* خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم, ثم أنّ ثيابه وزينته تبرز وتحكي عن ذلك الجمال في أبهى صورة.
* ولعلّ الشعراء الذين شغفوا بذلك الجمال لم ينسوا الزينة في أشعارهم, فالشاعر يقول:
تعلق قلبي طفلة عربية
تنعم بالديباج والحلى والحلل
* وليس الأمر مُقتصراً على البشر وحدهم, فلقد عمد الإنسان على زينة الحيوان أيضاً كالخيول والحمير والجِمَال وغيرها.. الشاعر أحمد ود سعد يقول في مواصفات الجمل الذي يحلم به للسفر إلى لأراضي المقدسة:
الخِناق في جيدو كالشولق في البنات
زمامو الفضة فيه سبع رشمات
* فهو هنا يُشبِّه الخناق وهو الحبل المربوط على رقبة الجمل, كمثل العقد الذي تلبسه الحسان حول جِيدها وكذلك الزمام الفضي الذي هو على أنف البعير.
* وكما للبشر والحيوانات أزياء وحلى لإظهار حُسنها وجمالها, كذلك لنباتات الزينة والزهور والتي اتّسع مجالها وتطوّر حتى أصبحت لها مصانع وشركات ومُؤسّسات تُعنى بتوفير ما يتناسب مع كُلِّ نبات وأزهار حجماً ونوعاً وروعةً.
فتجد مثلاً مصانع الفخار والخزف، وله في السودان كما في الدول العربية ماضٍ عريض وتراث مجيد.. بل أنه تطوّر بفعل الفنانين فأضفوا عليه أبعاداً فنيةً ومن خلاله حكوا ما تيسّر لهم من الوجد والحنين والحب والأنين.
ودخل البلاستيك عالم الزهور فصنعت بعض الشركات، كأسات وفاظات خاصة, غير أنّ الإنسان وجد في الجرادل والأواني المنزلية سعة لتغيير الغرض فأفرحوها بالزهور بدلاً من أن تكون فقط لأغراض المطابخ.
وحتى لساتك العربات القديمة التي نزلت المعاش أو أُحيلت للتقاعد.. استوعبتها أيادٍ سودانية بارعة في مهنة أفضل من سابقتها, فبعد أن أرهقها وعورة الطرقات وعانت كثيراً من حُفر الطريق المُسفلت ودقداق الشوارع الترابية، أراد لها أن تكون باقي عُمرها وسط الزهور مُتصوِّر وجهو الصبح مُنوِّر.
* وتقتحم الأعمال الخشبية مجالاً آخر عشان خاطر عُيُون الزهور والورد فهي الأقرب من النباتات, لأنها منها وإليها وبها تصبح أكثر نضارةً وزهواً وألقاً, فالفأس اللئيمة التي جارت في يومٍ من الأيام على شجرةٍ فمزّقتها شر مُمزّق ربما من أجل الحريق.. أرادت لها يد فنان أن تواسيها وتعيد ألقها لتحكي للإنسان كيف يكون ظالماً أحياناً ومنهم من يكون حانياً.
* قالت الشجرة للفأس الذي حطّم ساقها وشرّد أفرعها: لِمَ تفعل بي هذا الفعل القاسي الشنيع؟ فردّ عليها الفأس: إنّ الفعل هو أساساً من العود الذي سبق أن قطعوه من أحد أفرعك!!
* يقول الشاعر ابن المُعتز مُتخيِّلاً الورد كالمحبوب يقدم نحوك مُتزيِّناً:
أتاك الورد محبوباً مصوناً
كمعشوق تكتنفه الصدود
كان بوجهه لما توافت
نجوم في مطالعها سهود
بياض في جوانبه إحمرار
كما أحمرّت من الخجل الخدود