د. حيدر.. إلا الجيش!
اطّلعت على الحديث الذي يُمكن أن أسمِّيه بـ(الأخرق) للدكتور حيدر إبراهيم، والذي طَالَبَ فيه بحل الجيش السوداني في مُنتدى “كباية شاي” الأسبوعي بصحيفة “التيار”.
فالقوات المسلحة ليست حزباً سياسياً أو مَليشيا قبليّة ليُطالب حيدر بحلها، وكلّنا يَدرك أن كل الأحزاب السياسية تسعى لزرع عددٍ من منسوبيها في تلك المُؤسّسة القومية لخدمة أجندة حزبيةٍ! ومعلومٌ ذلك من خلال تورُّط أحزاب في انقلابات عسكريةٍ ذات طابعٍ حزبي أو تقليدي أو يساري أو إسلامي وآخرها انقلاب الإنقاذ الذي كان بتدبيرٍ من الجبهة الإسلامية بمُعاونة أفرادها الذين غمستهم داخل القوات المسلحة.
فمثل تلك المُمارسات هي التي شَرَخَت جدار القوات المُسلّحة، ولكن رغم ذلك ظلّ هناك قادة في تلك المُؤسّسة لم يتبدّلوا أو يتلوّنوا، بل ويَسعون لتصحيح مسار القوات المسلحة إن رأوا تنشينها خارج التختة.
نقول للدكتور حيدر، إنّ القوات المسلحة واحدة من المؤسسات التي لا تفوت أصابع اليد مُحافظة على قوميتها، فلا تهدموها، كما هُدمت الخدمة المدنية وكثير من مُؤسّسات الدولة والتي لن تَستطيع النهوض في القريب العاجل أو البعيد بسبب أنّ الضربة في النخاع الشوكي.
وكل تلك المُحاولات لم تسلب الجيش وطنيته وديمومة صحوة ضميره، فلم يتأخّر عن أدواره عندما انحاز للجماهير وحسم الأمر لصالح الشعب في أكتوبر 1964 وأبريل 1985، وانحيازه الأخير لثورة ديسمبر، ومعلومٌ أنه لولا الجيش والدعم السريع التي تُعد أحد أركان تلك المؤسسة لما سقطت الإنقاذ!
من يُشكِّكون في المُكوِّن العسكري ويُطالبون بإبعاده منذ نجاح ثورة ديسمبر، هم ذاتهم من طالبوا في بادئ الأمر بالانحياز لهم وإسقاط حكومة البشير.
يجب أن نبعد قواتنا المُسلّحة عن أيّة مُزايدات سياسية أو الزَّج بها في الملعب السِّياسي لتحقيق مكاسب، وهُنا لا بُدّ من الإشارة للوعي الذي تمّ في أذهان الكثيرين، خاصةً كثير من قيادات الحُرية والتّغيير والتي أدركت أهمية القُوّات المُسلّحة في المُحافظة على أمن واستقرار السودان وتأمين الثورة.
دكتور حيدر.. أبعد عن الجيش ومارس السياسة في أيِّ ميدان آخر.