مواصلات الخرطوم.. حلول تنتج معاناة!!
الخرطوم: عوضية سليمان
خلال الأيام الماضية استفحلت أزمة المواصلات داخل ولاية الخرطوم بطريقة أشبه بانعدام خطوط سير المركبات العامة، الأمر الذي أدى إلى انعدام واختناق مروري من قبل السيارات الخاصة التي تقف لتقل وتخفف من تكدس المواطنين، في محطات سير رحلتهم مما أدى إلى ازدياد الأزمة التي لم تبارح مكانها من قبل سقوط النظام السابق إلى يومنا هذا، فاضطر المواطنون للسير على أقدامهم للوصول إلى مقر عملهم خشية ضيق الوقت العملي، ورغم دخول قطار الخرطوم الخدمة منذ أيام إلا أن الأزمة لازالت قائمة.
الشاهد في الأمر أن بعض أصحاب المركبات العامة رفضوا الدخول إلى العاصمة بحجة الازدحام المروري وبعضهم الآخر اضطر لتغيير مساره ليصل إلى وجهته.. في سعي منها لحل الأزمة المستفحلة أصدرت الحكومة عبر وزير مجلس الوزراء الانتقالي عمر مانيس قراراً ألزم بموجبه جميع الوزارات والمؤسسات والوحدات الحكومية السودانية بنقل المواطنين مجاناً أثناء ساعات العمل الرسمية، وبعد نهاية الدوام الرسمي وفي العطلات الرسمية، وأن تشارك القوات النظامية في ترحيل المواطين.
ووجه القرار وزير الحكم الاتحادي رئيس لجنة معالجة أزمة المواصلات بالتنسيق ومتابعة الأمر مع الجهات المعنية.
(1)
تخدير أم سوء تقدير؟
بداية يرى الخبير في مجال النقل حسن إبراهيم أن الأزمة كبيرة جداً ومزعجة إلى حد ما، وما يواجهه المواطن الآن وتحديداً الموظفون يستحق الوقوف عليه أكثر من اتخاذ مجلس الوزراء لقرار بهدف حل هذه الأزمة، والذي قال إنه سيخصم الكثير من وقت دوام العمل اليومي ومن غياب الموظفين من العمل بحجة عدم المواصلات أو تأخرهم بسبب زحمة الشوارع وغيرها من الأعذار التي نسمعها يومياً من زملاء المهنة.
وأردف حسن في حديثه لـ(الصيحة) بأن التوجيهات التي صدرت من قبل مجلس الوزراء لا تتناسب مع حل الأزمة وأن الحل الأمثل والصحيح بأن يكون هنالك تنسيق مع الجهات المختصة بما فيها وزارة النقل باعتبار أنها الجهة التي يتم إخطارها في هذه الحالة.
وأضاف أن قرار مجلس الوزراء لا قيمة له، ويعتبر تقديراً سياسياً وتخديراً لموقف فقط، وقال: كان من الممكن أن يقوم مجلس الوزراء بتوجيه القرار لولايات السودان لأن الأزمة عامة عبر ولاة الولايات بالرغم من أن القرار لا يساهم بصورة واضحة في حل الأزمة، ولم يكن القرار بالجديد بالنسبة للحكومة وسبق أن ساهمت وزارة البنية التحتية وقتها بصورة فعلية لأنها جاءت عبر جهات الاختصاص والمؤسسات نفذت توجيهات الوزير، وقال: كان على الحكومة أن تبحث عن حلول حقيقية لحل مشكلة المواصلات المتجذرة منها ضبط التعرفة وتفعيل الرقابة.
(2)
(روشتات) حول (الأزمة)
(قرار مجلس الوزراء ليس فيه جديد وغير مجدٍ، وليس هو حل لأزمة المواصلات التي يشكو منها المواطن وسائق المركبة معاً)، هكذا ابتدر محمد عوض سائق عربة (هايس) خط الجريف إلى السوق العربي موقف جاكسون حديثه لـ(الصيحة) قبل أن يضيف بقوله إن السلطات الرسمية تجاهلت كثيراً قضية المواصلات منذ النظام السابق ليست هنالك أهمية واضحة لحل المشكلة حتى على مستوى الحكومة الحالية التي جاءت بقرار نقل المواطن عبر العربات، وهذا شيء مزعج في حد ذاته أولاً، وثانياً ليس هنالك جديد لحل وضع المواصلات، فمنذ إسقاط النظام السابق نرى أن أصحاب العربات الخاصة يقومون بنقل المواطنين على خط سيرهم، وهذا شيء مشاهد يومياً ولا يحتاجون إلى توجيه باعتبار أن العهد الجديد به صفات كريمة محمودة على المواطنين في بعضهم من وقت المظاهرات وتتريس الشوارع، وقال: على الحكومة أن تخرج عربات الجيش والأمن (المقرشة) داخل مقرات الدولة وتستخدمها وسيلة لنقل المواطن لتخفيف حدة الأزمة، وتكون هنالك معالجة واضحة وملموسة من قبل الحكومة بدلاً من توجيه أصلاً موجود في المجتمع.
وأضاف: نحن أصحاب المركبات نتحمل المواطن أكثر من الدولة بعدم دفع المواطن لقيمة التذكرة ، ونسمع (كلام فاضي) ولا يراعي المواطن ارتفاع الاسبيرات وتغيير الطرقات بسبب رداءة بعضها حيث أن سائق المركبة يقوم بتغيير الشوارع والاتجاهات ويضيع وقتاً كبيرا جداً بسبب الانتظار والتكدس على الاستوبات، منوهاً أن ذلك يقلل عدد الرحلات التي يقوم بها سائق المركبة عبر برنامج يضعه في الصباح الباكر بتوزيع رحلاته لليوم حسب الوقت والزمن وحسب الاتجاهات وهذا يخصم من عملنا اليومي ومن الإيراد والمصروف عبر دفع (أورنيك) بقيمة 100 جنيه، ومع ذلك نتحمل الخسارة وضياع الوقت بسبب تغيير خط السير مما يجعلنا نعود إلى البيت في وقت متأخر من الليل.
وكشف بأن هنالك فوضى كبيرة جدًا من قبل السماسرة (الركيبين) فهؤلاء هم من يلزمون سائق المركبة بتوجيهه إلى الجهة عبر زيادة في التعرفة تحدد منه ويوافق السائق والمواطن أيضًا بغرض الوصول إلى جهته، لذلك من أسباب الفوضى الحقيقية السماسرة الذين وصل بهم الحال إلى دخول الترحال إلى صف الركيب عبر أفراد في الرحلة وأيضاً الأمجاد وعربات تتبع لنقل الموظفين من الشركات والمؤسسات تعود مساء لنقل المواطن عبر وجهتهم باتفاق مع (الركيب)، وفي هذه الحالة (الركيب) كسبان مادياً بعيداً عن راحة المواطن وبعيداً عن رغبة الدولة، مشيراً إلى أن قطاع النقل قطاع غلبت حل أزمته الكل وأصبح الكل يعمل (على كيفو)، دون وجود أي جهة تمنع الفوضى في المواقف، لذلك نتوقع أن يسوء الحال أكثر مما هو عليه الآن لأن الحلول التي قام بها مجلس الوزراء غير مجدية وليس من ورائها حل.
(3)
أزمة أعيت كل الولاة
بدوره يرى المحلل السياسي الرشيد أبو شامة خلال إفادته (الصيحة) بأن مشاكل الولاية واضحة وضوح الشمس حتى لا تحتاج إلى تذكير من شخص، موضحاً ذلك لعدم المواصلات والطرق غير مسفلتة بالطريقة المقصودة. وزاد في حديثه أن القصة أولويات لكل والٍ يتقلد ولاية الخرطوم أن يضع جدول أولويات مما يخفف عبء الولاية الأكثر إشكالية في النقل، وهي من أبسط حقوق المواطن الذي أضحى همه الآن أن يجد ترحيلاً فقط ينقله من وإلى البيت.
وأضاف في حديثه بقوله (ما في والي وضع حل الأزمة (أولوية) في عهده غير الوالي السابق دكتور عبد الرحمن الخضر الذي في عهده كانت خطته في تمدد الكباري والأنفاق ونجح في ذلك عندما قام برصف شارع النيل إلى أم درمان وأنشأ طرقات مسفلتة إلى مدينة الفتح شمال أمدرمان القرية، وامتدت إلى غرب أم درمان دار السلام وأم بدات والحارات.
وزاد بقوله إنه كان من المفترض أن تكتمل الخطة بتكملة شارع النيل سوبا شرق للوالي الجديد، وأن الخضر وضع بصمة في المواصلات الداخلية عن طريق القطار الذي لم يصل إلى الخرطوم منذ ثلاث سنوات لوجوده داخل ميناء بورتسودان، مما يدل على عدم الدقة في المتابعة وأهمية عمل خطة مدروسة للوالي الحالي.
وكشف أبو شامة عن وجود خطة عن أسواق مركزية تم وضعها في عهد الخضر، وتساءل عن أين تقف الآن؟ مطالباً الوالي المكلف بتوضيح الخطة الجديدة للولاية منوهاً إلى أن ترتيب الأسواق له تأثير كبير في تخفيف الازدحام المروري، داخل المواقف الكبيرة، وأشار أبو شامة إلى فشل كل من تقلد ولاية الخرطوم في حل أزمة المواصلات قبل أن يرجع سبب تطاولها إلى ازدياد أعداد النازحين إليها بعدما شردتهم الحرب والظروف الحرجة، مضيفاً بأن هذه الفئة هي من أرهقت الولاية في المواصلات عبر مناطق أم بدة والفتيحاب وغيرها من المناطق الطرفية.
وقال أبوشامة إن الحل الوحيد لتخفيف العبء على الولاية نفسها يتمثل في وضع والي الولاية المكلف مشكلة المواصلات في قمة أولوياته لأنها أهم ما يحتاجه المواطن الآن.