سرطان الخلايا الانتقالية (2-2 )

ثمة كسل تفرزه الأجواء الانتقالية.. المهلة الطويلة التي منحناها للفترة الانتقالية جعل أمتنا على رصيف الانتظار (ممهولة)  على الآخر ولا (خسانا)، لنقوم كعادتنا السودانية القحة – بفتح القاف- وصمة الخشم في (المكابسة) وعلى (الحركرك) كالترزي يوم الوقفة والطالب أيام الامتحان.

لذا كان أهل الفيزياء يعرفون أن لا شئ اسمه الفراغ.. ومثلهم (العساكر) حين يثبتون في (تماماتهم) أن (النوم بجيب التفاكير).. والفاضي يهمز أمو.. والانتقالي بجيبها كبيرة.

ولا تستثني أي شريحة من مكوناتنا المأمولة المسعى من جارحة تمدد التراخي فيها والاستسهال للصعوبات الماثلة والمخاطر المُحدقة.. الآن كل مكوناتنا بذات الأحساس المنتظر.. بينما المسئولية في إحداث التغيير تقع على عاتق الجميع حتى غندور ومن هم في السجون.. فهم يحفظون:

فإذا فرغت فانصب..

ليس برهان وحميدتي وحمدوك فقط من يتحمل وزر السقوط (الجاري والجاي)..وأفضل ما فيهم أنهم غير (مصمتين) … أي رؤية جمعية كاربة ومضبوطة بتجيب آخرهم وبتوزنهم.. فالبراغماتية الواعية هي من تتحكم في خطواتهم… صحيح أن للضغوطات الخارجية سوقاً رائجة ببضاعة لا تستحق وبائع لا يستحي، ولكن دلت التجارب أن ليس أصعب من (نقة المرة) في البيت و(سيد بيت الإيجار)، وأن الآخرين مهما تواكدوا فإن كيدهم ضعيف وليس لهم على الحب الوطني سلطان.. ولنا في أسرار تداعي اجتماعنا ولمتنا التلقائية الحنينة متكئاً وترياقاً…

وصاحب الشوق القديم وإن تعزّى

مشوق حين يلقى العاشقينا

غريب السخرية من تلك الندوة البائسة للحزب الشيوعي السوداني والتي أسماها البعض (ندوة ذات الكراسي).. والصحيح أن ضعفها وهزال الحضور أمر ليس جيداً البتة… أي تراجع للأحزاب هو ناقوس خطر ومقياس رسم لما هو كامن في ضمير الغيب، ولابد أن يقض مضاجعنا لنهتم ونعتب..

للأحزاب دور لابد من أن يلتئم في مواجهة هذا الفراغ العريض.. أي لمة للتدارس والتدارك خير لنا مما يُحاك في الغرف حالكة الظلام أكثر من سواد قلوب ساكنيها والمرتادين. المرحلة الانتقالية أصلاً مشروع  مُخصص ومُصمم لتنظيم المجتمع وهيكلته ضمن مجموعات سياسية تمثيلية، لتتيح لكل فرد فرصة التعبير عن مواقفه وآرائه دون إقصاء جهوي أو فئوي، وهذا ما نفتقده اليوم، في ظل نشوء طبقات سياسية متهالكة وفاقدة للمصداقية الشعبية أو مستنفذة لما قد توفر لها من مصداقية على أفضل تقدير.

تقديرنا -القابل للرد- أن المرحلة الانتقالية (طويلة وعويرة)… وسنقضيها مراوحة ما بين خطابات وزير البنية (التحتية) وقمصان حمدوك (البرانية) وعبد الحي و(الدواعش) والحبر و(الدراويش) لنفتقد (السند) ونفقد العباد والبلد.

 نحتاج اليوم لعقليات سياسية مرنة

لا تعبد فكرة الثلاث سنوات المملة والمفخخة، عقليات مبدعة مثل الشفيع خضر تنظر في المربعات الفارغة

حينما تعطي وقتاً أطول لمن لا يستطيع ولا يعرف فإنك تجرم في حقه وحق الزمن المهدر.. اعطه زمنه القصير المستحق والذي تتطلبه الانتقالية ثم حفّز الجميع على المشاركة الإيجابية وستلاحظون الفرق!!.

الآن ليس مطلوباً من (الانتقالية) أن تقلب البحر طحيناً.. مهامها المحددة لا تتطلب كل ذلك الوقت وكل تلك السقوف عالية التوقعات، إلا إن كان في نية أحدهم (البقاء المستحيل) زمناً آخر إلى ما بعد سنوات الانتقال.. وتلك مصيبة لا حل معها إلا الدواس!!

وتساقط الطغيان مرهون بتحرير القلوب.