تمثيلاً عادلاً لأبناء شرق السودان، وعمل ترتيبات أمنية لقوات مؤتمر البجا الكفاح المسلح، وإعادة النظر في قضايا مُسرّحي جبهة الشرق.
واتفقت التنظيمات على مذكرة تفاهم تعزز العلاقات التاريخية بين التنظيمات الثلاثة على تعزيز العمل المشترك بينها والتعاون والتنسيق في المحاور التي تشكل الموقف التفاوضي لمسار شرق السودان في مفاوضات جوبا.
خندق واحد
وسبق استئناف عملية السلام في جوبا مشاورات واسعة أجرتها الحكومة بالخارج من أجل ضمان وحشد التأييد الخارجي لمفاوضات جوبا، وتلقى نائب رئيس المجلس الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو تطمينات من الرئيس الإرتيري أسياس أفورقي بدعم مفاوضات السلام الخاصة بشأن (اتفاقية سلام شرق السودان) واستصحابها ضمن عملية السلام المنتظر استئنافها في عاصمة جنوب السودان جوبا، وتأتي زيارة دقلو عقب زيارة قام بها رئيس الحكومة عبد الله حمدوك إلى أسمرا، وأكد الرئيس الإرتيري خلال المباحثات دعمه القوي لمفاوضات جوبا. وقال عضو الوفد فيصل محمد صالح، في تصريحات، إن وفد الحكومة أجرى لقاءً مطولاً مع الرئيس أفورقي، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين وترتيبات الحكومة والمجلس الأعلى للسلام لجولة المفاوضات المقبلة، وسير عملية السلام في السودان.
وأشار إلى أن الرئيس أفورقي أكد استعداد حكومته لتقديم (كل ما من شأنه تحقيق السلام في السودان)، وتعهد بالوقوف مع الشعب السوداني في خندق واحد، استناداً إلى ما أطلق عليه (العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين).
المبادئ الأولية
وأشار الكاتب الصحفي د. أبوبكر آدم لـ(الصيحة) إلى أهمية النقاش في مسارات متعددة تشمل قضايا قومية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بمناطق النزاع المختلفة، وشدّد على ضرورة الاتفاق حول طبيعة ومنهجية التفاوض في المرحلة المقبلة.