مَرّة أضحك.. ومَرّة أبكي..
الذين فرحوا في الأسافير لتمرير (قانون التفكيك) يوم الخميس، كانوا على موعدٍ كذوبٍ مع أحلامهم بفش الغبائن.. وتلك مواعيد كان ينبغي اغتيالها أو تلجيمها عِوَضَاً عن الإفصاح عنها، هي ليست سوى (حفلة زار) لا تفضي إلا لتكثيف الطاقة السلبية وتجميعها وبثِّها على نحوٍ لا يُمكن التنبؤ بالمآلات والنهايات.. غالباً ما تعود ولو بَعد حِينٍ إلى الندامة والخسران!!
الذي نعرفه ألا أحد نجا من تلك الممارسة الغبائنية.. على مُستوى تجارب الناس والشعوب المُتوافرة، أي خطوة متشفية لا تشفي.. وأي توسيع لدائرة التباغُض عبر ترقيع (مرافعات الاتّهام) وسيبان (القواعد التجريمية) لن يفلح في مُحاصرة ما تخافه الجهات المُحاصرة والمُرقّعة.. لقد قاموا بتغيير المرمى ومُخالفة القواعد وكسبوا فقط بعض الزمن.. بينما حَصَلَ الغريم على فُرصةٍ أخرى وزمن مُستقطعٍ ثمينٍ من عُمر أمتنا للإفلات في عالمٍ مُتّسعٍ من الأدوات والمجارير والمحاور.
ثُمّ أنّ (قحت) تجاوزت بفعلتها الشبقة تلك شَرطاً مُهمّاً من شُرُوط الدولة المدنية.. (سيادة القانون).
لكن الامتحان الذي رسبت فيه القوى المدنية لم يكن فقط ليلة الخميس، فقد بدأ ذلك مُبكِّراً ومن يومي فض الاعتصام وتزوير الوثيقة.. يوم أن كتبتما معاً موثقاً سرياً عنوانه: (دافننو سوا)..
ومن هناك اتّسع الرتق واستصعب على الراتق!!..
كُنّا سنفرح لو أن تلك الخطوة صُبّت باتّجاه تعزيز ثقافة (دولة القانون) بدلاً من ذلك التمترس الغابي الذي يضعف دولة القانون ويتفه مُؤسّساته المغلولة عن أداء أي دورٍ.
كُنّا نتمنّى أن تخطو نحو تنشيط وتفعيل دور القَضاء لتشجيع الناس على الاستعانة بالدولة للحل.. الحل لا البل!!
حَل المُشكلات والمعضلات المُستشرية والمُستعصية دُون اللجوء إلى استسهال الالتجاء إلى ما دُون وفوق القانون مِن وَسائل.
كان الناس يَحتاجون لنُموذجٍ، وقد واتتكم الفُرصَة ولكنّكم أضعتموها..
كان قصر نظركم حاضراً..
وغبينتكم مُتفشية والشيطان إليكم أقرب من استدعائه.. كما أنّ فرصة الوضوء لم تكن مُتوافرة.
و….
(لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)..
منذ تسنمكم السلطة أصبحت الفوضى حالة مجتمعية عارمة فلا قيد ولا ضابط.. ابتداءً من إشارات المرور وانتهاءً بمرور الشارات.. كلنا أصبحنا من (السابلة) ولا أحد يعلم إلى أين نمضي دعك من زمن الوصول.
إنّ الأزمات التي تتناسخ كل يوم لا يُمكن تصوُّر مُعالجتها وفق هذا المنهج المعوج والمنطق غير السوِّي.. حلم الإصلاح والتغيير يغتاله استصدار هذا (التفكيك) الذي يتّفق جمهور القانونيين بعدم دستوريته واستحالة أن يكون قَانُونَاً صَالِحَاً لمُعالجة ما افترضه مِن جَرائم.. هو ليس سِوى رغبات منزوعة الصلة بطبيعة الإصلاح المطلوبة وزر للرماد في العُيُون وشغل الناس بعيداً عن هُمُومهم الحقيقيّة.. بينما كان حريٌّ قيادتهم إلى ما يجدي!!
على بعض العقلاء من الذين ينصت لهم الاستدراك العاقل لما يحصل.. والاكتفاء من هذه الضربات الخاطفة اليومية والمُؤقّتة.. التوقُّف عن النظر للمُشكلات من زوايا اِستلاب إرادة المُواطن لتحويله إلى رقمٍ أصم يسهل حسابه بمُختلف الاتّجاهات دون معنى يُذكر ودُون فائدةٍ مُرتجاةٍ.
صوِّبوا توّاً نحو تُجّار العُملة والموسم الشتوي ومعاش الناس والوادي المُتصدِّع بدلاً من الاهتمام بطاقية الحرامي…
تقول الطرفة:
أثناء محاكمة متهمين بسرقة “فلنكات” السكة حديد هرش القاضي أحد المُتّهمين طالباً منه أن يقلع الطاقية من رأسه! أجاب المُتّهم بصوتٍ خافتٍ (أنا طاقيتي بقلعها بس إنت إن شاء الله تلقى فلنكاتك تحتها).
أتمنى أن يكون خلع الطاقية بتمرير القانون آخر (حوائطهم القصيرة المائلة) ليبدأوا البحث عن فلنكاتهم الضائعة.
ونصيحة نسديها.. اسرعوا بالضغط على وزير العدل باتجاه نشر القانون في الجريدة الرسمية…
الجماعة ديل لا تؤمن بوائقهم.. بين قوسين (ما مضمونين).