جولة في معرض الزهور
في المعرض.. (دمعة الطفل) و(خاتم سليمان) والأناناس..
(البنطلون) كاد أن يكون زيّاً نسائياً طاغياً بالمعرض!!
* استوقفني في معرض زهور الخريف المقام هذا العام بالحديقة النباتية، شتول للأناناس جاءت بها شركة “أورقنك للخدمات الزراعية المُتقدِّمة” في جناحها الخاص, وعرفت من الشاب عبد القادر محمود بأنّ الشتول من إنتاج مشروع الراجحي بالشمالية أحضرتها “أورقنك” من الدامر للمعرض.
* وتذكّرت فاكهة الأناناس اللذيذة والتي كانت تأتي مُعلبةً للسودان وتمتلئ بها ثلاجات البقالات والدكاكين، فكان في مقدور الكثير من الأُسر السودانية تناولها كـ”تحلية” بعد الوجبات في ذلك الزمن الجميل.
* واليوم الأناناس يأتينا من الدامر وليس من خارج السودان ولكن في شتول تنتج أناناساً طازجاً, إذا زرعناها ورعيناها حتى في تربة ومناخ وجو الخرطوم.
* يقول الشاب عبد القادر محمود ونحن نَتَحدّث إليه بين شُتُول الأناناس بمُعرضه في الحديقة النباتية: إنّ هذه الشتول تم إنتاجها بنجاحٍ في الشمالية.. والإنتاج تم بالأنسجة وهي طريقة ناجحة 100% في إنتاج الكثير من الفواكه والخضروات ومنها الأناناس.. فقط يحتاج الأناناس في بداية نموه لـ “5 – 6” أشهر بعيداً عن الشمس ريثما يقوى عوده ثم يتدرّج بعد ذلك ليزرع مُباشرةً ويتأقلم على شمس السودان وجوه ومناخه.
* مرحباً بالأناناس في بلد القريب فروت والبرتقال والموز والقشطة والتوت والتين.. فهل يا ترى يجد أناناس الشمالية طريقه لثلاجاتنا الفقيرة عما قريب ويجد طريقه لأسناننا التي أعياها “كَدّ الدوم”؟!
* ونطوف المعرض
وقبل أن نتوقّف بجناح إحدى السيدات العارضات لنباتات، ما كنا نتخيل أن نعرف شيئاً عن “دمعة الطفل” حتى وجدناها “شتلة”!! ومعروف عن دموع الطفل أنها قريبة جداً كدموع السيدات مع الفرق بأنّ دموع الطفل فيها المصداقية والبراءة, وقد تعقبها بعد ذلك ضحكة الرضاء إذا استجبت لرغبات الطفل فيما أبكاه.. وحينما سألنا الشّابّة التي تعرض الشتلة عن أسباب التسمية قالت إنّها لا تدري, ولكن قد تعارف البعض أن هذا النبات يُعرف بـ”دمعة الطفل” وكما يبدو بالصورة، فإنّ هذا النبات المتهدل له أوراق صغيرة كل ورقة تشبه “الدمعة” ويبدو أنها لصغر حجمها أطلقوا عليها “دمعة الطفل”!!
* إن دمعة الطفل حلاوته تكمن حينما تعانقها ابتسامة الرضاء، ولكن معرض الزهور أراد لها أن تتشكل في صورة هذه الشتلة الأنيقة.
* ونطوف بالمعرض
* ويقولون في جناح للصباريات إنّ “خاتم سليمان” وهو نوعٌ من الصبار الرائع قد نفد منذ الأيام الأولى للمعرض و”رجل الثلج” كذلك، وتوقّفنا بمشتل “البحيرة” وتعرّفنا من الشاب “الصادق” بأن الصباريات هذا العام قد وجدت إقبالاً كبيراً ويُعرض بالمشتل صبار جديد اسمه “باش يوديوم” به أوراق متدلية زاهية قريب الشبه بالنخيليات, طبعاً هذا النبات قد يجد اسماً سودانياً يشبهه إذا وجد نجاحاً في التداول.. وهو في موريشيص يُسمى “نخيل الصبار”.
* إن الطواف بمعرض الزهور قد يفتح لك شجون حكايات قديمة وجديدة, فالنبات الصامت حديثه أبلغ, فإن في الصمت كلاماً.. أليس هو بملهم الشعراء والأدباء والفقهاء والفنانين؟
* ونطوف بالمعرض
* ويبدو واضحاً أن “تراب البحر” و”الأحجار البيضاء” للزينة قد وجدت طريقها بوفرة في المعرض, كما أن تشكيل الفاظات المختلفة حتى الخزف والبلاستيك وحتى لساتك العربات القديمة جذبتها الزهور ومثلها القُلل للماء البارد, كلها تحكي أن الجمال يكمن أيضاً خلف أنامل الإنسان المبدع وللألوان في حضرة المعرض معانٍ وحكايات طويلة.
* غير أنّ الأسعار التي فاقت بكثير أسعار البصل والعسل, لها مُؤشِّر أيضاً بأن إقبال الناس يعني حقاً أنه ليس بالخُبز وحده يحيا الإنسان.
* ونحن نُغادر المعرض نسمع “نقرشة” لأوركسترا الحفل المُصاحب بالمعرض الذي جذب أعداداً مهولة من الشباب والشابات واللائي تبدو عليهن ظاهرة “تعلقهن” كثيراً بلبس البناطلين.. نقرشة لبداية حفل بأغنية “وداعاً روضتي الغنّاء”.. وبها نُودِّع معرض الزهور هذا العام.