حديث البرهان (3)
ـ عندما سأل الصحافي اللبناني فؤاد مطر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن أسباب معارضته لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل واليمن بعيدة عن الصراع ولا تنتمي لدول الطوق.. قال علي عبد الله صالح نعارضها حتى لا نفقد مصر وتحل بنا الهزيمة من سيناء حتى صنعاء.. والرئيس البرهان عندما سأله مذيع قناة الجزيرة القطرية عن أسباب رفضه تسليم البشير للمحكمة الجنائية أجاب قائلاً لدينا قضاء عادل ومستقل وقادر على محاكمته داخلياً!! عبارة البرهان كشفت عن ذكاء الرجل وإلمامه بالقانون أكثر من وزير عدله الذي لم يعمل يوماً مستشاراً بوزارة العدل ولا قاضياً في المحاكم جالساً أو واقفاً.. والقضاء الدولي لا ينظر في قضية إلا إذا كان القضاء الوطني في البلد المعين عاجزاً عن القيام بمهمته أو غير راغب في ذلك.. والبرهان يدرك قبل كل ناشطي (قحت) أن الإقرار بعجز النظام القضائي عن محاكمة متهم أو عدم رغبته خوفاً أو طمعاً يلقى بالقضاء السوداني في جب عميق وهاوية سحيقة ويهيل عليه التراب..!
ـ ومحاكمة البشير داخلياً توفر لقوى الحرية والتغيير ملهاة سياسية تصرف ولو مؤقتاً نظر الناس عن الإخفاقات الصغيرة والكبيرة وذهاب البشير إلى لاهاي لن يمشي إلى هناك وحده سيتبعه آخرون من حكومته ومن حكومة (قحت) نفسها.. ولا يضمن (البرهان) أو غيره الحكم الذي سيصدر بحق البشير في القضايا التي تنتظرها المحكمة الجنائية.. وقد يصدر حكماً بتبرئته من الجرائم الواردة في مذكرة التوقيف، وسبق أن مثل بحر إدريس أبوقرة أمام المحققين في لاهاي وتم إخلاء سبيله وعاد ليعين وزيراً للصحة!! لكن البرهان بذكائه وفطنته أدرك أن المقصود بالمحكمة ليس البشير الذي انتهى حكمه وغربت شمسه وأضحى من الماضي والماضي لا يعود كما يقول إحسان عبدالقدوس..!
ـ بعد خروج البرهان من حالة الصمت التي عاشها الشهور الماضية وتواريه عن الأنظار بقصد.. شنت قوى الحرية والتغيير هجوماً عنيفاً على البرهان بإطلاق تصريحات مباشرة من بعض المتحدثين باسمها تعقيباً على حديث البرهان وتسفيهاً له.. ومحاولة (جره) لمعركة انصرافية.. على غرار المعركة التي خاضتها قوى الحرية والتغيير مع نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو.. مما أرغمه على إيقاف الخدمات التي بدأت تقدمها قوات الدعم السريع للمواطنين كمشروع دعم الخدمات الصحية بالولايات ومشروع فك الاختناق المروري وتوفير وسائل نقل مجانية للمواطنين وقوى الحرية والتغيير بطبيعتها النفسية الشرهة للمعارك إذا لم تجد من تخوض معه سجالاً تقاتل نفسها وشريكها..!
ـ والفريق البرهان تحدث بما يرضي ضميره وفضح أكاذيب بعض المسؤولين غير (المسؤولين) بالحديث عن أموال تم العثور عليها مخبأة في منازل قادة النظام السابق وحسابات في ماليزيا تفيض بالعملات الصعبة، وقد تجرأ محمد عصمت الموظف ببنك السودان على البرهان في صحف أمس الأول واعتبر تصريحاته تأثيراً على العدالة في بلد يمتحن الآن ضمير كتابها وصحافييها وهم يطالبون بوضع فلان في السجن.. وقد كتب أحدهم (علي الحاج مكانه السجن)..! والفريق البرهان يتأمل من مكتبه بالقصر الجمهوري في أمواج النيل.. وشارع الجامعة.. والاقتصاد حاله يغني عن السؤال.. ولا تكف الصحافة في الخرطوم عن الحديث جهراً عن كل شيء بما في ذلك (الانقلابات) التي يخطط لها المدنيون وينفذها العسكريون..!