منذ بدايات كتابتي الراتبة لعمود صحفي يومي، ظللتُ في حرصٍ كبيرٍ على تلمس واستصحاب ونشر نبض القراء الذي يصلني عبر رسائلهم ومختلف وسائل التعبير المتاحة، وهي بصراحة مسألة مُرهقة جداً لكنها أيضاً مُمتعة جداً لأنّك تُتيح لك التعرف على اتّجاهات الرأي والاهتمام عند شريحة من الناس لا يجمعهم إلا الوطن، فيهم الكبير والصغير، الرجل والمرأة، المُتعلِّم ونقيضه، الناشط سياسياً وذاك الذي لا يفهم في السياسة، يُعبرون عن رأيهم وقناعاتهم ومواقفهم .
عندما كنتُ أكتب بصحيفة “الوطن” في حياة أستاذي وأستاذ الأجيال سيد أحمد محمد الخليفة عليه رحمة الله ورضوانه وغفرانه، كانت الرسائل ورقيةً، كل يومين أو ثلاث أحضر لمقر الصحيفة لاستلام مجموعة من الرسائل حيث أقوم بالاطلاع عليها وجمعها واختصارها وتصحيحها وأحياناً إعادة تحريرها بمعنى إعادة صياغتها بما لا يخل بمضمونها، حيث أنّ بعض القراء استشعرُ قصدهم وأنه فقط خانهم وأعجزهم التعبير، وكل ذلك يحتاج وقتاً وجهداً و”طولة بال” .
من خلال تَجربتي الحالية بصحيفتي “الصيحة” و”الدار” “عسل مختوم” و”عسل أزرق” رأيتُ تخصيص رقم موبايل لاستقبال رسائل القراء والتعامُل معها بذات المنهج أعلاه، وقد تمّ ذلك بالفعل ولا يزال، مع أنّ كمية الإرهاق زادت بسبب زيادة عدد الرسائل وظُهور رسائل ذات مضامين فلسفية ومناطقية وشخصية لا تَصلح للنشر، كما أنّ بعض القُرّاء يُصر على الاتصال هاتفياً لتوصيل رسالته وهو أمرٌ مرهقٌ برغم أنّ الحديث المُباشر أسهل وأصدق من الكتابة.
من خلال التجربة السّابقة بصحيفة “الوطن” الغرّاء تطوّرت التجربة إلى تكوين رابطة قراء عسل مختوم، حيث نظموا بالفعل عدة جلسات اجتماعية، بل ونظموا احتفالاً صغيراً مُعبِّراً عند سفري للعمل خارج السودان وكانت لفتةً رائعةً تؤكد على حميمية العلاقة، وعندما بلغنا خبر وفاة أحد القرّاء الأعزاء من سكان الحاج يوسف، رافقتُ السيد رئيس التحرير سيد أحمد خليفة وقُمنا بأداء واجب العزاء لأبنائه، وسعدتُ بذلك التفاعُل الإنساني من أبو السيد عليه رحمة الله .
أتفهّمُ أنّ بعض القُرّاء الكرام يحرص على نشر اسم قريته من باب الوفاء لها، البعض لا يُحب ذكر اسمه لتقديرات تخصّه ونحترم ذلك ونلتزم به، والأهم أن بعض القراء على مُستوىً عالٍ من المُتابعة والإدراك والمُواكبة للأحوال والتطوُّرات العامة ويبعثون برسائل ذات قيِّمة عالية، ولعلكم تلاحظون حرصنا على نشر الرسائل كافة سواء اتّفقت أو اختلفت مع ما يطرحه العمود، لأنّ الاختلاف هنا مَطلوبٌ ومَحمودٌ، طالما كان بلغةٍ مُحترمةٍ ودُون تجاوُز داخل حدود الآخرين .
أتمنى أن تستمر هذه التجربة ولا تقطعنا عنها القواطع ولا تشغلنا عنها الشواغل، فكلنا نبحث عن أرزاقنا وتستهلكنا الاجتماعيات وتؤثر عليها الظروف الصحية والأسرية والشخصية، والرجاء أن يُساعد الإخوة القراء عبر اختصار رسائلهم وتذييلها بأسمائهم حتى وإن لم يرغبوا في نشرها، والتركيز على الموضوعات والقضايا ذات الفائدة العامة ما أمكن ذلك، مع مُلاحظة أنّ النشر يتم في الغالب حسب الأولوية وحسب الموضوع وحسب المساحة المُتاحة .
رسالة بسيطة قد تكون ذات قيمة عظيمة، وما تتضمّنه من إشارات قد يبارك الله فيها فتؤثر ويمتد أثرها وتكون بدايةً لإصلاح ولبنة في بناء، ويكون لك إن شاء الله أجرها وأجر من عمل بها .
وافر التقدير وعظيم الاحترام .
الرقم 0912392489 مُخَصّصٌ فقط لرسائلكم النصية