بكل الحسابات ليس من داعٍ لموكب 14 ديسمبر.
الجهة التي أعلنت المَوكب ودَعَت له لا صلة لها بالتقدير السِّياسي السليم أو أنها تَلعب لصالح الآخرين!!
وسُوء التقدير واضحٌ من حيث الظرف الحرج والمُعقّد الذي تأتي فيه والاحتقان الكبير الحادث في كامل المشهد السياسي.. الجميع فيه غارقون، كما أنّ الجميع يبحث له وسط هذه الجوقة والتضاعيف العنقودية عن (مراقة) تخارجه من (السيك) القريب.. فهل يكون موكب السبت (كرتهم الرابح) ودجاجتهم التي تبيض لثلاث سنوات قادمات..؟!
حالة التسلل يغطيها موكب 14 ديسمبر (كتلوا الأوف) وسيتراص المتسللون وسينضرب أكثر من عصفور بموكب واحد.. وبصلة موكب (المسلمية) في النار فعلاً.. كلهم (يتملمظون) الآن في انتظار ذلك الغباء الانفعالي ومورد التهلكة.
(والمتحين تبكيهو القشة)..
فلنقل إنّ بعضاً من الحكاية كامن في عاطفة الحُب وأسير لمشاعر الوفاء وهذا ما دفع بعضهم إلى الخُروج المنطقي والمُبرِّر، ولا حيلة معه إلى توسيع دائرة لومهم.. لكن ذلك رهينٌ بأن يبقى الاحتجاج ودعوة المَوكب والخروج على ذات الموجة التي خرج منها و(FM بس) دون أن يتخذ منحىً سياسياً حاداً تستفيد منه كل الأطراف المغايرة لطرف الموكب ولا عزاء للمغبرين أرجلهم في سبيل الله!! الهياج مضر.. (والطريق إلى الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة).
لا مانع في أن يأتي الناس على ذلك التداعي التلقائي بلا ضررٍ ولا ضرار..
البشير بين يدي القضاء الذي لا يظلم عنده أحدٌ، وأمام أنصاره (جكة) حقيقيّة وسلسلة طويلة من مراحل التقاضي لا تحتاج لتدخُّل موجة منبتة ظنّت على نرجسية عابرة أن الوقت مُناسبٌ وأنّ الموعد فاصل!!..
وبقياس الرأي العام، فإنّ أسهم (القحاتة) بدأت فعلاً في الازدهار بعد إعلان الموكب.. كانوا في مَوقف لا يحسدون عليه وحالة (أخير منها العرس).. شتّت المَوكب (الكورة) وخفّف السِّهام عن حَدقات إخفاقاتهم الواضحة التي اُبتليت بها حُكومة حَمدوك.. واستفادوا من الإحساس العام بأنّ الموكب (حق ناس الوطني).. بل وعمدوا لنشر ذلك على نحوٍ واسعٍ.. وانبرت الأسافير في نشاطٍ محمومٍ لم نشهده لهم قريباً.. يقود الخطو ويُجهِّز المسرح والديكور لصالح المحرقة.
مثلاً نشروا الخميس فيديو لإحدى التّاتشرات وهي تقبض أحد العناصر بزيٍّ عسكري.. الفيديو عبارة عن ضرب مبرح متّصل بلا هوادة لتلك العناصر وسط تشجيع من الجماهير :
(أدِّيهو.. دُقو)!!
الفيديو قديمٌ، لكن التعليق المُصاحب حَاول التّعمية بالقول بأنّ (المقبوض عليهم هم بعض الفلول التي كانت تُحاول تَوزيع مَنشورات وتُحرِّض المُواطنين للخروج للمليونية)!!
وسَاهم في التعقيد والالتباس أنّ الموقف الرسمي للحركة الإسلامية غائمٌ.. ولا يتصوّر خروج بيان لمنع الناس الذين أرادوا الخروج من الخروج رغم الممانعة التي يفرضها المنطق وتُؤيِّدها الإرهاصات والترّبُّص.
أما موقف الحرية والتغيير فقد كان مُخزياً وقبيحاً وزبالة.. فقد ارتقت ذات الهاوية التي لعنتها فاعتلت أدوات القمع (ولولحت كرعينها) مُحذِّرةً ومُتوعِّدة كل من يخرج بلا إذنٍ!! سقطوا في امتحان الحريات قبل أن يبدأ.
آخر تصريحات الوطني كانت لأنس عمر في مسجد جامعة الخزطوم وهو يقول (لقد قدمنا مصلحة الوطن على مصلحة الوطني)..
لا فائدة مُرتجاة من المَوكب إلا بث الحياة في الرشيد سعيد وأنا بالأكتر
وإنت كان زعلان أنا ما بزعل..
لكنها فُرصة مُمتازة لتحليل وتصوُّر المشهد وانكشاف النوايا وكشف المستور ما بين السطور، ومثلما قال السيد الصادق المهدي للشبارقة (الحجر المدفون بكسر المحرات).
الجيش أعلن القبض على خلية لبوكو حرام..
الشعبي قَطَعَ من بدري بعدم المُشاركة بالرغم من أنّ أمينه العام في ذمة قضية سياسي بامتياز..
وشيخ المُعري قال:
يسُوسُون الأمور بغير عقلٍ … فيَنفُذُ أمرُهُم ويُقالُ ساسة
فأفّ من الحياة وأُفّ مني … ومن زمنٍ رِئاستُهُ خساسة
*مرافعات انتقالية:
متى ينشر قانون التفكيك في الجريدة الرسمية؟!.