سنار: علي الصادق البصير
ظلت ألسنة اللهب تتصاعد بدخانها الأسود لأكثر من (12) يوماً، بعد أن التهمت آليات ومعدات وورش تقدر بأكثر من (20) مليون دولار، وتسببت في خسائر فادحة بمشروع أبونعامة الزراعي بولاية سنار التابع لمجموعة (معاوية البرير).
سبقت هذا الحريق أحداث متتالية، فالبعض يرى أنها جريمة منظمة تم الترتيب لها بدقة لتعزف على أوتار الحرية والسلام والعدالة، فيما رأى آخرون أنها ردة فعل عنيفة من تجاهل حكومة الولاية لشكوى مواطني القرى المجاورة للمشروع واعتقادهم بأن زراعة القطن المحور جلبت لهم الأمراض وأهلكت النسل والحرث والحيوان، وآخرون يقولون إن هناك من أحرق المشروع وحرّض على ذلك، فهذا حسد من عند أنفسهم ..
(الصيحة)، كانت ضمن وفد إعلامي رفيع وقف على الأوضاع ميدانياً من ولاية سنار، فمعاً نتابع الحصيلة.
*بداية الشرارة
يقع مشروع أبونعامة بولاية سنار بمساحة تبلغ 35 ألف فدان يزرع بالمشروع القطن والحبوب الزيتية والأعلاف بنظام ري انسيابي، وبه محطة ري على النيل الأزرق، يستخدم المشروع آليات حديثة ساهمت في عمل الكثيرين من سكان القرى المجاورة ما لا يقل عن ألف شاب، وأكثر من (100) شاب من قرية قنوفة أقرب القرى للمشروع.
بدأت في الأثناء حملات مضادة من المواطنين خاصة قرية قنوفة، وذلك بعد تعبئة قادتها مجموعة تتبع لتجمع المهنيين المهندسين الزراعيين بالولاية، والذين تحدثوا عن خطورة القطن المحور وراثياً ونقلوا عبر إذاعة الولاية مخاطر دفعت بالمواطنين إلى مرحلة الاحتقان ثم أقاموا ندوة جماهيرية سارت في ذات الاتجاه، هذا الحراك قاد البعض منهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام حكومة الولاية للنظر في هذه الإشكالية.
* إجراءات رسمية:
استمعت حكومة ولاية سنار لمطالب المواطنين وأمرت بتوقف المشروع، وشكلت لجنة رفيعة للنظر في هذا الأمر، وجاء تشكيل اللجنة برئاسة الفاضل محمد عبد الرحيم ممثل وزارة الزراعة بالولاية، وعضوية المستشار القانوني محمد حسن شدو، وممثلين لكل من إدارة المستشفيات بوزارة الصحة، المواصفات والمقاييس، وزارة الزراعة، إدارة الاستثمار، إدارة الأوبئة بالثروة الحيوانية، إدارة القطاع المطري، وممثل قرية قنوفة، حيث بدأت اللجنة أعمالها الفنية فوراً، وأخذت عينات معملية من الإنسان والحيوان والتربة وحولتها للمعامل المختصة بالعاصمة في كل من المعامل الجنائية باعتبارها متخصصة، ومعمل إستاك ومعامل جامعة الخرطوم، وبعد ظهور النتائج اجتمعت اللجنة ورفعت تقريرها النهائي إلى لجنة الأمن بالولاية.
*ترتيبات وإجراءات
اجتمعت لجنة أمن الولاية برئاسة اللواء ركن محمد عثمان محمد في وقت متأخر من الليل، واستعرضت نتائج ومقررات اللجنة الفنية، وقال الوالي لدى تنويره الوفد الإعلامي إنهم استلموا النتائج مغلقة، وقال إنها تأخرت زمناً للتأكد والحرص على سلامتها، مستعرضاً رأي اللجنة والتي أوضحت أنه تم أخذ عدد (16) من عينات دم، و(13) عينة بول من مواطني قرية قنوفة الغرض منها فحص السموم وأثرها على صحة الإنسان والنتيجة: لم يتبين احتواء أي نوع من عينات الفحص البول والدم على أي نوع من أنواع السموم الذي تم تحليله بالمختبرات الجنائية بتاريخ 19/9/2019م بالرقم 3860/2019، وبهذه النتيجة يتضح لنا أنه لا يوجد ضرر صحي على الإنسان.
*صحة الحيوان: تم أخذ (9)عينات من دم من الضأن و(3) عينات من الأبقار بغرض فحص السموم وأثرها على صحة الحيوان، النتيجة: تم البحث على السموم العضوية الشائعة بعد إجراء الفحص المعملي ولم يتبين احتواء العينات أعلاه على أي نوع من السموم المذكورة في المعمل الفني، وبناء على ذلك لا يوجد ضرر على صحة الحيوان، تم فحصه بواسطة الأدلة الجنائية بتاريخ 22/9/2019م، تم أخذ عينات براز من الحيوان، تم أخذ 3 عينات عشوائية من الأبقار بغرض فحصها من السموم بواسطة معمل هيئة البحوث للثروة الحيوانية بولاية سنار.
النتيجة: يوجد طفيليات وديدان داخلية لا علاقة لها بالسموم وبناء على ذلك لا توجد سموم.
*المياه والتربة:
تم أخذ عينتين من المياه من موقعين مختلفين المجاري الداخلية والترعة 3 وتم فحصها في مختبر الأدلة الجنائية بغرض فحص السموم، النتيجة تبين احتواء أحد العينات المأخوذة من الترعة 3 على مادة الميترو ليق وهو مركب عضوي يستخدم كمبيد للأعشاب مما يؤكد أن المبيد استخدم قبل الإنبات ولا يستخدم في مياه الترعة، ووجوده في الترعة يعتبر مخالفة واضحة.
*عينات تربة ومياه
تم أخذ العينات بواسطة مركز الأبحاث والمياه بود مدني بمواقع مختلفة من المصرف الرئيسي (الميعة)، 3 عينات و3 عينات بالقرب من مخازن الشركة المرتبطة بالمبيدات والغرض منها فحص السموم وتم استلام النتيجة يوم 29/10
النتيجة: ليس هناك أثر على أراضي المشروع من الناحية التفاعلية على التربة الصودية والملحية، والمياه تم أخذ 3 عينات، وجد أنه لا توجد دلالات على التلوث.
وهذا هو تحليل مركز الأبحاث والتي أثبتت عدم وجود أي أثر للمبيد في جميع مواقع أخذ العينات باستثناء موقع المصرف الرئيسي “الميعة”، حيث يوجد أثر قليل، وبناء على هذه النتيجة وجود أثر للمبيد المبين بالتقرير لا ينفي أن هناك ضرراً حاضرًا أو عاجلاً على الإنسان والحيوان، لأن المصرف يشكل مصباً رئيسياً للمجاري الفرعية من مخازن المبيدات، عليه هناك أثر بسيط بالمصرف الرئيسي، وسيكون أثره بالتراكم الزمني هناك عدم اهتمام من الشركة في استخدام المبيد والتخلص من الفارغ منه.
السموم الموجودة في الترعة 3 تستخدم في مكافحة الحشائش قبل الإنبات ولا تستخدم في الترعة، وهذا يدل على مخالفة واضحة.
توصيات اللجنة:
إلزام الشركة بتهيئة المخازن بالطريقة العلمية والصحيحة وتقليل المجاري التي تؤدي للترعة الرئيسية، إلزام الشركة بعمل سياج حول المصرف الرئيسي “الميعة” لمنع وصول الحيوان والإنسان، إلزام الشركة باستخدام المبيدات وفقاً للمعايير العالمية والعلمية المتعارف عليها، إلزام الشركة بجمع وحفظ فوارغ المبيدات في موقع آمن تحت إشراف إدارة وقاية النباتات، إلزام الشركة بوضع ضوابط صارمة في كيفية تخزين المبيدات والأسمدة وفق المعايير والمواصفات العالمية، إلغاء المجاري الداخلية للمصارف وإعادة تأهيل المخازن وفق الأسس والمواصفات العلمية، اتباع إجراءات السلامة في التخلص من فارغ عبوات المبيدات، تفعيل دور المجلس الولائي للأدوية والسموم داخل الولاية، توصي اللجنة بتنفيذ قرارات مجلس السلامة الإحيائية القومي ذلك لاختصاصه في هذا الأمر.
صدور قرار من مجلس السلامة الإحيائية رقم (4) لسنة 2019 بتاريخ 1 /8 والخاص بالإبادة الفورية للقطن المحور وراثياً (R.R) وصدور قرار آخر من مجلس السلامة الإحيائية بتاريخ 10/10/2019م القاضي بتجميد الفقرة (1)/ب من قرار مجلس السلامة رقم (4) لسنة 2019 بعدم إزالة القطن المحور (تجميد القرار) وتوصي اللجنة بتنفيذ القرار الأخير (عدم الإزالة).
*قرارات لجنة الأمن
يقول والي سنار إنه بناء على ذلك توصيات اللجنة الفنية، اجتمعت لجنة أمن الولاية مساء وناقشت التوصيات ورأي اللجنة في ذات اليوم أصدرنا القرار الآتي:
عملاً بإحكام الطوارئ والسلامة العامة وتوصيات اللجنة المكلفة بالنظر نصدر القرار التالي: إجازة توصيات اللجنة المكلفة بالنظر في هذا الموضوع.
يتبع