(قحت) هي التي تُعطّل مسيرة الإصلاح السياسي
عضوية عبد الرحمن الصادق الحزبية انتهت بعودته للجيش
عدم الاستقرار المعيشي سيؤدي إلى انفلات أمني
في هذه الحالة (…) سيُخرِج حمدوك البلاد إلى بر الأمان
هنالك وزراء عرّضوا مصالح الثورة إلى مخاطر
تصريحات المهدي تجاه الحكومة ملاحظات وليست انتقادات
قيام المؤتمر العام لحزب الأمة مسألة وقت
غياب مؤسسات الحكم الولائي انعكس سلباً على الشأن العام
وصف نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل المشهد السياسي بالقاتم, نتيجة التخبط وحالة الاحتقان السياسي والرعونة السياسية التي يتعاطى بها بعض السياسيين, وطالب الحكومة بضرورة الاستقرار السياسي للبلاد.
وقال إسماعيل في هذا الحوار الذي أجرته معه “الصيحة”: إذا لم يتم ذلك ستنتج آثار سالبة أمنياً واجتماعياً واجتماعياً واقتصادياً داخلياً وخارجياً, ودعا الجميع لاستيعاب أن هنالك مخاطر تحدق بأهداف الثورة والبلاد.
وأضاف قائلاً إن عدم الاستقرار المعيشي والسياسي سيؤدي إلى انفلات أمني مما يُعطّل مسيرة التحوّل الديمقراطي. واتهم إسماعيل قوى الحرية والتغيير بأنها السبب في تعطيل مسيرة الإصلاح السياسي منذ قيام الثورة, وقال: هنالك بعض الوزراء غير مؤهلين عرّضوا مصالح الثورة والثوار إلى مخاطر. وأوضح أنهم مارسوا رعونة سياسية ترتّبت عليها أضرار للوطن.
حوار: آمال الفحل
تصوير: محمد نور محكر
* بداية كيف يرى الفريق صديق إسماعيل المشهد السياسي؟
-المشهد السياسي الآن يأتي بصورة قاتمة لمآلات لا يعلمها كثير من الناس, فالآن ينظر الناس إلى السودان بإشفاق شديد سواء كان في الداخل أو الخارج، وذلك نتيجة للتخبط السياسي وحالة الاحتقان السياسي والرعونة السياسية التي يتعاطى بها كثير من السياسيين, لكن في النهاية أعتقد أن الاستقرار السياسي الآن في السودان مطلوب، ويجب أن يتم بأسرع ما تيسر من مساحة، لأن البلد الآن في حاجة للاستقرار بكل أبعاده السياسية التي إذا لم تستقر ستتحول إلى آثار سالبة أمنياً واجتماعياً واقتصادياً داخلياً وخارجياً.
فكل هذه المعاني تجعل المشهد السوداني في حالة من الارتباك، وعلى الجميع أن يستوعبوا أن هنالك مخاطر حقيقية تحدق بالبلاد وتحدق بأهداف الثورة، ونحن الآن نحتاج إلى مزيد من التضحية ومزيد من الصبر.
*مآلات مثل ماذا؟
– إذا لم نستطع تحقيق استقرار سياسي، فإن الوضع الاقتصادي لن ينصلح، لذلك لابد من النظر في قضية معاش الناس ومعالجتها، فعدم الاستقرار السياسي وعدم الاستقرار المعيشي يؤدي إلى قضايا أمنية تسمى بالانفلات الأمني، وفي النهاية تؤدي إلى انهيار أمني في البلد, وعدم الاستقرار السياسي يعطل مسيرة التحول الديمقراطي.
*في تقديرك كيف تسير الحكومة الآن؟
– الحكومة الآن من وجهة نظري توجد بها ثلاثة مستويات, المستوى الأول هو مستوى القيادة العليا, على مستوى رئيس الوزراء، نرى أن هنالك تحركاً فاعلاً وإيجابياً وأن هنالك تجاوباً إقليمياً مع هذا النشاط الذي يقوم به رئيس الوزراء, فله رؤية، وإذا توفر المناخ المناسب لها ستكون السفينة التي يمكن أن يعبر بها الوضع السياسي في السودان.
وعلى مستوى وزارة المالية، نرى أن الوزير بذل جهداً مقدراً كبيراً، وأعظم ما تحدث به أن السودان لديه قدرات ذاتية إذا تفجرت تحول بينه وبين التسول، وهذا ما أكده رئيس الوزراء لدى زيارته للأمم المتحدة ولقائه مع القائمين على أمر الدول الصديقة، بأننا أحوج إلى تحقيق الاستقرار، كما أن وزير المالية في تقديري أنجز في أنه خلق أصدقاء عرفوا بأصدقاء السودان، وعقدوا اجتماعاً في واشنطن برئاسة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، وتداعت له دول كبيرة جداً على المستوى الأول في العالم, أكثر من ثلاث عشرة دولة ساهمت في هذا اللقاء، ووعدت بأن تعقد مؤتمراً آخر للمانحين في السودان وأن الصوت الذي خرج من هذه المجموعة جعل الولايات المتحدة تفكر جادة بأن السودان لم يعد الدولة التي ينبغي أن تُعاقَب بوضعها في قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وهذا واضح في حديث وزير الخارجية في أن السودان دولة شريكة وشقيقة، ولابد أن تسرع الخطوات في إجراءات رفع السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
أما في الصف الثاني فنجد أن هنالك وزراء يقومون بأعمال لابد من الإشادة بها, أما على المستوى الثالث، وهو الجهاز التنفيذي على مستوى الولايات، فهنالك تغييب لمؤسسة الحكم الولائي، ما انعكس سلباً على إدارة الشأن العام، خاصة معاش الناس، فإن الولاة المكلفين الآن لا يستطيعون أن يفعلوا شيىاً، لأن هنالك كثيراً من القيود والأغراض التي تقف حاجزاً أمامهم بسبب أنهم ينتقصون للولاية الشرعية فهم ليسوا مكلفين بأداء قسم فهذه ثغرة من الثغرات الموجودة في الجهاز التنفيذي، لكن بين هنا وهنالك وبين هولاء الولاة جماعات شتراء يتعاملون بعشوائية ورعونة سياسية.
*أمثال من؟
– مثلاً تصريحات وزير الصحة فيما يتعلق بمرض الوادي المتصدع وما نتج عنه من آثار أدت إلى وقف الصادر مما أثر على المنتجين والتجار المستثمريين, كما أن تصريحات وزير التربية والتعليم الأخيرة بشأن الشهادة السودانية حديث سالب وليست له ضرورة في الوقت الراهن، فتشويشه صورة الشهادة السودانية تعتبر جريمة ينبغي أن يُسأل عليها، كما أن حديث وزير الأوقاف ودعوته لعودة اليهود للبلاد في تقديري أن الوقت غير مناسب لهذة التصريحات، فهذه المرحلة هي مرحلة عمل للتقارب بين مكونات الساحة السياسية السودانية لإزالة كل أسباب التوتر الذي يخلقه الآخرون، وما تحدث به الآن خلق مناخاً مخالفاً للواقع الموجود فهذه الرعونات السياسية التي ظهرت سيعاني منها السيد رئيس الوزراء وستعاني منها كل الأمة السودانية.
*كيفية ضبط مثل هذة التصريحات؟
– رئيس الوزراء أصدر توجيهات بألا تتم مثل هذه التصريحات إلا عبر آليات متفق عليها، وهي لا يحق للوزراء التحدث للإعلام إلا في المسائل الإيجابية، أما التصريحات التي تخص الأمن القومي السوداني وتؤثر على العلاقات الخارجية ينبغي أن يمنع الحديث عنها, صحيح نحن نريد شفافية، لكن ليس كل ما يقال هو الحقيقة، فلكل مقام مقال، ولكل ظرف معطياته، ولكل حديث موقعه ومكانه، لذلك لابد من التوازن لنتجنب المخاطر ونحقق كثيراً من المصالح، فهُم بهذه التصريحات قفزوا قفزة نتيجتها تضرّر الوطن
*وكيف تقيّم زيارة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للولايات المتحدة الأمريكية؟
– ما قدمه الأخ رئيس الوزراء من خطاب وما أظهره من سلوك تجاه شعبه، فهو قام بتقديم مفاجأة للسودانيين الذين يتظاهرون بالخارج وذلك بمصافحتهم، في تقديرىي هذا دليل على أن العلاقة بين السودانيين الموجودين في المهجر والخرطوم بدأت تتجسد، كما أن مشاركة السودان بعد ثلاثين عاماً على مستوى رأس الدولة في الأمم المتحدة في تقديري هذا تبشير بإعادة دمج اسم السودان في المجتمع الدولي، فهذه مسألة مهمة, الخطاب الذي ألقاه الأخ رئيس الوزراء وتحدث فيه بأن السودان تضرر من القرارات الدولية التي كانت موجهة للنظام أصابت الشعب السوداني ونجا منها النظام، كما أن زيارته لفرنسا تبشر ببشريات للسودان خاصة إذا وجدت طريقها للتنفيذ، كما أن زيارته للاتحاد الأوربي فهي موفقة جداً، ولعب الدور الصحيح في أنه كرأس دولة أن يعيد إدماج السودان في المجتمع الدولي على المستوى الإقليمي والمحلي. وفي تقديري هذه تكسير للهوة بين الحاكمين والمحكومين، كما أن زيارته لدارفور وللمعسكرات بهذه الطريقة البسيطة أكدت أن القائمين على أمر السودان يتعاملون مع الأمور بعقلانية وحكمة.
*يرى البعض أن الحكومة الانتقالية بعيدة عن هموم المواطن وما زالت الضائقة المعيشية موجودة؟
– في تقديري أن غياب السلطة التشريعية في الولايات هي السبب في ذلك، فالولاة الآن مكلفون فقط، ويجب الإسراع لقيام هذه السلطة، فالإخوة في الحرية والتغيير هم السبب في تعطيل مسيرة الغصلاح السياسىي منذ قيام الثورة إلى نهاية العام، وبعد ذلك قفزوا إلى صناعة القرار من غير رؤية ومنهج، فالحكومة عندما جاءت ألزمت بأن تنفذ برنامج الحرية والتغيير، ولم يكن هنالك برنامج في الأساس، وصرح بذلك السيد رئيس الوزراء أمام الجالية السودانية في المملكة العربية السعودية، فعندما عاد إلى السودان قام بتفعيل دور مجلس الوزراء وهو وضع خطة إسعافية.
*حزب الأمة قدم مصفوفة وبرنامجاً، تحديداً ما هي ملامح هذه المصفوفة؟
– صحيح ، قمنا بتقديم مصفوفة، وهي برنامج متكامل جداً وضع أمام الحكومة، وعليهم الاستفادة منه إذا وجدوا فيها ما يفيد، والمصفوفة وجدت قبولاً واستجابة من المعنيين بأمرها.
*فىي حديث لرئيس الوزراء تحدث فيه بأنه غير راضٍ عن أداء بعض الوزراء، وسيبدأ بعملية تقييم شامل؟
– هنالك بعض الوزراء قفزوا إلى هذه المواقع بغير قدرات وتأهيل، وأن هولاء الوزراء مارسوا رعونات سياسية ترتبت عليها أضرار كبيرة على الوطن، وعرّضوا مصالح الثورة والثوار إلى مخاطر، فينبغي أن يذهبوا، وفي مقدمة هولاء الوزراء وزير الصحة, فأي وزير يعتبر أداؤه فيه تضارب ومصادمة للمصلحة العامة يجب أن يذهب.
*في جانب آخر، كيف تنظر إلى وحدة أحزاب الأمة؟
– هنالك أزمة حقيقية داخل الحزب, الإخوان في حزب الأمة القومي وأنا منهم، قمنا بفتح الباب للإخوة الذين خرجوا من الحزب ليعودوا إليه، فعندما أسأل متى يعود هولاء فكانت الإجابة حينما يزول المؤثر الخارجي, فالمؤتمر الوطني كان يقوم باستقطاب هولاء الناس كما أنه يقوم بإعطائهم أموالاً والآن أُزيح هذا المؤثر، كما يوجد من خرج نتيجة غبن داخلي وفي تقديري هذه مرارات يجب أن يتم تجاوزها، وعليهم أن يعودوا إلى حضن حزبهم الأساسي، ونحن الآن في حزب الأمة نرحب بعودة الجميع ونفتح صدورنا لاحتضانهم والمواعين الموجودة تستوعبهم جميعاً, والآن يوجد من عاد إلى حزب الأمة، وتم الترحيب بهم، لكن الترتيبات لإكمال الاندماج لم يكتمل حتى الآن.
*هل توجد شروط للعودة؟
– لابد من الاعتراف بأن هنالك دستوراً يُنظم العلاقة داخل هذه المؤسسة، وأن هذا الدستور مًجاز من مؤسساتنا، ولا مجال للاعتداء عليه, فهنالك مؤسسات منتخبة، رئيس منتخب, أمين عام منتخب, رئيس هيئة مركزية منتخبة, هولاء لا نسمح للمساس بهم، ولكن ما دون ذلك فضل الله برمة ناصر نائب مكلف، إسماعيل صديق نائب مكلف, إبراهيم الأمين نائب مكلف, ويمكن أن نذهب ويأتى غيرنا إذا كانت هنالك ضرورة لهذا الأمر.
أما المكتب السياسي فجميعهم منتخبون ولا مجال فيهم، كما أن هنالك مساحة للتوسعة بموجب الدستور، وهنالك مساحة لصناعة مواقع بموجب الدستور كما أن هنالك مساحة لاحتضان الناس جميعاً.
*كثرة انتقادات الصادق المهدي للحكومة الانتقالية في تقديرك ما هو مرد هذه الانتقادات؟
– هذه ليست انتقادات وإنما ملاحظات، وهو لم ينتقد الحكومة حتى الآن، فإذا قام لنقد الحكومة سيؤلف كتاباً فهذه مجرد ملاحظات وليس انتقاداً، ونحن حتى الآن لم نقُم بتقييم الحكومة تقييماً كاملاً لكننا نقوم بتقديم ملاحظات للاستفادة منها للإصلاح قبل الوصول إلى مرحلة التقييم النهائي.
*وضعية عبد الرحمن الصادق المهدي من الحزب الآن؟
– عبد الرحمن الصاق هو ضابط في القوات المسلحة، وكان قبل ذلك عضواً في حزب الأمة القومي، وهذه العضوية انتهت بعودته للقوات المسلحة، وتخلى عن كل المواقع التي كان يشكلها في حزب الأمة، وذهب للمؤسسة العسكرية، وهو ما زال ضابطاً في القوات المسلحة يلتزم بقانون القوات المسلحة الذي يمنع الانتظام في المؤسسات السياسية، ونحن نحترم ذلك القانون ونقدر ونتعامل مع الأخ عبد الرحمن الصادق كأنه أحد أعضاء القوات المسلحة.
*وماذا عن المؤتمرالعام للحزب؟
– كان من المتوقع أن تنعقد الهيئة المركزية لتحديد موعد المؤتمر العام وتكوين اللجنة بعد مطالبة الرئيس بتكوين اللجنة العليا للمؤتمر، وهذا المؤتمر هو مسألة وقت وإجراءات ينظمها الدستور، اللجنة المركزية للحزب تجتمع لتنظر في ما يعاد الدعوة إليه، كما أنها تجتمع لإجازة التعديلات الدستورية المطلوبة، لذلك المؤتمر العام للحزب قاب قوسين أو أدنى من الانعقاد.
*يرى البعض أن عدم قيام المؤتمر العام هو السبب في تشرذم الحزب؟
– هذا حديث غير صحيح, لقد انعقد المؤتمر العام السابع وحدث بعده مباشرة هذا التشرذم , تشرذم الحزب ليست له علاقة بعدم قيام المؤتمر العام.