* أتيح (أنواء) اليوم للقارئ الحصيف والكاتب الشفيف السماني أبوبكر السماني ليسلط الضوء على قضية اجتماعية مهمة جداً، وهي قضية الصدمات العاطفية وأثرها على تأخر الزواج.. فإلى رسالته..
* يعتبر الزواج من الأشياء الضرورية والمهمة لاستمرارية الحياة وبدونه تنعدم ولا تستقيم، فمن كان يستطيع توفير احتياجاته فإنه لا محالة قابل عليه، لكن إن لم تتوفر له فيصبح الأمر واقعاً يتعايشه وحلماً يتأمله فقط.
* هناك جانب آخر لا يتعلق بالوضع المادي وإنما بالحالة النفسية التي يمر بها الشخص جراء الصدمة العاطفية التي تعرض لها، فقد يتأخر عن الزواج حتى يتقدم به العمر أو قد يرفض التفكير فيه نهائياً ليمارس حياته بدونه.
* ونتيجة لخوض علاقة عاطفية استمرت لفترة من الزمن، يكون الشخص قد رسم مع محبوبته أحلاماً ولوناها معاً بذلك الحب الذي تغلغل واستقر في الوجدان، ووصلاً لمراحل متقدمة منه فأوله إعجاب وآخره هيام.
* أصبح كل منهما يستنشق رونق محبوبه ويخفق قلبه كلما تذكره، وقد لا يخطر ببال أحدهما أنهما سيفترقان في يوم ما، وكانت هناك تضحية من أجل هذا الحب.
* فلنتخيل حال هؤلاء كم من الوقت سينتظرون! وكم من المعاناة سيتحملون! وكم من الجسور سيعبرون! وفوق كل هذا إن كتب لهم أن يفترقوا!!. فهناك أحلام ستزول، وقلوب ستنكسر وجراح سوف تنزف. الأسباب هنا في الغالب تكون في تدخل إحدى الأسرتين أو خلاف بينهما.
* النتيجة هي تأخر الزواج عن أشخاص كانوا ضحية هذا الحب، وعلماً بأن المرأة في النسيان أسرع من الرجل، وهناك أمثلة في هذا المجتمع من هؤلاء الذين تأثروا بتلك الصدمة، وأذكر منها اثنين:
* (واو) كانت له علاقة عاطفية بـ(نون)، استمرت لسنوات، ولم يحصلا على المراد وكتب لهما الفراق بسبب تدخل أسري بينهما، وحتى يومنا هذا لم يتزوج (واو)، وحتى (نون) عانسة حتى الآن، وقد تجاوزت أعمارهما الخمسين.
* (لام) تعلق قلبه بـ(ميم)، عاش معها حباً صادقاً من نوعه وكان ذلك في سبعينيات القرن الماضي، فالرسائل هي الوسيط الوحيد الذي يحمل شوق كل عاشق في ذاك الزمان، و(لام) كان من عشاق ذلك الزمان.
* وجهز كل ما يلزمه لأمر الزواج، فأعد بيته لاستقبال فارسة الأحلام، لكن (تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن)، فعندما تقدم للزواج رُفض، ولأن (ميم) كان أهلها يريدون زواجها لأحد الأقرباء. (لام) عاش طوال حياته دون أن يتزوج حتى توفي قبل عام، وعمره قد تجاوز الستين.
* بعد الصدمة العاطفية هناك من يتزوج فوراً ظناً منه النسيان، وآخر من يكرهه ولا يفكر فيه أبداً، وهناك من ينتظر قليلاً ويعطي نفسه فرصة ليتناسى ذلك عبر الزمن وليهيئ قلبه لاستقبال شخص آخر، ليتزوج ويعيش حياته، والأخير هو الذي سيكون على أفضل حال ويعيش حياته بكل حب وإخلاص.
* التأثير يكمن في تأخر الزواج، أو قد يعتقد الشخص ألا أنثى ستستطيع إيقاظ تلك المشاعر من جديد، ويكون قد حكم على نفسه بالإعدام.
السماني أبوبكر