ارتفاع عدد القتلى والمُصابين في بورتسودان
انتشار أمني كثيف.. وهُدُوء وحذر في المدينة
بورتسودان: إيهاب محمد نصر
ارتفع عدد القتلى والمُصابين في الصراع القبلي الذي نَشَبَ بمدينة بورتسودان عقب انتهاء اللقاء الجماهيري لرئيس الجبهة الشعبية المتحدة ونائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داؤود.
وأعلنت مديرة قطاع الصحة بالولاية د. زعفران الزاكي لـ(الصيحة)، أنّ عدد القتلى ارتفع لـ(5) وفيات، (3) في اليوم الأول و(2) في اليوم الثاني، كما وصل عدد المُصابين إلى (38) مُصاباً، بينها عدد من الحالات الخطرة، وقامت أعدادٌ كبيرةٌ من شباب أحد المُكوِّنين المُتصارعين بحصب عددٍ من المحلات التجارية بالحجارة مِمّا أحدث خسائر كبيرة في المُمتلكات وحرق عددٍ من العربات والحافلات، وقد نجحت قوات الجيش والشرطة والدعم السريع في تفريغ المتجمهرين واستخدمت الغاز المسيّل للدموع، الأمر الذي أحدث بعض الهدوء المشوب بحذرٍ وترقُّبٍ، لكن مدينة بورتسودان أصابها شبه شللٍ كاملٍ في الحركة التجارية نتيجةً لإغلاق المحلات التجارية وانعدام الخُبز لتوقُّف عددٍ كبيرٍ من المخابز.
وبعودة للأحداث، فإن رئيس الجبهة الشعبية المتحدة ونائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داؤود، تحدى سلطات البحر الأحمر التي طلبت منه تأجيل اللقاء الجماهيري إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية، كَمَا أفاد بذلك والي البحر الأحمر اللواء حافظ التاج المكى لـ(الصيحة) في اتصالٍ هاتفي معه، حيث أكّد الوالي أنّهم جلسوا مع الأمين داؤود والتوم هجو، وأنّهم قد تفهّما الأمر وقبلا بالتّأجيل ولم يرفضا قيام اللقاء كَمَا راج ذلك، وكَانت اللجنة المُنظّمة قد أعلنت عن قيام اللقاء في موعده…
وحيال تضارُب الأنباء، قامت (الصيحة) بالاتصال بالأمين داؤود، حيث أكد أن اللقاء قائم في موعده، وأنهم سوف يخاطبون أهلهم في بورتسودان، ولن تستطيع أية جهة منعهم وقد كان ما أراد نائب رئيس الجبهة الثورية وأُقيم اللقاء الجماهيري في زمانه ومكانه المُحدّدين، وكانت مدينة بورتسودان منذ صباح الاثنين قد شهدت انتشاراً امنياً كثيفاً لمُحاولة منع قيام هذا اللقاء، إلا أن الحشود الجماهيرية الكبيرة استطاعت أن تصل إلى مكان اللقاء دون أن تتعرّض لها القوات الأمنية المُنتشرة في الطُرقات، وبالرغم من أنّ كلمة نائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داؤود جاءت مُتّزنة حسب كثيرين استطلعتهم (الصيحة)، حيث أكد في كلمته رفضهم لأي دعاوى لانفصال شرق السودان، ومنبرهم يمثل كل أبناء الشرق، وأنهم يحترمون كل كيانات البجا وقاطني الشرق، إلا أن التداعيات تسارعت فور انتهاء اللقاء وتفرّق المُحتشدون وذلك بتحرك مجموعات من بعض مُكوِّنات الشرق، الذين كانوا قد أعلنوا رفضهم التام لقيام هذا اللقاء، وان الجبهة الشعبية المتحدة التي يرأسها الأمين داؤود لا تمثل الشرق، حيث اعتبروا قيام هذا اللقاء تحدياً واضحاً لهم، وقال إنهم السُّكّان الأصليون لشرق السودان.. حاولوا في بادئ الأمر منع اللقاء واقتحامه بالقوة، إلا أن السلطات الأمنية تصدّت لهم ولكن سرعان ما انتشروا وأغلقوا بعض الطرقات وحدثت بعض المُواجهات.
وفور تسارُع الأحداث، أعلنت حكومة الولاية فرض حظر التجوال في بورتسودان من الساعة الخامسة مساءً وحتى الساعة الخامسة صباحاً مع انتشارٍ كثيفٍ للجيش والشرطة وقوات الدعم السريع.
وقد استطلعت (الصيحة)، عدداً من قيادات القوى السياسية في البحر الأحمر، حيث قال د. مختار حمزة الأمين الأول لحزب المؤتمر الشعبي، إنّ هذا الصراع الذي يَحدث الآن في الولاية هو بين مُكوِّنات قبلية بلافتةٍ سياسيّةٍ، ويرى مختار أنّ هذا من أخطر أنواع الصراعات لأنّها تضرب النسيج الاجتماعي الذي إذا أصابَهُ شئٌ يحتاج إلى سنواتٍ طويلة لإصلاحه، ونحن في الشعبي ننظر لحل القضايا والصراعات بالحوار بعيداً عن العنف، لذا من المُفترض على مُكوِّنات البحر الأحمر المختلفة التّسارُع لحل هذا الإشكال، وينبغي أن تظل العلاقة بين القبائل مَصُونَة من الصِّراعات السِّياسيَّة.
أما رئيس حزب التواصل القومي حامد محمد علي، أبدى أسف حزبه على هذه الأحداث، وقال إنّ هذا الصراع هو تَراكُمٌ لاحتقاناتٍ سابقةٍ، واتّهم الجانب الحكومي بالمشاركة فيها، ويرى حامد أن الحل يتمثل في عقد اجتماع للعقلاء وليس غيرهم.
مالك عمر السويفي القيادي بقِوى الحُرية والتّغيير، أشار إلى أن هذه الأحداث مُؤسفة وغير مُبرّرة، خَاصّةً أنّ الدولة مُقبلة على التغيير، وهناك تحديات كبيرة من بينها معاش الناس واستقرار الأوضاع في الولاية، وأرجع السويفي الخلل في أحداث بورتسودان إلى تأخير تعيين ولاة مدنيين، وقال إن هناك عدم تنسيق بين سلطات الولايات ومجلس الوزراء، وأشار السويفي إلى أنّ هذه الأحداث وما سبقتها يثبت ضرورة الإسراع في تعيين حكام الولايات المدنيين مع كامل التقديرات لمجهودات الوالي الحالي، ويرى مالك أن الحل يكمن في ضرورة التعايش السلمي بين مُكوِّنات الولاية الاجتماعية.
أما الناشط السياسي والقيادي بالحرية والتغيير فقيري عبد الله فقيري قال لـ(الصيحة)، إنّ ما حدث أمس الأول أمرٌ يُؤسف له ولا مبرّر له ولا دوافع سوى الفتنة التي يعمل على تأجيجها الدعاة المارقون عن إجماع أهل البحر الأحمر، فأهل البحر الأحمر بكل ألوانهم وسحناتهم وإثنياتهم ظلوا وسيظلون مُتسامحين.. يتظللون تحت سقف وحدة النسيج الاجتماعي، ويعملون من أجل البناء والإعمار لا التخريب والدمار، وإن حادث أمس الأول المأساوي يضع كل قوِى الثورة (قحت) أمام موقف تاريخي، ولا بُدّ من اتّخاذ موقفٍ واضحٍ عبر إجراء تحقيق قانوني كاملٍ وشفّافٍ لمُحاسبة المُتورِّطين ودعاة الفتنة وإيقاف مايجري، فدماء أهلنا في الشرق ليست رخيصة، ومنطقة البحر الأحمر ليست الأرض التي يُمكن أن يتّخذها أعداء الوطن والثورة أرضاً لصراع الوكالات والمُخابرات والتجسُّس، ودعا فقيري إلى الإسراع في تعيين (والٍ مدني) وعمل مسار خاص للتفاوُض لكلِّ أهل الشرق خارج مسار الجبهة الثورية ومسار الكتلة التاريخية، فقضية الشرق لها خصوصيتها.
وقال القيادي في مؤتمر البجا (كيان الحرية والتغيير) عبد الله موسى لـ(الصيحة)، إنّ التصريحات التي أطلقها الأمين داؤود أزعجت مُكوِّنات البجا، وعليه طلبت منه حكومة الولاية تأجيل اللقاء ولكنه تحدّى الحكومة ونظّم اللقاء، وانتقد موسى، إثارة جهات (لم يُسمِّها)، الفتنة بين مُكوِّنات شرق السودان، مُحذِّراً من أنّ الأمر يحتاج للتدخُّل واحتواء أيِّ تفلت يُمكن أن يضرب النسيج الاجتماعي للإقليم، ودعا موسى إلى عدم إقحام أسماء القبائل والمُكوِّنات الاجتماعية في الصراعات السياسية!!
وفي ذات السياق، أصدر مؤتمر البجا المكتب القيادي، بياناً طالبت فيه بتشكيل لجنة مُحاسبة في تلك الأحداث المُؤسفة، ومُحاسبة كل من يثبت ضلوعه في الأحداث.. كما حمّل البيان اللجنة الأمنية بالولاية وقادة الجبهة الثورية، مسؤولية الأحداث .