لا يُمكن تصوّر خطوة تاج السر الحبر باعتقال علي الحاج بأنها تحت الخيار القانوني المحض.. وأن مسار الدعوى الجنائية المفتوحة ضد مدبري انقلاب يونيو اقتضى ذلك.. ثمة سيناريوهات أخرى وطبخة ما يمضي إعدادها ومسارات جديدة للعملية السياسية يجري فتحها!!
منذ ساعة الاعتقال انفتح خيال الناس على مشاهد جديدة وبدا جلياً أن (وش البامية ما ياهو)..
أفحكم الفوضى يبغون…
الاختيار ليس خبط عشواء بل الانتقائية حاضرة بعناية المخطط الخيالي…
نعم المخطط خيالي ومليان ثقوب…
الثقب الأول من جهة أن علي الحاج ذاق من الإنقاذ (ما ضاق)…ولذا جاءت كلماته التي هجا فيها تعسف وظلم المؤتمر الوطني الواقع على حزب المؤتمر الشعبي صادقة ومعبرة تماماً عما كان يعتمل في صدره من ضيق كالعلقم وغبينة لم تمت:
(لم يفعل العلمانيون شيئًا لناً، الوطني هو من قتلنا وعذّبنا وشرّدنا).
ولو رتبنا صفاً من المطلوب (خمشهم) ومحاسبتهم و(تفّهم) فلن يكون علي الحاج على أول القائمة أبداً.. (دورو لسع) في قائمة طويلة تغطي عين الغبينة.. (تكفي وتفضل).
منذ (عطر منشم المفاصلة) انكسر ما بينه والإنقاذ وانسكب اللبن فصارا على طرفي نقيض، وأصبح طريدها الرئيس كما أوقف جراب مكائده عليها وبلغ في ذلك شأواً بعيدًا..
ويا ما في الجراب يا حاوي.
فعل بالإنقاذ ما لم يفعله (النجار في الخشب) حتى إنهم طلبوا رأسه وبحثوا عنه بواسطة (الانتربول).. قرابة العشرين عاماً كان في معارضة شرسة للنظام السابق، بل وأدعوا أن علي الحاج هو المهندس المصمم والمنفذ لقضية المحكمة الجنائية الدولية.. من زنق البشير والنظام في لاهاي هو هذا العلي الحاج!!..
حينما كان د. علي الحاج طريد المنافي والمطارات يكاد تتخطفه أيدي أحهزة الأمن والانتربول، كان د. تاج السر الحبر مستشارًا قانونيًا لشركات النظام!!
التغيير الذي حصل في السودان مدين لعلي الحاج بالكثير، شاء (القحاتة) و(مو) أم أبو..
الخرم التاني.. ليس من المقبول أن نرى (الفيلة) مطلقي السراح ويطعن الحبر في ظلالهم، إلا إن كان المقصود فعلا (الضل) الناعم الذي أرهقهم بطول النفس، والصبر .. لتجهز الإجراءات علي مناطق التفكير الإيجابية عندهم وتشل أي نوايا للشراكة في صنع التغيير وستقطع خطوات السنوسي إلى كوبر الطريق البديل والذي بدت ملامحه في تصريحات ياسر عرمان والشفيع خضر!!
قال ياسر(نحن نفرق بين دولة التمكين؛ والتيار الإسلامي.. ونحن على استعداد أن نمد أيدينا بيضاء الإسلاميين الراغبين في إقامة نظام جديد).
( إننا نتحاور مع من يفكر من الإسلاميين بعقله).
(يجب ضم الإسلاميين المساندين للثورة وإلحاقهم بإعلان الحرية والتغيير).
ثم قال الشفيع: (ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﻣﺴﺎﻭﻣﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺒﻲ ﺃﺷﻮﺍﻕ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍلإﺳﻼﻣﻲ ﻭﻁﻤﻮﺣﺎﺕ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻦ ﻧﻌﺒﺮ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﻼﻡ).
هنا ستتوقف كل تلك المساعي ليتغير المسرح والديكور بحثاً عن (الخلوص) وتخلصاً من زنانة التيار الإسلامي حمائمه والصقور…
يجري بهذا (التنشين خارج التختة) التفريط في آخر فرص إنجاز حلول سياسية للأزمة السودانية.. في محاولة لتدعيش التيار الإسلامي في السودان واستنبات أسوأ ما فيهم على طريقة (المديدة الحارة)..
ثم إن الإجراءات التعسفية جرت في مواجهة من رضي بل وصانع وتماهى مع التغيير، الأمر الذي أضعف حجتهم وفتح الأبواب والنوافذ للصقور التي ترى في موقف علي الحاج ضعفاً بائناً وخوراً لا مبرر له فتطاول حجتهم:
(نحن زمان شن قلنا؟!).
العملية نفسها قفز مجنون على المراحل… أو ما كان الأجدى الفراغ أولاً من التهام الثور الأبيض أولاً قبل محاولة الثور الحليف؟!
يتيح معتقل كوبر الفرصة لنجاة الثورين معاً.. وعلى الحبر السلام..