* جلسات الصفاء اندثرت وطواها الزمن.. وبات التلاقي بين الأجيال مثل لبن الطير في الصحراء.. وتباعدت المسافات وقضت وسائل التواصل الاجتماعي على حميمية العناق وبات الخطاب المرسل من الصديق للصديق ومن الحبيب إلى الحبيبة من أثر الماضي الذي انطوى..
في هذه الدنيا بضيقها وسعتها هناك أناس يجملون الحياة يجمعون الفرقاء ويؤلفون بين القلوب، ويمثل الناظر حاتم أبوسن مثالاً وعملة نادرة وطبعة أخيرة من كتاب نفد في الأسواق وبات الحصول عليه عصياً وصعباً.. ما بين قروب الزوارق على تطبيق الواتساب ودعوات الأحبة في الأمسيات النادرة جمع حاتم أبوسن يوم الإثنين الماضي طيفاً من الشباب وما فوق الشباب على مائدة إفطار احتفاء بمن يحب على كثرتهم في الوسط الاجتماعي والسياسي.. وكانت جلسة طاف فيها الناجي عبد الله أحد أبرز قادة التيار الإسلامي مجاهداً وخطيباً ألفته المنابر في الجامعات والندوات حينما كانت الساحة السياسية تحتفي بالخطباء والمنابر لم تجف.. والأماسي مترعة, طاف بالجديد والقديم ما بين أحاديث الترابي ومواقف نقد وفراسة سيد أحمد الحسين وثلاثتهم في دنيا غير دنيانا.. قدم الناجي عبد الله رؤيته لمستقبل التجربة الديمقراطية في السودان وفرص عودة التيار الإسلامي بعد انقشاع غمة ما بعد السقوط وسيادة العقلانية.. ولم يخف الناجي دعوته بتجاوز التشظيات القديمة للإسلاميين من وطني وشعبي وإصلاح وختمية وأنصار وسلفيين وصوفية..
ووجدت دعوة الشفيع خضر القيادي في الحزب الشيوعي صدى في أوساط الإسلاميين بمساندة د. عبيد الله محمد عبيد الله لها واعتبارها طريقاً ثالثاً لمواجهة اليسار واليمين التي تسوي الأرض وتمهد الدرب لتخلق نظام “سيسي” آخر في السودان يقصي التيار الإسلامي بالعنف والاجتثاث ويقصي اليسار من الحزب الشيوعي إلى البعثيين والناصريين بما “يتخلق” الآن في الخارج باسم الثورة التصحيحية وهي ثورة أو انقلاب موجه إلى صدور اليسار والإسلاميين معاً ويدعمه الطرفان بلا وعي لانقسامهما في صراع “صفري” وعدمي يحفر قبراً عميقاً للديمقراطية لوأدها لأنها تشكل إحياء لثورة الربيع العربي المرفوضة خليجياً ومصرياً وإقليمياً..
وطاف الصادق الرزيقي بعالم ما بعد الحرب الباردة والاختلافات العميقة بين العقل الغربي الأروبي والعقل الأمريكي.. وهل سيادة قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان تشكل أولوية ولأي الفريقين الأمريكي أم الأروبي؟؟
لا يخفي عبد الماجد عبد الحميد في تشخيصه السوداني من واقع اهتماماته بالرياضة الذهنية والرياضة العقلية والبدنية وهو يتوقع أن تبلغ الفترة الانتقالية برئاسة د. عبد الله حمدوك منتهاها واكتمال الفترة الانتقالية لكنه لا يرى في الأفق قيام انتخابات حرة وتعددية لكل القوى السياسية إلا بشروط لا تتوافر حالياً.. وهو ذات ما ذهب إليه عصام محمد عبدالله أحد قادة تيار المستقبل وهو أحدث حزب خرج للوجود.. ويعتقد عصام أحمد عبد الله أن الأحزاب السياسية جميعها في حاجة لنقد ذاتي ومراجعة شاملة لتجاربها وتحالفاتها.. حتى تصبح الانتخابات القادمة محطة عبور لاستقرار البلاد ودعماً لجعل الفترة الانتقالية للمصالحة الوطنية الشاملة وتحقيق السلام بدلاً من منهج الإقصاء والانتقام الذي من شأنه إضاعة مكتسبات ثورة الشباب والزج بالبلاد في أتون صراعي عدمي يورثها أبشع أنواع الحروب الأهلية..
وكانت جلسة الإثنين في حضور مفكرين ومثقفين من أجيال ومدارس متعددة سانحة للتأمل في العيش الملا القندول كما يقول المحبوب عبد السلام..