فضل الله رابح
حرام على (حميدتي) حلال على بلابلهم..!!
يعتبر النظام الديمقراطي أفضل ما أنتجه الفكر العلماني الغربي في مجال الحكم، وذلك في مقابل الحكم الشمولي والنظام الثيوقراطي، ولكن دعاة الديمقراطية المزعومة في بلادنا وجدوا أنه الخطر الأول عليهم، وبدأوا يكيدون له، لا سيما بعد اعتماد الغربيين في نظرياتهم في الديمقراطية النيابية كأسلوب في كل دول العالم خاصة الدول التي تتميز بعدد كبير للسكان مثل السودان، وهو مصدر مخاوف قيادات تجمع المهنيين المبتورة التي لا قاعدة لهم ولا تجربة.
أن يمنح الشخص أو الحزب صاحب الأغلبية الديمقراطية الحق في تغيير هوية المجتمع السياسية بل ربما تغيير النظم والقوانين الضابطة للعملية الديمقراطية ذاتها، فهذا يمثل ثمة ضوء يكشف حقائق وحكاية هي الأبقى. هذا الحق الحصري مخصوص لصاحب أغلبية الأصوات وليس صاحب الصوت العالي إعلامياً أمثال قيادات تجمع المهنيين الذين لا تؤهلهم قدراتهم الشعبية للجلوس على كرسي القيادة التي من خلالها يضع صاحبه أصول وأسس وتراتبية القوانين العليا للدولة وعلى رأسها الدستور.
سُقتُ هذه التقدمة في مساق التعليق على الهياج الذي أقدم عليه تجمع المهنيين في مؤتمره الصحفي الذي تحدث فيه محمد ناجي الأصم محتجاً ومعترضاً على مقابلة لجان المقاومة لنائب رئيس المجلس السيادي وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو واعتبروها خيانة للثورة وأدبياتها وضياعاً لمكاسبها، ومحمد ناجي نفسه يجول العالم من أقصى الشرق الى تخوم الغرب دون أن يستشير أحداً من قوى الحرية والتغيير ناهيك عن تجمع المهنيين، لكن هذا واقع أصحاب الأقلية التي لا تقر الديمقراطية المباشرة لتكون أكثر تعبيراً عن هوية الشعب وإرادته، وهو الباب الذي وجده (حميدتي) مناسباً للدخول عبره والعمل من خلاله وسط المجتمع والأكثرية الصامتة من أهل السودان.
لكن الأمر لا يعجب من يمثلون قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، وهم يحاولون زوراً تجيير واحتكار الديمقراطية بأقليتهم وتجري محاولاتهم الآن لسن قوانين وتشريعات لتقرر في مصير شعب بكل تنوعه وبلد بكل جغرافيته المترامية الأطراف، يحاولون وضع ملامح لتكون لبنة لمواد الدستور المقبل الذي يكون المرجعية العليا لكيفية حكم البلاد.
وهو الأمر الذي يحاول المجتمع وتكويناته الحية وعلى رأسها الشباب التصدي لها بكل ما يملكون من قوة من خلال خطوات شباب السودان الذين قادوا التغيير في الأحياء والمدن وأحرزوا التقدم الذي حققته الثورة السودانية في معظم المجالات وما لقاءات شباب لجان المقاومة لحميدتي ومحاولاتهم المستمرة التحرر من قيود الأصم ومجموعته التي تريدهم كائنات معلبة يتلقون عنها التنويرات ولا يشاركون الفعل وما محاولات هؤلاء الشباب ومؤتمرهم الصحفي الذي عقدوه بوكالة السودان للأنباء إلا صورة أكثر وضوحاً وتقدماً في وعيهم على المستوى العملي والعقلاني لأنهم علموا بالتجربة العملية أن العلمانيين وواجهاتهم لا تخلص لهم ولا يعبرون عن إرادة أهلهم وقواعدهم ولا يحترمون إرادة الأغلبية بل يصنفون تحركات الشباب مرة بالجهل ومرات بالجهوية وأنها تشترى بأبخس الأثمان، وفي هذا عدم احترام لعقول هؤلاء الشباب وخوف ونقض لأسس التحاكم إلى الصندوق التي ينادون بها.
إن الأصم وشلته يلجأون إلى تخوين الآخرين والخرق الصريح لكل شعاراتهم معتمدين على بعض الجوقة الإعلامية، ومن أكثر الأمثلة فجاجة في هذا الواقع محاولة (الأصم) وأعوانه التنكر لأحزابهم وعدم اعتمادهم عليها سلماً للصعود، وإسناد ظهورهم على هذا الجسم الهلامي (تجمع المهنيين)، لأنه جسم فطير وبلا هيكل سياسي معروف، وهو جسم ذو أفقية بلا تسلسل هرمي قيادي مقيد للصعود إلى كرسي الحكم.
نسي الأصم أن حرية الشباب الذين انتفضوا وأطاحوا بالإنقاذ لا سقف لها سيخرجون متى ما رأوا ما يخالف فطرتهم السوية ولكل وعادات وتقاليد المجتمع السوداني السمحاء.
هذا الجيل الثائر لديه القدرة على إبداء رأيه وبمقدوره أحسنت وللمسيء أسأت اليوم رأوا في حميدتي شخصية ود البلد فأنصفوه وهو إثارة العلمانيين الذين يحاولون شيطنة الكل يطلقون الفتاوى الشاذة لتشويه صورة الآخرين، ويحاولون في نفس الوقت إقناع الآخرين بضلالاتهم ويحاربون بكل ضراوة ليس لأجل المحافظة على الملك الذي سرقوه، ولكن لإغلاق كل الأبواب على الديمقراطية الحقيقية، وتكريس المكاسب التي توفرت لهم من أجل تأليب الشباب والمجتمع ضد مؤسساته والشخصيات الفاضلة، لكن الواقع كثيرا3 ما يفضحهم ويهزم مؤامراتهم.